أزمة تكدس الشيقل.. اختناق نقدي أم خلل هيكلي؟

أزمة تكدس الشيقل.. اختناق نقدي أم خلل هيكلي؟

رام الله – الشاهد| تتزايد الدعوات لتجاوز الحلول التقنية المؤقتة لأزمة تكدس الشيكل في السوق والمصارف، بالتوجه صوب إصلاحات بنيوية في العلاقة التجارية مع “إسرائيل”، باعتبارها الجذر الرئيسي للمشكلة التي تعمق اختلال الاقتصاد الفلسطيني وتعيق نموه.

الباحث الاقتصادي مسيف مسيف من معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) قال إن “الحل لأزمة تكدس الشيكل لا يكمن في تقنيات مثل الدفع الإلكتروني”، موضحًا أن هذه الوسائل “قد تخفف من الفائض النقدي في البنوك، لكنها لا تزيل التكدس من السوق أو من أيدي المواطنين”.

وأوضح مسيف أن تراكم الشيكل في الاقتصاد الفلسطيني يعود إلى هيكلية التجارة الحالية، إذ تعتمد الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل كبير على الاستيراد والتصدير مع “إسرائيل”، إلى جانب التدفقات النقدية من الداخل المحتل والقدس، وهي عناصر تغذي دخول كميات ضخمة من الشيكل دون قنوات لتصريفها خارج الدورة المالية المحلية.

وبين أن الحل الحقيقي يتطلب تغييرا في النمط التجاري مع الاحتلال، والتركيز على فتح أسواق خارجية للصادرات الفلسطينية، مما يسمح بضخ عملات أجنبية وتخفيف الاعتماد على الشيكل، وبالتالي كسر الحلقة المغلقة التي تؤدي إلى التكدس المتكرر.

وتشير تقديرات سلطة النقد إلى أن البنوك تعاني من عجز في تصريف ما يقارب 6-7 مليارات شيكل متراكمة، بسبب رفض البنوك الإسرائيلية استقبال الأموال نقدًا منذ أشهر.

هذا الوضع ينعكس على قدرة البنوك على توفير السيولة المطلوبة، ويفاقم من القيود المفروضة على الحركة النقدية في السوق المحلي.

وكانت السلطة طرحت عدة حلول بينها التوسع باستخدام الدفع الإلكتروني وخفض التعاملات النقدية، إلا أن هذه الإجراءات تبقى محدودة الأثر، ما لم يُعالج الخلل الهيكلي في اتفاقية باريس الاقتصادية التي كرّست التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.

ويرى خبراء أن أزمة الشيكل لا تنفصل عن الأزمة المالية الأوسع التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، والتي تشمل انقطاع أموال المقاصة، وتراجع المساعدات الدولية، واستمرار فجوة الرواتب.

وتطرح الأزمة تحديات أمام النظام المصرفي، وتؤثر مباشرة على الحياة اليومية للمواطنين في ظل شلل اقتصادي متزايد.

باحثو معهد “ماس” وغيرهم يؤكدون أن تحقيق سيادة اقتصادية يبدأ من مراجعة العلاقة مع الاقتصاد الإسرائيلي، وتطوير القطاعات الإنتاجية، خصوصًا الزراعة والصناعة، بما يقلل من العجز التجاري ويفتح نوافذ جديدة لتدفقات نقدية بعملات مستقرة.

إغلاق