سياسات السلطة الاقتصادية فاشلة وتتبنى إدارة الأزمات بالترحيل

رام الله – الشاهد| قال الكاتب والمحلل السياسي مروان طوباسي إن الاقتصاد الفلسطيني لم يعد يقف على حافة الهاوية كما كنا نعتقد، بل تجاوزها فعليا، وسقط في هاوية الانهيار البنيوي العميق بفعل سياسات السلطة الفلسطينية.
وقدم طوباسي تشخيصا حادا ومباشرا لحالة الانكشاف السياسي والاقتصادي التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، محذرا من انهيار منظومة كاملة ، وليس مجرد أزمة عابرة في إدارة المال العام.
وذكر أن نسبة الدين العام صعدت إلى ٨٦ ٪ من الناتج المحلي في نهاية ٢٠٢٤ ، مع توقّعات بتجاوز ٩٦ ٪ في غضون عامين غير أن ما هو أخطر من الرقم ذاته هو أن أكثر من نصف هذا الدين عبارة عن متأخرات تراكمية، تشمل رواتب غير مكتملة لموظفي السلطة، مستحقات للمستشفيات وشركات الادوية وغيرها ، والتزامات غير مدفوعة لصندوق هيئة التقاعد والقطاع الخاص والتي بلغت بحدود ٦ مليارات دولار.
وبين طوباسي أن هذا الانكشاف لا يعني فقط خللاً في السيولة، بل يعكس فشلا هيكليا في نموذج اقتصادي سياسي يقوم على إدارة الأزمات بالترحيل والاقتراض، لا على التخطيط والسيادة غير المتاحة بحكم استمرار الأحتلال والتنكر لكافة الاتفاقيات من جانبه.
وقال إن السلطة، التي نشأت في ظل معادلة سياسية مختلة وبحكم سياسة الاحتلال على تقويض مكانتها ودورها، تحولت إلى كيان مستنزف، يستدين من البنوك المحلية لسداد الرواتب، ويكدس الديون على حساب المواطن والمستقبل القادم، مهددا استقرار النظام المصرفي برمته. وفي
وأوضح أن السلطة لا تملك أدوات فعل حقيقية، لا على مستوى السياسات الاقتصادية أو القرار السياسي، في ظل الأحتلال وتصاعد جرائم سياساته وإجراءاته، والانقسام
، والتبعية، وغياب الشرعية الشعبية الانتخابية بعد تعثر إجرائها لأسباب عدة منذ عقدين من الزمن.
ونوه طوباسي إلى أنه وبدلاً من مواجهة هذه التحديات بخطاب سياسي ومجتمعي موحد وجامع مقاوم، تتجه حكومة السلطة الفلسطينية نحو قرارات تكرس انفصالها عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي وزيادة العبئ على الناس، كما ظهر مؤخراً في قراراتها الرامية إلى تقليص التعامل النقدي وفرض الدفع من خلال بطاقات الإعتماد البنكي في ظل ارتفاع هائل بالاسعار وغير مبرر في جوانب منه .
وأكد أن السلطة تتخذ قرارات مصيرية بمعزل عن احتياجات الناس وهمومها ولا تساعد في شعارات الصمود والبقاء، وتُفرض أدوات تكنوقراطية في سياق لا يملك أدنى مقومات السيادة على الأرض وفق وصف ما جعلها سلطة بدون سلطة.
وأشار إلى أنه لم يعد ممكنا للسلطة الاستمرار في لعب دور “رب العمل” الذي يدفع الرواتب كنموذج ريعي يعتمد أيضا على المساعدات الدولية التي غابت أو تراجعت وفق التقرير من ٢٧ ٪ من الناتج المحلي عام ٢٠٠٨ الى فقط ٢ ٪ عام ٢٠٢٤ ، بينما يعجز عن حماية الحد الأدنى من الحقوق أو تحفيز التنمية او حماية شعبنا.
وقال طوباسي: “نحن بحاجة إلى سياسات وطنية تعيد الاعتبار لمفهوم المقاومة السياسية للدولة تحت الاحتلال، لا كإدارة محلية، بل كأداة تحررية ذات مشروع اقتصادي مقاوم”.
وختم: “لا يمكن لأي خطة لتطويره الاداء وإصلاح النظام السياسي أن تنجح دون عقد اجتماعي اقتصادي جديد، يتأسس على الثقة والعدالة والشفافية.. العقد الذي نحتاجه ليس مع المانحين أو المؤسسات الدولية ، بل مع أبناء شعبنا.. نريد اقتصادا يعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني، ويجعل من التنمية مشروعا وطنيا، لا مجرد إدارة أزمة متواصلة”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=90291