الطنجرة التي هزت عرش “إسرائيل”
رام الله – الشاهد| خط الكاتب الفلسطيني حمدي فراج مقالاً حول حالة الغضب الذي يعيشها العالم جراء تصاعد المجاعة في قطاع غزة، وسط ارتفاع حالة الوفيات بين الأطفال والمرضى بسبب سوء التغذية، وفيما يلي نص المقال كاملاً.
تعابير و مصطلحات كثيرة أطلقت في وصف ما يحدث مع دولة الرب “إسرائيل”، وفق يائير لابيد في الأمم المتحدة عندما كان رئيسا لوزرائها قبل اربع سنوات ، الدولة الوحيدة من بين كل دول العالم ، التي أقيمت بكتاب ، يقصد سفر التكوين التوراتي . من بين هذه التعابير تعبير “تسونامي” ، الزلزال المائي الذي ضربها مؤخرا .
يتكثف هذا الزلزال التسونامي، من وجهة نظر مطلقيه ، على الاعتراف الجماعي المتزامن بدولة فلسطين لنخبة كبار دول أوروبا الغربية ، فرنسا بريطانيا ألمانيا هولندا البرتغال بالإضافة الى كندا و استراليا و نيوزلندة ، في أيلول القادم ، وعدا عن ان هذا الاعتراف الجماعي سيكون مشهودا ، أمام كل دول العالم في عقر دار أمريكا ، الدولة الكبرى العظمى الوحيدة التي ترفض هذا التوجه ، كان هناك زلازل تسونامية أخرى داخل هذا التسونامي ، كأن يطلب علماء و مفكرون و فنانون إسرائيليون من دول العالم بفرض عقوبات على دولتهم ، كأن تقوم فرنسا بتشجيع كندا و بريطانيا و ألمانيا المضي قدما الانضمام الى هذه الخطوة .
لكن التسونامي الأخطر ، كان “الطنجرة” التي هزت عرش إسرائيل ، هي التي حركت شوارع عواصم كل هذه الدول مرة واحدة ، طنجرة الولد الفلسطيني في غزة يعود بها الى اخوته الأصغر و هي فاضية ، خاوية ، على النقيض منها ، قلبه يطفح بالحزن و الاسى و الغضب ، لا بأس ان يغطي بها رأسه لتخفيف حرارة الشمس اللهابة ، في انتظار الغد ، علّ جماعة ترامب الإنسانية المسلحة تملأها له بالطعام قبل أن يملأها جسمه بالرصاص.
الغبي فقط ، من لا يدرك ان في كل منزل طنجرة ، طنجرة واحدة على ألأقل ، سيلجأ اليها الجائع سرعان ما يضرب الجوع أطنابه على أمعائه ، و سيهرع بها نحو أقرب تكية او مركز توزيع ، و من لا تتوفر له الطنجرة جراء النزوح المتكرر ، سيلجأ الى السطل او الدلو او أي وعاء يقوم بالمهمة النبيّة المستحيلة ، التي عند قدسيتها سفكت الدماء الآدمية بسخاء منقطع النظير .
الغبي فقط ، من لا يدرك ان بيوتات العالم قاطبة ، تحتوي على مثل هذه الطنجرة ، و مثل هذا الولد ، يعز على أمه او أبيه ، ان يراه هارعا بطنجرته ليطفيء جوعه ، فأقله ان تخرج الأم حاملة طنجرتها لتقرعها على مسمع حكومتها في شوارع باريس و لندن و بون و بروكسل و سدني و أتوا و لشبونة و روما و بقية عواصم العالم ، فتتحول الطنجرة الى تسونامي ، بل تصبح هي التسونامي الذي نسمع هديره في جنبات العالم ، ليتردد صداه في عاصمة التجويع و العار في العصر الحديث ، بعد ان ادعى أصحابها انها عاصمة هيكل الرب ، و دولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة كلها .
لو كانت كذلك حقا ، لما كان للطنجرة ان تهز عرشها و تقوض أركانها على هذه الشاكلة . و السؤال المستحق ، هل تتوقف الطنجرة عند هذا الحد .
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=91851