في رمضان.. حرب السلطة على مساجد الضفة لا تضع أوزارها

في رمضان.. حرب السلطة على مساجد الضفة لا تضع أوزارها

رام الله – الشاهد| لا تضع حرب السلطة الفلسطينية المفتوحة على مساجد الضفة الغربية المحتلة أوزارها حتى في شهر رمضان المبارك بل يدفعها لتحويلها إلى مسرح للانتهاكات والتجاوزات في حريات لا يتعدى سقفها عصا أجهزتها الأمنية.

“إثارة الفتنة، التحريض، قدح مقامات عليا”، 3 تهم دائمًا ما تستند إليها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية، لإحكام الخناق وفرض العقوبات وفتح باب إقصاء الخطباء وأئمة المساجد “ممن يغردون خارج سرب ونهج السلطة”.

العقوبات والإقصاء والإبعاد وفي أحيان كثيرة الاعتقال تزداد ذروتها في شهر رمضان، إذ طال ولا يزال عشرات الأئمة والخطباء، حتى باتت عديد المساجد بلا خطيب، وتبحث مساجد أخرى بشق الأنفس، بأحدث تجلي لسياسة العقاب وتشديد الخناق على المساجد.

وليد الهودلي خطيب مدينة رام الله طاله مقص السلطة الحاد، إذ منعته من الصعود على منابر المساجد، بتهمة “قدح مقامات عليا، وبث روح الفتنة بين المصلين”، ليُضاف اسمه لقائمةخطباء وأئمة طالهم نهج السلطة القمعي ولم يشفع لهم خبرتهم ومسيرتهم الدعوية الحافلة.

الداعية الهودلي (58عامًا) يقول إن حدث معه هو “قمع وتجاوز للقانون والحرية والرأي وتطبيق لنهج السلطة في قمع الخطباء”.

ويوضح: “منع صعودي على المنابر للخطابة كان بتهمة قدح مقامات عليا، وبث روح الفتنة بين المصلين، بعد خروجي عن موضوع الوزارة لخطبة الجمعة وهو السلامة المرورية”.

“لا أريكم إلا ما أرى”

ويبين أن الأوقاف تطرح على الخطباء “مواضيع عادية وليست بدرجة كبيرة من الأهمية، مقارنة ببقية القضايا الوطنية الشائكة والصعبة التي يعانيها المواطن.. وفي حال تجاوز الخطيب الموضوع لقضايا أخرى أكثر أهمية وحساسية ووطنية، فإن التهم جاهزة له ويُبعد عن المنابر والخطابة”.

ويلفت الهودلي إلى أن الأوقاف تريد من خطباء الضفة أن يكونوا كـ”شرطي المرور”؛ يطبق القرارات دون زيادة أو نقصان.

ويوضح أنّ “تناول قضايا وطنية وهامة تتعلق بالاحتلال ومعاناة شعبنا من ممارساته، وقضايا حصار غزة، والانقسام، ودعم المقاومة، أو حتى المطالبة بالرد ومواجهة إسرائيل، باتت مواضيع تؤدي لعقوبة وإقصاء من السلطة الفلسطينية”.

ويذكر أن المنع والإيقاف والاعتقال شمل المئات من الخطباء لتطرقهم في خطبهم لمواضيع حساسة وقوية تمس المواطن وهمومه، وأزعجوا السلطة بانتقاداتهم الجريئة والواضحة.

وتحدد السلطة الفلسطينية مواضيع خُطب الجُمع وتصدر تعميمًا مكتوبًا لجميع خطباء المساجد قبلها بيوم، تحدد فيه عنوان “خطبة الجمعة”، ومحاورها وحتى الآيات القرآنية التي يستشهد بها الخطيب، وكل من يخالف التعميم ويتطرق لمواضيع سياسية أو أخرى تنتقد السلطة أو نهج الرئيس محمود عباس وخطواته، أو دور مؤسسات السلطة، يبلغ فوراً بمنعه من اعتلاء المنابر، وإخضاعه لعقوبات تصل للوقف عن الخطابة مدى الحياة أو الاقتطاع من راتبه الشهري أو الاعتقال بسجونها.

ويوجد في الضفة الغربية نحو 1120 مسجدا تحتاج إما إماماً وإما خطيباً؛ ما يؤدي إلى حدوث إشكالات كثيرة في تنظيم أعمال المساجد على صعيد خُطب الجُمع، وانتظام الصلوات والشعائر الدينية كافة، ويُحدث إرباكاً كبيراً بين المواطنين.

ديكتاتورية السلطة

مساجد الضفة الغربية تخضع لمراقبة دورية من أجهزة أمن السلطة التي تضعها تحت مقص الرقابة الحازم، والمعايير المشددة على الخطباء لالتزام بمواضيع وزارة الأوقاف، ومعاقبة كل من يخرج عن السياسة التي ترسمها.

وباتت المساجد لا تجد خطباء للصعود على منابرها أو أئمة للصلاة، بسبب العقوبات وقرارات الإيقاف والإبعاد، والقلق والإرباك اللذين أدخلتهما مؤسسات السلطة الأمنية في شوارع الضفة.

الناشط السياسي محمد عايش يقول إن السلطة ووزارة الأوقاف تسيطرا بشكل كامل على المساجد بالضفة، وتمنعان أي أنشطة دعوية أو دينية بداخلها، بما فيها حلقات تعليم وحفظ القرآن الكريم.

ويوضح عايش في تصريح أنه عند كل اشتعال للأحداث في الضفة الغربية ترسل السلطة كتبا رسمية تطالب الخطباء بموضوع معين، بعيدًا عن الأحداث القائمة”.

ويذكر أن “السلطة تعلم جيدًا أن للمساجد وخطبة الجمعة تأثيرًا مباشرًا وقويًا على الناس، لذلك ترسل التعميمات الرسمية للخطباء والأئمة، بهدف عدم الحديث عمّا يجري في الشارع”.

ويبين أن وزارة الأوقاف تفصل أي خطيب يخرج عن عنوان الخطبة المرسل من قبلها، إذ ينتشر مندوبو أجهزة السلطة بالمساجد، ويرسلون التقرير إلى قادة الأجهزة الأمنية، ثم ترسل قرارات الفصل وحرمان الخطيب من الخروج على المنابر.

ويلفت إلى أن هناك حالات عديدة لخطباء مساجد وحرمانهم من العودة للخطابة، أو اعتلاء المنابر، لخروجهم عن النص وعنوان الخطبة المرسل من وزارة الأوقاف.

إغلاق