السلطة تبيع ترسلة منذ 20 سنة.. مرآة للانهيار الوطني

السلطة تبيع ترسلة منذ 20 سنة.. مرآة للانهيار الوطني

جنين – الشاهد| أظهر إهمال السلطة الفلسطينية الواضح تجاه موقع ترسلة جنوبي مدينة جنين شمالي الضفة الغربية فجوة كبيرة في حماية التراث والحقوق الوطنية، إذ تركت الموقع الأثري والمصلى المهجورين دون أي تحرك فعلي لاستعادتهما من الاحتلال أو الدفاع عنهما خلال 20 عامًا كاملة.

وتحتضن البلدة تاريخًا عميقًا يمتد لأكثر من نصف قرن، وتحديدًا مسجد ترسلة الذي يشكل رمزًا ذا دلالة دينية وتراثية كبيرة.

كان هذا الموقع، الذي احتضن معسكر الجيش الأردني حتى عام 1967، شاهداً على حقبة كان فيها الفلسطينيون يملكون الأرض ويرسمون حاضرهم ومستقبلهم.

لكن مع احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية عام 1967، تغير المشهد تمامًا، وتحولت ترسلة إلى مستوطنة إسرائيلية.

أقيمت هناك مستوطنة على أطلال التاريخ، صمدت لعقود حتى انتفاضة الأقصى في 2005، حين أُجبرت سلطات الاحتلال على إخلائها تحت ضغط المقاومة وصحوة الضفة.

لكن الصدمة الحقيقية جاءت بعد ذلك. فمنذ إخلاء المستوطنة، غابت السلطة الفلسطينية عن المشهد بشكل لافت. ولم تقم بأي جهود جدية لاستعادة الموقع أو المسجد، تاركة إياه مهجورًا وسط تجاهل رسمي وإداري مريب.

الحجة التي قدمتها السلطة كانت دائمًا الرفض الإسرائيلي واستمرار التنسيق الأمني الذي يبدو أحادي الجانب، إذ تُقدم السلطة تنازلات أمنية مستمرة بينما تفقد الأرض.

فلم نسمع خلال 20 عامًا أي تحرك شعبي حقيقي أو مسيرات تطالب باستعادة ترسلة، ولم تكن هناك خطوات من السلطة تدل على رغبة حقيقية في الدفاع عن هذا التراث والحقوق الفلسطينية في المنطقة.

اليوم، يعود الاحتلال إلى المحاولة من جديد، معلنًا نيته إعادة بناء المستوطنة وإحياء الاستيطان في ترسلة، وهو ما يثير مخاوف من أن هذا سيكون بداية لفقدان المزيد من المناطق في الضفة الغربية، خاصة مخيمات جنين وطولكرم، في ظل غياب مقاومة فعلية.

هذا الواقع يطرح تساؤلات مصيرية عن دور السلطة الفلسطينية، هل ستظل مكتوفة الأيدي أمام هذه المشاريع الاستيطانية؟ وهل هناك نية حقيقية لإيقاف مسلسل التنازل عن الأرض والحقوق التاريخية، أم أن التنسيق الأمني سيتواصل على حساب الوجود الفلسطيني؟

فترسلة ليست مجرد أرض ومباني مهجورة، إنها شاهدة على تاريخ نضال وصمود، وعلى مدى قدرة الفلسطينيين على استعادة حقوقهم أو خسارتها للأبد.

إغلاق