في رمضان.. من يُصفد زبانية التعذيب في سجون السلطة؟

في رمضان.. من يُصفد زبانية التعذيب في سجون السلطة؟

جنين – الشاهد| تُقلّب المسنة أم محمد أبو عميرة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، علها تقرأ خبرًا عن نجلها المعتقل منذ أشهر في سجون أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، مع دخول شهر رمضان المبارك.

ولم تفق أم محمد من الصدمة التي سيطرت عليها منذ تسريب صورته بزنزانة ضيقة في أحد سجون السلطة بيناير الماضي، وهو مصاب بجروح بأطرافه ويرتدي ملابس ممزقة، والتعب الشديد يبدو عليه.

الأم المكلومة تقول: “اعتقلوه وهو مصاب وبدأت رحلة تعذيب بحقه، بدلاً من نقله للمستشفى للعلاج.. حولوه إلى التحقيق ووضعوه في الزنازين الانفرادية”.

تتساءل والغصة تملأ قلبها: “هل عرضوه على الطبيب وخضع للعلاج.. حاولنا علاجه خارج مخيم جنين بعيدا عنهم”.

تكمل أم محمد: “هل يعقل أن يعاملك ابن شعبك كأنك عدو! هل هذا هو الواجب تجاه عائلة قدمت الشهداء والأسرى!”.

وأبو عميرة هي أم الشهيد أمير الذي ارتقى يوم 21 مايو 2024 في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وتعبر أم محمد عن امتعاضها: “لماذا يتركونه تحت التعذيب في سجونهم.. ألا يوجد حرمة لشهر رمضان الفضيل.. قلوبنا تتفطر عليه ولا تمر دقيقة دون أن نفكر ما هو حاله الآن”.

وتشير: “لا أدري ماذا حل به بعد التقاط الصورة.. هل واصلوا تعذيبه وضربه! هل يجد سحورًا وفطورًا.. هناك ألف سؤال يدور في ذهني ولا أجد له جوابًا”..

تعذيب قاس

الحال ذاته تمر به عائلة المعتقل عمرو الشامي مع تأكدها من تكسير أجهزة السلطة الفلسطينية أطرافه وتعرضه لتعذيب قاس لزنازينها سيئة الصيت والسمعة منذ اعتقاله في 25 ديسمبر الماضي من منزله في مدينة جنين.

والده القيادي في حركة فتح شامي الشامي يجد نفسه قلقًا للغاية على حال نجله لما يعرفه عن سجل انتهاكات أجهزة السلطة وتاريخها الطويل في مسلسل التعذيب.

ويقول إنّ: “التعذيب الذي تعرض له نجله يعكس حالة انتقامية غير مبررة.. ظهر مصابا الكسور والخدوش بكل أنحاء جسده بعد أقل من 24 ساعة على اعتقاله”.

ويوضح أن هيئة المحكمة لاحظت التعذيب المرعب فكشفت عليه ودونت ملاحظاتها الظاهرة للعيان وأهمها عدم قدرته كسر يديه وانتفاخهما والخدوش والرضوض المختلفة بجسده.

لكن ذلك لم يردع، وفق الأب، أمن السلطة الذين واصلوا تعذيبه، ويقول: “زادوا من التعذيب وكسروا ساقه.. المحكمة أوعزت للنيابة بفتح تحقيق لكن دون جدوى”.

ويتساءل الشامي ما هي غايات من وراء هذه الممارسات، وكيف يتصرف رجل أمن بعقلية الانتقام؟.. وما النتائج التي ستفضي إليها حفلة الانتقام هذه سوى تدمير المكونات الاجتماعية ونشر الأحقاد بين الناس”.

ويطالب العقلاء في المجتمع الفلسطيني بكبح جماح انتهاكات  أجهزة أمن السلطة وتجريم التعذيب وإعمال سيادة القانون.

سلوك ممنهج

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تؤكد أن التعذيب سلوك ممنهج لدى أجهزة السلطة تجاه الموقوفين في سجونها، مشيرة إلى تسببه بعديد الضحايا دون محاسبة المتورطين بذلك.

وقالت الهيئة إنه يلاحظ انتشار حالات التعذيب وإساءة المعاملة في أماكن الاحتجاز والتوقيف التابعة للأجهزة الأمنية ومحدودية المساءلة الحقيقية للمتورطين في التعذيب وإساءة المعاملة من ضباط قوى الأمن وأفرادها.

وبينت أن المساءلة عن التعذيب في السلطة بما فيها المحاكمات الجنائية والتأديبية محدودة للغاية، وقلما أُقيمت لمتورطين.

وتكشف تقارير شهرية وسنوية لمؤسسات حقوقية عن “ارتفاع بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في سجون أجهزة السلطة”.

تعذيب بالجملة

الناشط الحقوقي ظافر صعايدة يكشف عن تعرض عشرات المعتقلين على خلفية سياسية لتعذيب شديد في أقبية سجون ومسالخ السلطة الفلسطينية.

ويقول صعايدة الذي يعمل في مجموعة “محامون من أجل العدالة” إن مجموعته وثقت عشرات حالات التعذيب منها 14 عبر أصحابها بوضوح عن تعرضهم للتعذيب بمحاضر التحقيق أمام النيابة أو المحكمة.

وينبه إلى أن هناك حملات أخرى استهدفت طلبة جامعيين على خلفية نشاطاتهم الطلابية.

ورفعت أجهزة أمن السلطة من وتيرة اعتقالاتها السياسية وانتهاكاتها في الضفة الغربية للانتقام لصورتها المهزوزة في الشارع الفلسطيني.

إغلاق