كاتب: فتح تحولت لساحة تصفية حسابات وقياداتها تحركهم مصالح ضيقة

كاتب: فتح تحولت لساحة تصفية حسابات وقياداتها تحركهم مصالح ضيقة

غزة – الشاهد| قال الكاتب السياسي حلمي أبو طه إن حركة فتح تمر منذ زمن بمنعطف تاريخي حرج ودقيق فرضته تحديات الداخل وضغوط الخارج، ما يستدعي مراجعة شاملة وإعادة تقييم حقيقية لكل ما يتصل ببنيتها القيادية والأطر التنظيمية ومستقبلها التنظيمي.

وأوضح أبو طه في تصريح أن الحديث عن المصالحة الداخلية وعودة الطموحات الفردية للتموضع في الصفوف الأولى في المشهد القيادي دفع بأزمة القيادة إلى السطح، إذ أن الحركة أمام معضلة أعمق تتعلق في فقدان عنصر الكفاءة القيادية لصالح تغليب النزعات الفردية، بدلاً من روح المسؤولية الوطنية.

وأشار إلى أن الكل يرى أنه يستحق أن يتقدم الصفوف، حتى من لا يمتلك من المؤهلات إلا الطموح الشخصي المجرد من أي كفاءة حقيقية، إذ تتعلق المعضلة بمدى أهلية هؤلاء لقيادة المشروع الوطني، وكأن الشعارات والمظاهر الفارغة باتت بديلاً عن الإنجاز الفعلي.

وبين الكاتب أن الأزمة الحقيقية ليست فقط في الأفراد، بل في طبيعة النظام التنظيمي الذي سمح بتآكل معايير الكفاءة وتراجع ثقافة الشفافية والمحاسبة عقب تحولت بعض الأطر إلى سلالم لتمرير المصالح الضيقة بدلاً من أن تكون ميادين لتأهيل القادة الحقيقيين.

وذكر أن جوهر الإشكالية الذي تعاني منه حركة فتح في أن السواد الأعظم من أبنائها وبكل المستويات الإدارية والتنظيمية يرون في أنفسهم الأحقية بالتقدم إلى مقدمة الصفوف والمشاركة في مختلف الاستحقاقات، حتى وإن خالفت تخصصاتهم أو تجاوزت قدراتهم.

وقال: “لا عجب أن ترى الواحد منهم يجمع بين 5 مهام ومع ذلك يسعى للتنافس على أي استحقاق أخر جديد وإن كان هذا الاستحقاق لا يليق به، وكأن نساء الفتح عجزن أن يلدن غيره”.

وأضاف الكاتب: “من خلال المراقبة الدقيقة للواقع الداخلي للحركة يُظهر أن كثيراً من هؤلاء يفتقرون إلى أدنى مقومات القيادة، سواء من حيث الرؤية التنظيمية أو القدرة على إدارة الخلافات أو تحمل أعباء المرحلة”.

وأكمل: “القيادة في حركة فتح يتحركون بدوافع ذاتية ومصالح ضيقة ولا يملكون من مقومات القيادة إلا الطموح الشخصي. والأدهى والأخطر من ذلك أن جزءاً كبيراً منهم لا يسعى للبناء أو التوحيد، بل ينشط في محاولة إقصاء الآخرين بأي طريقة كانت، اعتقاداً أن غياب الكفاءات الحقيقية وغياب المنافسين وحده يفتح له طريق الزعامة، وكأن البقاء لا يتم إلا عبر تصفية الآخرين لا عبر إثبات الجدارة والقدرة.

ونوه الكاتب إلى أن هذا طرح غير مشروع ولا يعبر عن تنافس إيجابي شريف، بل عن رغبة مريضة في إقصاء الجميع بأي وسيلة كانت.

وأوضح أن هذه الرغبة الجامحة وهذا السلوك لا يهدد فقط وحدة الحركة بل يكرّس ثقافة الإقصاء والاستئثار، وهو ما يعيد إنتاج الأزمات بدلاً من حلها. فالطامحون بلا مشروع، والمنتقدون بلا رؤية، وهم أول من يتسابقون لتفخيخ المسارات الداخلية وتخريب أي محاولة جادة لاستنهاض فتح من جديد.

وأعرب عن آسفه من أن بعض القيادات الكبرى، بدلًا من أن تقوم بدور الحكم العادل تجد نفسها عن قصد أو عن غير قصد شريكة في هذا العبث، إما عبر التواطؤ أو الصمت أو حتى عبر تضخيم الأزمات لحسابات شخصية ضيقة ومواقع تنظيمية، دون الالتفات إلى المخاطر الوجودية التي تواجه الحركة والقضية الوطنية برمتها.

ورأى أن من يتابع المشهد الداخلي يدرك أن الرغبة في الإقصاء باتت ثقافة راسخة لدى الطامحين، أكثر مما هي رغبة في خدمة الحركة أو تطوير أدواتها؛ فالكل يتمنى إقصاء الكل، لا عن قناعة بخطأ الآخرين بل طمعاً بمكانة شخصية، ما يفضح فقراً في الرؤية وغياباً لمفهوم التنافس الشريف القائم على الإنجاز وليس المؤامرات الداخلية.

وأشار الكاتب إلى أنه في ظل هذا الواقع يصبح من الطبيعي أن تتعثر المصالحة الداخلية، ويصبح الحديث عن إصلاح البيت الفتحاوي مجرد شعارات تستهلك في الإعلام دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ العملي.

وبين أن حالات الترهل الإداري والتكلس التنظيمي إن تُركت دون معالجة، فهي لا تهدد فقط وحدة حركة فتح بل تقود إلى تعزيز فقدان الحركة لمصداقيتها أمام جماهيرها، وتكرّس عقلية (الزعامة الفارغة) بدل عقلية (المشروع الوطني). فالحركة التي ينخرها الطموح الشخصي وتفتقد لمعايير اختيار القادة على أساس الكفاءة، تصبح عاجزة عن مواجهة تحديات الاحتلال أو قيادة مرحلة تحرر وطني جديدة.

ونوه أبو طه إلى أن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على القدرة والكفاءة وحسن السمعة والالتزام، لا على الولاءات الشخصية وصلة الأرحام والشعوذة، ولا على الإقصاء الأعمى.

وقال إن حركة بحجم فتح بتاريخها وشهدائها ومسيرتها النضالية الأجدر ألا تقبل أن تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية على حساب قضيتها الوطنية الكبرى؛ فأزمة فتح ليست أزمة أفراد فقط، بل أزمة بنية تنظيمية وفكر قيادي تحتاج إلى تجديد شامل في: القيادة – الخطاب – المؤسسات – القيم والشعارات – التمثيل الاجتماعي. لذلك إنقاذ الحركة يتطلب شجاعة في مواجهة الواقع، والانتقال من إدارة الولاءات إلى بناء المؤسسات وتنمية الكفاءات.

ولا يمكن حل أزمة القيادة عبر استبدال الوجوه فقط، بل والحديث للكاتب تحتاج إلى ثورة تنظيمية وفكرية حقيقية، تبدأ بإعادة الاعتبار لمعايير الكفاءة، وتحقيق الشمولية، والانفتاح على كل مكونات المجتمع الفلسطيني، وخاصة النساء والشباب وأصحاب الرأي المستقل. فإما أن تتجدد الحركة بروح العصر، أو تواصل الغرق في مستنقع الطموحات والولاءات الشخصية، بعيداً عن حمل المشروع الوطني على أكتاف القادرين.

إغلاق