السلطة الفلسطينية… ملاحظات وطنية ضرورية

رام الله – الشاهد| كتب ماجد عزام.. بات مصير السلطة الفلسطينية على المحك بسبب تراكم معطيات عدّة وأحداث مع خطط ومشاريع إسرائيلية سياسية واقتصادية وأمنية لإضعافها، ورغم التحذيرات الأمنية الرسمية من انهيارها تحت وطأة تلك الضغوط، إلّا أنّ حكومة بنيامين نتنياهو، وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لا تلقي لها بالًا، بعدما باتت أسيرة الأيديولوجيا المتطرفة والوقائع التي تفرضها بالقوّة الغاشمة على الأرض.
إلى ذلك بدت السلطة منفصمة وغير ذات صلة، ولاعبًا هامشيًا في حرب الإبادة الإسرائيلية في غزّة، وعاجزةً عن حماية الفلسطينيين وتحسين أوضاعهم المعيشية والحياتية في مناطق سلطتها المباشرة، أو المفترض أنّها كذلك في الضفّة الغربية.
في المقابل، جاء التسونامي الدبلوماسي والاعتراف بالدولة الفلسطينية من دول غربية وازنة، والتعاطي مع السلطة باعتبارها القيادة الفلسطينية الشرعية، أو بالحدّ الأدنى الرسمية، لتدفع الهواء في أشرعتها، حتّى مع شروط إصلاحها التي تتحايل عليها، وكلّ هذا للأسف بغياب نقاش وطني جاد وعميق ومثمر حول مصيرها وكيفية تحصينها وحمايتها إذا كانت لا تزال مصلحةً وطنيةً وتمثّل جسرًا نحو الدولة الفلسطينية والاستقلال وتقرير المصير، ويفترض بالحدّ الأدنى مواصلة رعايتها وإشرافها على حياة ستة ملايين مواطن فلسطيني في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، ضمن الأراضي المحتلة في حرب يونيو/ حزيران 1967، مع الأفق والمسار السياسي نحو الدولة العتيدة، حتّى لا تتحول إلى مجرد إدارة مدنية ذاتية خاضعة للوصاية الإسرائيلية في جوانبها المختلفة.
بناءً على العوامل والمعطيات السابقة، وبنظرة إلى الوراء، بات مصير السلطة على المحك منذ انهيار عملية التسوية والمفاوضات وفق مسار مدريد/ أوسلو، وتخبط قيادتها في الخيارات البديلة، مع حديث خجول جدًا عن المقاومة الشعبية، من دون تبنيها رسميًا خيارًا جدّيًا ضمن خيارات أخرى بديلة، دبلوماسية وسياسية وقضائية، وقبولها، مع الوقت، التحوّل إلى سلطة بلا سلطة فعلية، ومجرد هيئة محلية لإدارة حياة الفلسطينيين، وتخفيف الأعباء السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن أكل إسرائيل الكعكة وبيعها للعالم، ونقضها اتّفاقية أوسلو على علّاتها، وفرض سيطرتها التامة على الأراضي الفلسطينية كافة، من دون تحمل الكلفة الباهظة عن ذلك.
خلال الحقبة نفسها، التي استمرت لعقدين تقريبًا، فرض الاحتلال الوقائع المتراكمة على الأرض، بغطاء ومصطلحات وأسماء حركية، مثل إدارة وتقليص الصراع، والسلام الاقتصادي، واستغل ذلك لتسريع وتيرة الاستيطان، والتهويد والضمّ، وتحويل السلطة بالأمر الواقع إلى سلطة إدارة حكم ذاتي ناقص لا زائد، أو حتّى دولة “ماينس” كما كان يقول نتنياهو سابقًا.
إضافةً إلى ما سبق، بدت السلطة لاعبًا هامشيًا في حرب غزّة، خلال العامين الماضيين، وحتّى قبل ذلك في الضفّة نفسها، وبالمقابل جاء التسونامي السياسي ضدّ الدولة العبرية لصالح القضية والرواية الفلسطينية العادلة، ولصالح السلطة وقيادتها الحالية، لكن مع مطالب وشروط واضحةٍ بإصلاحها، واعتراف صريح بأنّها بوضعها الراهن غير قادرة على قيادة الفلسطينيين، وحتّى مواكبة الجهود العربية والدولية لمساعدتهم على الاستقلال وتقرير مصيرهم.
لا يقلّ عن ذلك أهمّيةً تهميش السلطة لمنظّمة التحرير ومؤسساتها التاريخية، الناتجة عن نضال وتضحيات لسنوات، بل عقود طويلة، واختزال القيادة الفلسطينية بالداخل فقط، مع استغلال انتهازي للمنظّمة لادعاء الشرعية، وتمثّيل فلسطينيي الشتات، رغم التخلي العملي عنهم، وتركهم لمصيرهم.
في كلّ الأحوال، كنا دومًا بحاجة لنقاش وطني، كما أدت المعطيات والتطورات السابقة إلى تعميق هذه الحاجة، للإجابة عن سؤال، بل مجموعة أسئلة جوهرية، منها هل السلطة ضرورة وطنية أم لا؟ بمعنى أنّها لا تزال تمثّل جسرًا نحو إقامة الدولة، والاستقلال، وتقرير المصير، كما سؤال العلاقة مع المنظّمة، المفترض أنّها المرجعية لكلّ الفلسطينيين، ولا يقلّ عن ذلك أهمّيةً المعطى الديمقراطي، كون القيادة الحالية هرمة ومترهلة ومستبدة وفاسدة، ولا تملك الثقة والمصداقية والجدارة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومصالحهم بأماكن وجودهم المختلفة، على افتراض أنّها تملك الإرادة لذلك.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=94658