غزّةُ تحترق

غزّةُ تحترق

رام الله – الشاهد| خط وزير الأسرى السابق والمقال من قبل رئيس السلطة محمود عباس بسبب مواقفه الوطنية الرافضة لإجراءات السلطة ضد الأسرى في سجون الاحتلال قصيدةً شعرية لمدينة غزة وأهلها في ظل حرب الإبادة التي يتعرضون لها.

 

غزّةُ…
يا حفنةَ الضوءِ في يدِ الرماد،
يا وردةً نَبَتت على ضفّةِ القيامة،
يا صرخةً تعلّقَت بينَ سكينٍ وسماء،
أنتِ لا تموتين، بل تُعادينَ إلى المعركةِ،
مع كل فجر وصلاة.

غزّةُ تحترق…
لكنّ الجمرَ الذي يلتهمُ لحمَها،
يكتبُ أسماءَ أطفالها في سفرِ الخلود،
والدخانُ الذي يصعدُ من مآذنِها
أذانٌ جديدٌ في وجهِ الوجود.

ما هذه المدينة التي لا تعرفُ الانحناء؟
أيُّ جغرافيا هذه التي تُنجِبُ حنينًا من حجارة؟
من أيِّ طينٍ صُنِعَتْ لتقاومَ الفقدَ بالحكاية،
وتُطعِمَ العالمَ صمتًا أثقلَ من المدافع؟
تبتكر الازمنة،
والصلوات التي تنفجر
من رئة الأمكنة.

غزّةُ لا تحتاجُ إلى دموعٍ جديدة،
بل إلى ذاكرةٍ لا تَخون،
إلى عيونٍ لا تُشيحُ حينَ ترى الحقيقةَ عارية،
إلى عقلٍ لا يُبرّرُ المجزرةَ،
الكون بوابة مغلقة،
فلا تطفئوا جذوة الاسئلة.

غزّةُ تحترق…
لكنّها لا تطلبُ الرحمة،
بل العدالة.
لا تمدّ يدها للشفقة،
بل تفتحُ صدرَها للعاصفة، وتبتسمُ للعابرين على حافّةِ النسيان،
انها الهوية والذاكرة.

أيُّها العالم،
حين تنامُ على سريرِ الحياد،
غزّةُ تصحو على جنازاتِ أحلامها،
وتُواصلُ بناءَ روحها من الرماد،
كأنّها تعرفُ أن البقاءَ ليس للجسد،
البقاء يتدفق في شرايين الابد.

يا غزّة:
إن كنتِ جرحًا، فأنتِ الجرحُ الذي يُبقي القلبَ حيًّا،
وإن كنتِ نارًا، فأنتِ النارُ التي تُطهِّرُ اللغةَ،
وإن كنتِ سؤالًا، فأنتِ السؤالُ الذي لا يُجيبُ عليه إلّا مَن ماتَ واقفًا.

غزّةُ… تحترق،
وجيل يستيقظ من افران الحريق،
يفيق يفيق
يضيئ لنا الطريق.

 

إغلاق