توفيق الطيراوي.. مدرس “الخيانة أسلوب حياة” في فتح والسلطة

توفيق الطيراوي.. مدرس “الخيانة أسلوب حياة” في فتح والسلطة

رام الله – الشاهد| “الخيانة أسلوب حياة”.. هو نهج لا يزال عضو مركزية حركة فتح توفيق الطيراوي يُدرسه لمنتسبي الحركة والسلطة الفلسطينية منذ عقود لإنهاء المقاومة وتطبيق التنسيق الأمني بكل حذافيره لحماية “إسرائيل” ومستوطنيها.

الطيراوي الذي يعد من أبرز مسؤولي السلطة الفلسطينية الذين يهيمون عشقًا بكل ما هو إسرائيلي، ويرى أن “إسرائيل” هي مبرر وجودهم وعزهم، والسبيل الوحيد لحفظ امتيازاتهم.

من هو توفيق الطيراوي؟

ولد توفيق الطيراوي في قرية الطيرة قضاء مدينة اللد في نوفمبر 1948، وأجبرت عائلته إثر النكبة بذات العام على الهجرة لقرية رنتيس قضاء مدينة رام الله التي أتم دراسته الابتدائية فيها.

تنقل لقرية سكاكا في سلفيت ثم لمخيم عقبة جبر في مدينة أريحا وأنهى فيها دراسته الإعدادية ثم نال شهادة الثانوية من الكلية الإبراهيمية في مدينة القدس.

نال الشهادة الجامعية الأولى من جامعة بيروت العربية تخصص الأدب العربي، وإجازة أخرى في الفلسفة وعلم النفس.

عاد إلى فلسطين ليتابع دراسته الجامعية العليا ليظفر بشهادة الماجستير في الإدارة التربوية من جامعة النجاح الوطنية عام 2008.

انضم إلى حركة فتح عام 1967 أثناء دراسته الجامعية ببيروت وترأس الاتحاد العام لطلبة فلسطين فرع لبنان (1969-1971) وعام 1970 ترأس أمانة سر المكتب الطلابي للحركة.

وعام 1978 بات عضوا في الهيئة التنفيذية للاتحاد العام لطلبة فلسطين والمجلس الوطني، ولجنة إقليم حركة فتح بلبنان من عام 1979 حتى خروجها علنيا عام 1982.

أعيد تشكيل لجنة الإقليم وإعادتها إلى الساحة اللبنانية لترتيب أوضاع الحركة التنظيمية والعسكرية والسياسية وبات عضوا في قيادة لبنان وعاد إليها عام 1983.

توفيق الطيراوي ويكيبيديا

طورد من قوات النظام السوري في بيروت بتهمة الانتماء لحركة فتح، واعتقلته بـ 23 يوليو 1985 ليمكث في سجونها وخاصة بفرع المخابرات الذي يحمل اسم “فلسطين” حتى عام 1989 ليجري بعدها إرساله إلى لبنان.

عاد لفلسطين بيونيو 1994 ليساهم في تشكيل جهاز المخابرات العامة الفلسطينية ويتسلم مسؤوليته في الضفة الغربية.

كان الطيراوي ضمن القيادات التي حاصرتها إسرائيل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر المقاطعة برام الله عامي 2002-2003.

وفي أغسطس 2007 عينه رئيس السلطة محمود عباس رئيسا لجهاز المخابرات العامة برتبة لواء حتى إعفائه في 21 نوفمبر 2008. وقال وقتها إن إقالته “جاءت بناء على رغبة أميركية إسرائيلية”.

بذات اليوم عين الطيراوي في منصب المستشار الأمني لعباس برتبة وزير إلا أنه استقال بعد إضافته عضوا باللجنة المركزية لحركة فتح في أغسطس 2009.

يرأس اللجنة الوطنية الخاصة بالتحقيق في ظروف مقتل عرفات التي شكلت عام 2009 لكنها لم تتوصل إلى أي نتائج فعلية.

تعرض للتهميش من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على مدار سنوات ويعود إلى واجهة وسائل الإعلام في كل مرة عبر قرار ساهم في زيادة استبعاده والتخلي عن أدواره.

ففي 8 أغسطس 2022، أصدر عباس قرارا بإعادة تشكيل مجلس أمناء جامعة الاستقلال للعلوم الأمنية الواقعة في مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، الذي يرأسه الطيراوي.

فضائح توفيق الطيراوي

وجرى استبعاد الطيراوي من أي منصب بالجامعة التي ساهم الأخير في تأسيسها، وتختص منذ افتتاحها عام 2007 دونا عن المؤسسات الجامعية في فلسطين، بالتعليم العالي في مجال العلوم الأمنية والعسكرية والشرطية.

بدأت الأزمة بعد انتشار تسريبات على مراحل نهاية يوليو وبداية أغسطس، يتحدث فيها الطيراوي عن تورط أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، في فضائح مالية وأخلاقية، قائلا إنه “الوحيد الذي ركع قدامي وبكى”.

ووفق التسجيل الأول الذي لم يعرف تاريخه أو طريقة تسريبه، فإن الطيراوي كان يتبادل أطراف الحديث مع شخص عن حقيقة “حسين الشيخ وفساده وسقوطه الأخلاقي”.

وتحدث عن “حل فضيحة جنسية لحسين الشيخ مقابل 80 ألف دولار دفعها ماجد فرج (رئيس جهاز المخابرات حاليا)” إلى أهل إحدى الفتيات. وسرد فضائح عائلية لذات الشخص ساهم هو (الطيراوي) في حلها.

كما تحدث عن تورط الشيخ في فضائح بيع التصاريح للعمال الذين يذهبون للعمل داخل الأراضي المحتلة، ومتاجرته في بطاقات يمنحها الاحتلال لكبار التجار للسماح لهم بالدخول.

وبعدها بأيام ظهر تسجيل آخر، وصف فيه الطيراوي، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب بأنه “شخص كاذب”، وأنه يتهم كل من يعارضه بأنه “عميل” (للاحتلال الإسرائيلي).

خيانة توفيق الطيراوي

وأورد تفصيلا يخص رئيس فرج وأحد الأشخاص ويدعى عبد علوان، اتهمهم الرجوب بأنهم عملاء للمخابرات البريطانية بفترة عرفات، وأنهما يتلقيان منها راتبا شهريا قدره 3 آلاف جنيه إسترليني شهريا.

وهذه التسريبات تأتي في سياق الحرب الخفية التي تدور بين قادة الصف الأول لحركة فتح، سعيا لتثبيت المناصب بعد غياب رئيس السلطة محمود عباس، وما يعرف بمعركة الخلافة التي يعد الطيراوي والرجوب والشيخ من أبرز الأسماء فيها.

ولم يكتف عباس بإقالة الطيراوي من جامعة الاستقلال، بل سحب الحراسات الأمنية من أمام منزله.

الطيراوي بموقف خياني ليس جديدا قال إن تصدي أجهزة أمن السلطة لاقتحامات جيش الاحتلال لمدن الضفة الغربية هو “خطأ كبير”.

كما اعترف في بث مباشر عبر تطبيق تيك توك، أنه عندما كان بالمخابرات، كانوا يعتقلون المقاومين، وفي اليوم التالي يعتقلون بعض الاشخاص بتهمة العمالة للاحتلال حتى لا يثور عليهم المواطنون لاعتقال المقاومين.

مدير الأمن الخاص السابق بجهاز مخابرات السلطة سابقا الضابط فهمي شبانة شن هجوما عنيفا على الطيراوي.

وأكد شبانة أن جهاز مخابرات السلطة ينفذ مهمة التجسس لصالح دول عربية على أكمل وجه، موضحا أن الطيراوي ذاته تعامل مع دول عربية عندما كان مسؤولا للمخابرات.

وقال إن مهام الطيراوي لم تستثني شيئا بما فيه التجسس حتى على أقرب المقربين، مشيرا الى انه وحتى اغتيال عرفات كان مطلوبا للاحتلال، وبلحظة وضحاها عام 2005 أصبح يمتلك بطاقات vip.

وبين أن الطيراوي أخَّر التحقيقات باغتيال عرفات مقابل امتيازات تمثلت في بطاقات يتحرك فيها في انحاء الضفة بكل حرية ودون أن يعيقه الاحتلال كما يفعل مع باقي المواطنين.

الطيراوي حرض على نائب رئيس الوزراء الأسبق والقامة العلمية والاكاديمية ناصر الشاعر حتى ترجمته عصابات فتح والسلطة بإطلاق النار وإصابته هو وكل من كل من يجرؤ على معارضة السلطة او يمتنع عن السير في ركاب فتح.

فساد توفيق الطيراوي

خلال التحقيقات بملفات الفساد عقب إقالة الطيراوي وجد 300 موظف مدرجٍ على كادر “جامعة الاستقلال” ويتلقون الرواتب دونِ أي داومٍ يُذكر.

والـ 300 موظف هم من مليشيا “توفيق الطيراوي” في الضفة الغربية، الذي يعملون لصالحه ولأجندته الخاصة.

ومع تفاعلات إقالة الطيراوي نشرت احدى صفحات المخابرات رسالة تهديد صغيرة له، مهددة بفتح ملف ابنه محمد وشركاته التي تعمل بالنصب والاحتيال.

كما سبق وأن كشف رئيس المجلس القضاء السابق سامي صرصور عن ملفاتٍ خاصةٍ بمحاكمة الطيراوي من بينهم قضايا جنائية.

وأقرت مصادر بمركزية فتح عن تجهيز السلطة ملفاتٍ قضائية وجنائية لـ “الطيراوي”، وإقناعه عبر كل من محمود العالول وعزام الأحمد بتجميد عضويته بالمركزية وقد استجاب له توفيق الطيراوي.

كما أفصحت عن أن عباس والمحيطين به وبالتحديد رئيس مخابرات السلطة ماجد فرج وعضو مركزية فتح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ اتهموا توفيق الطيراوي بالوقوف خلف تسريب نتائج التحقيق الخاصة باغتيال ياسر عرفات.

الطيراوي أقر بتسريب نتائج التحقيق الخاصة باغتيال ياسر عرفات من مكتبه، والذي أعقبها مغادرته بشكلٍ مفاجئٍ للعاصمة الأردنية عمان.

عداء توفيق الطيراوي للمقاومة

عرف عن الطيراوي مواقفه الخارجة عن سياق السلطة الفلسطينية ومعاداته للمقاومة وتحديدًا حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي.

ومن تلك المواقف توجيهه رسالة إلى وزير خارجية السلطة رياض المالكي قال له فيها: “حان وقت ذهابك إلى المنزل لمقابلة نفسك، لأنك لم تعد قادرا على التعبير عن الحد الأدنى الدبلوماسي لطموحات الشعب الذي تمثله في الدبلوماسية العالمية”.

ويرد بذلك على إعراب المالكي عن خشيته من تهرب “إسرائيل” من عقد لقاء مع مسؤولي السلطة في موسكو مطلع يونيو 2020، وطالب الأول وقتها باستبدال وزير الخارجية “بشكل عاجل”.

كما شن الطيراوي في يوليو 2022، هجومًا على رئيس مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار ووصفه بـ”الفاسد” وأنه “يجب أن يذهب لبيته ويحاكم”، مبينا أنه قدم بلاغا ضده أمام النيابة منذ فترة بسبب فساده.

وعد أن “مستشار عباس قد يكون ضلله” بالتوقيع على القوانين الإجرائية وقانون التنفيذ التي أصدرها رئيس السلطة عام 2021، وتمس بحقوق المواطنين من ناحية أوامر الحبس والمحاكمات وحضور المحامين.

وأشار إلى أن: “عيسى أبو شرار، حكم على كثير من الفدائيين الفلسطينيين بالإعدام والسجن المشدد عام 1970، عندما كان قاضيا في المحكمة العسكرية الأردنية، قبل أن يتدخل الملك حسين ويصدر عفوا عنهم”.

وخلال فعالية في الأردن في ديسمبر 2021، قال الطيراوي “الربيع العربي الصهيو أميركي لم يبدأ من تونس بل بدأ من غزة عندما اختطفت هي وشعبها”، بإشارة إلى سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007 إثر عدم تمكينها من الحكم بعد فوزها الكاسح في انتخابات المجلس التشريعي في 2006.

جرائم توفيق الطيراوي

وعرف عن الطيراوي مهاجمته المستمرة لحركة حماس، وقال في يوليو 2022 إنها “تخطط للانقلاب الناعم في الضفة الغربية”.

وأضاف أن “حماس في غزة نفذت انقلابا عسكريا بالسلاح، لكن بالضفة من الصعب أن يعيدوا ما فعلوه هناك، فهم يريدون السيطرة على الجامعات والنقابات والاتحادات والبلديات، وعلى كل المؤسسات”.

وأكمل: “علينا كأبناء فتح أن ننسى مصالحنا وطموحاتنا الشخصية لأجل الحركة. وأشار إلى أن حماس لا تعتمد على قاعدتها الشعبية، بل على تباينات فتح”.

واتهم القيادي في حركة “حماس”، يحيى موسى عام 2006 توفيق الطيراوي، بالتورط بتأسيس خلية من أجل تنفيذ اغتيالات بحق قيادات من “فتح” في غزة باسم تنظيم الدولة، لإظهار القطاع على أنه “بؤرة للإرهاب الدولي”.

وفي نوفمبر 2005، منعت السلطات التركية الطيراوي من دخول أراضيها لحضور مهرجان إحياء لذكرى رحيل ياسر عرفات، واحتجزته لساعات طويلة في المطار ثم رحلته إلى الأردن، رغم تدخل سفارة السلطة لتسهيل دخوله، وقال اللواء وقتها إنهم أبلغوه أنه “خطر على الأمن التركي”.

إغلاق