زيارة أريحا الممنوعة: كشفت عار التطبيع العربي

رام الله – الشاهد| خط الكاتب إبراهيم النقرش مقالاً حول منع الاحتلال لعدد من وزراء الخارجية العرب من زيارة الأراضي الفلسطينية بداية الشهر الجاري، وهي خطوة كشفت حالة الإذلال التي تعامل بها حكومة الاحتلال الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية، وفيما يلي نص المقال كاملاً.
في مشهد يعكس مدى التردّي الذي وصل إليه الواقع العربي، مُنع أربعة وزراء خارجية دول عربية كبرى وعلى رأسهم أمين عام جامعة الدول العربيه(المصونه) والذي إستبق الزياره بتصريح (تحسيس) بعدم جدوي قطع العلاقات مع اسرأئيل والذي لم يشفع للوفد بختم العبور.
ودخول مدينة أريحا لزيارة( رحمنا المحروس هناك)رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فيما بدا وكأنه إهانة علنية من السلطات الإسرائيلية لحكومات كانت – ولا تزال – من أكثر الداعمين لمسار السلام والتطبيع والعلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب. ما حدث لم يكن تصرفًا فرديًا أو إجراءً أمنيًا عابرًا، بل كان صفعة عسكريه سياسية مكتملة الأركان تُجسّد كيف ترى إسرائيل حلفاءها العرب: أدوات لا شركاء، ومرتهنين لا مؤثرين، وتابعين بلا وزن.
لقد بنى بعض القادة العرب رهاناتهم الكبرى على وهم أن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل سيفتح باب التأثير عليها ويكسب احترامها، وربما يساهم في تخفيف معاناة الفلسطينيين أو خلق توازن سياسي جديد في الإقليم. لكن الوقائع على الأرض، من حرب غزة المستمرة إلى التوسع الاستيطاني، ومن الحصار إلى القمع والتنكيل، تثبت أن إسرائيل لا تكترث لهذه العلاقات، ولا تمنحها أدنى وزن، بل تستغلها لتعزيز شرعيتها وتحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، دون أي التزام أخلاقي أو سياسي تجاه الجانب العربي.
أين هي ثمار التطبيع؟ أين هو “السلام الدافئ”؟ كيف تُمنع وفود عربية رسمية من دخول أراضٍ تحت إشراف سلطة يفترض أنها “شريكة سلام”؟ الجواب واضح: إسرائيل ترى نفسها إمبراطوريه استعمارية مهيمنة، لا تُخفي نواياها ولا تحترم من يهادنها، بل تحتقره أكثر. بالرغم أن من العرب من كان لها وِثار ودِثار غطّى ودفّى، وسكت عن الجرائم، وقطع الحلاوة لهم على قد اسنانهم خلال الحرب على غزة، جُوزي بالإهانة والتجاهل، وكأن الثمن المدفوع مقابل التهميش لا الشراكة.
الأدهى أن هذا الاستخفاف الإسرائيلي لا يقتصر على السلوك تجاه الحكومات، بل يمتد إلى استخفاف واسع بالشعوب العربية، التي تُغرقها أنظمتها في غيبوبة اللاموقف، وتشتت الوعي، وإشغالها بمعارك يومية تافهة لتخدير الذاكرة الجمعية وشل الإرادة الجماعية. لقد تحولت القومية إلى سُبّة وعار، والنضال إلى عبء وجريمه، والمقاومة إلى تهمة ومحاكم ، في حين أصبح التغنّي بالسلام المزيف وشعارات “التسامح” و”الاستثمار” هو عنوان المرحلة، رغم أن من يعيش تحت نير الاحتلال يُذبح يوميًا دون أن يجد من ينتصر له حتى بالكلمة.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=89667