عبر السلطة وأجهزة أمنها.. كيف حيدت “إسرائيل” الضفة عن غزة منذ 7 أكتوبر؟
رام الله – الشاهد| قال الكاتب المختص في شؤون الضفة الغربية ياسين عز الدين إن “إسرائيل” استطاعت تحييد جبهة الضفة الغربية عما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر 2023.
ورأى عز الدين في مقال أنه ومنذ 7 أكتوبر اعتقد كثيرون أن “إسرائيل” ستسحب قواتها من الضفة إلى غزة ما يعطي المقاومة مساحة للعمل، إلا أن ما حصل العكس تمامًا حيث عزز الجيش وجوده بالضفة.
وبين أن مشكلة غالبية الناس أنهم لا يأخذون بعين الاعتبار أن “إسرائيل” تعلمت من تجاربها السابقة واتخذت إجراءاتها وتأخذ بالحسبان أسوأ السيناريوهات ولديها موارد كبيرة، بينما نواجهها بنفس أساليبنا وتكتيكاتنا المكشوفة، لذا لا تتوقعوا الكثير، طبعًا لا ننسى دور السلطة الذي لا يمكن تجاهله.
ولخص عز الدين أهم العوامل التي ساعدت “إسرائيل” بتحييد الضفة وأبرزها تحييد العامل الشعبي من خلال التعزيزات الأمنية والحواجز في الضفة والداخل، والاعتقالات الاستباقية للشخصيات الشعبية المركزيين، واستنزاف مناطق المواجهات بضربات استباقية عبر المداهمات الدائمة والتنكيل بالناس.
ونبه إلى أن تكثيف الجيش بالضفة لم يكن هدفه حراسة المواقع والمستوطنات بل استنزاف المجتمع من خلال الهجمات المتكررة والمداهمات والاعتقالات.
وذكر أن “إسرائيل” اعتقلت منذ بدء الحرب أكثر من 13 ألف فلسطيني مع تركيز على الأشخاص الفاعلين في التنظيمات والحراكات الشعبية.
وكذلك تحييد المقاومة من خلال تشديد الرقابة على تهريب السلاح والمواد المستخدمة بالتصنيع سواء القادمة من الداخل أو الأردن.
وعرج الكاتب على منظومة مراقبة متطورة جدًا بناها الاحتلال خلال 20 عامًا، مكونة من شبكة هائلة من كاميرات مراقبة والتجسس على الهواتف وطائرات مسيرة ووسائل أخرى والاستعانة بالذكاء الصناعي لتحليل المعلومات مع تكثيف سياسة الاغتيالات والتصفية للمقاومة شمالي الضفة.
وأكد عز الدين أن السلطة لعبت دورًا مهمًا لتمكين الاحتلال من دخول مخيم جنين وتوجيه ضربات قاصمة للمقاومة شمال الضفة، منذ نهاية 2024 عندما بدأت العمل العلني مع الاحتلال وتناوب الهجمات بينهما.
وأشار إلى أن ذلك عد تطورًا خطيرًا في تنسيقها الأمني الذي يدور في ثلاث محاور: 1- تقديم المعلومات للاحتلال. 2- بث الإحباط في صفوف المجتمع واقناعه بعدم جدوى مقا9مة الاحتلال. 3- اعتقال المقاومة.
وبين الكاتب أن السلطة انتقلت بهذه المحاور إلى مرحلة العلنية وزيادة كفاءة التنسيق مع الاحتلال.
بينما أعاد الاحتلال (بالتعاون مع السلطة) تشكيل وعي الناس في الضفة بإقناعهم بعدم جدوى المقاومة وأن مصيرها إلى الفشل كما حدث بعد اجتياحات عام 2002م وما تلا ذلك، واليوم يلعبون على وتر عدم تكرار ما يحصل في غزة.
ونوه إلى أنه ذلك رغم تدهور الوضع في الضفة لا نجدا نفجارًا لأن الناس وصلوا لمرحلة اليأس من التحرك سواء شعبيًا أو عسكريًا، كما أن الاحتلال يراعي مراحل التدرج في التضييق وخنق الناس.
ورأى أن الاحتلال أشغل الناس في دوامة الأزمات المالية والمعيشية، فلم تكن أزمة المحروقات خلال الحرب مع إيران صدفة بل لعبت على وتر غريزة البقاء حتى لا يفكر الناس باستغلال الحرب للانتفاض.
وكذلك نفس الشيء ينطبق على الخصم من المقاصة والرواتب المنقوصة وأزمة الشيقل في البنوك، والحواجز بحد ذاتها هدفها خنق الاقتصاد حتى يبقى المواطن يدور في دوامة الأزمات الحياتية.
وعن الحل، رأى عز الدين أنه لا توجد حلول سحرية لكن هنالك خطوات يجب السير بها.
ودعا لدراسة كافة السبل لإنعاش الساحة الشعبية والبحث عن بدائل للشخصيات المركزية المغيبة في سجون الاحتلال والتفكير خارج الصندوق، بالإضافة لإعادة تفعيل الدور الجماهيري للجامعات والمدارس المجهض بلعبة “الدوام الإلكتروني”.
وطالب بتجديد وسائل المقاومة الشعبية والبحث عن نقاط الضعف في المنظومة الأمنية بالضفة، كتكثيف إغلاق الطرق الاستيطانية بالحجارة.
وحث الكاتب لى توعية الناس بجدوى المقاومة فهذا الذي ينقصهم، فالمعظم في الضفة يدرك الحاجة الملحة لعمل شيء ما لكن ما يقتلهم هو الخوف من المبادرة وعدم القناعة بجدواها.
ورأى أن هذا الجانب مهم جدًا ويجب العمل عليه بشكل دائم ودؤوب والتغيير لن يأتي في يوم وليلة، ويحتاج لخطة إعلامية محكمة.
وناشد للمفاصلة السياسية مع السلطة، فالعلاقة الملتبسة مع السلطة تربك الناس بما يسمح لها ببث الإحباط وتدمير المعنويات ونشر فكر عدم الجدوى.
وبين أن العلاقة الملتبسة هي أن فصائل الـمقاومةةتنتقد السلطة اليوم ثم تتحاور معها غدًا، هذا يجب أن ينتهي وأن يكون الموقف حاسمًا وواضحًا ولا أقصد الصدام معها إنما الموقف السياسي والإعلامي منها.
ودعا إلى الاستعداد لليوم التالي: فجيش الاحتلال لن يستطيع البقاء بحالة استنفار في الضفة للأبد، ولا بد أن يضعف استنفاره بمرحلة ما وعندها يجب أن تكون المقاومة جاهزة للانطلاق فورًا واستغلال الفرصة.
وختم بالدعوة للتفكير بحلول عملية للتغلب على منظومات المراقبة بمختلف أشكالها ووسائلها.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=90344