كاتب: محاربة الفساد في فلسطين “مسرحية مكشوفة”
الخليل ام الله – الشاهد| أكد الكاتب والمحلل السياسي معمر يوسف العويوي، أن الحديث عن محاربة الفساد في فلسطين تحول إلى مسرحية هزلية مكشوفة.
وأشار إلى وجود هيئة لمكافحة الفساد ومحكمة متخصصة، لكننا نشهد باستمرار فضائح فساد بملايين الدولارات تورطت فيها شخصيات بارزة، تمر قضاياهم مرور الكرام، ويفلتون من العقاب، ويعبرون الحدود وكأن شيئاً لم يكن.
ونوه إلى أنه في المقابل، يُساق صغار الموظفين إلى المحاكم بتهم سرقة مبالغ زهيدة، موضحاً أن هذا الكيل بمكيالين لا يصنع عدالة، بل يؤسس لطبقة فاسدة محصنة فوق القانون، ويدمر ما تبقى من ثقة المواطن بمؤسساته.
وشدد العويوي على أن مشروع التحرر الوطني لا ينهزم بالرصاص والقمع فحسب، بل يُطعن في الصميم بخنجر الفساد الذي ينخر في جسده من الداخل.
وذكر أنه بينما يقدم الشعب الفلسطيني تضحيات جسام على مذبح الحرية، يعبث البعض بمقدرات الوطن ويحوّلون النضال إلى غنيمة، مما يفرغ الثورة من معناها ويسرق أحلام الأجيال.
وطالب بضرورة الوعي بأن الفساد ليس مجرد سرقة للمال العام، بل يتعداه إلى تجميد الدورة الانتخابية في الكثير من مؤسساتنا العامة لعقود، وهو ما يغتال الأجيال الشابة ويمنع نمو قيادات جديدة قادرة على حمل الراية.
وقال إن الفساد هو المحسوبية التي تضع الرجل غير المناسب في المكان الحساس لمجرد ولائه لشخص أو لجهة، مما يشل الإدارة ويفرغها من الكفاءات.
واعتبر العويوي أن الأخطر من ذلك كله، تحكم السلطة التنفيذية في القضاء، وهو الفساد الذي يقتل العدالة في مهدها حين تصبح المحاكم أدوات في يد السلطة التنفيذية، وحين يُعيّن القضاة ويُقالون وفق الولاءات.
ولفت إلى أن هذا التداخل المدمر بين السلطات يجعل من المستحيل محاسبة الفاسدين، ويحول القضاء من حارس للعدالة إلى أداة لحماية المتنفذين.
وأوضح أن هذا الفساد الإداري والسياسي والقضائي لا يقل خطورة عن سرقة الملايين، لأنه يقتل الأمل ويشرعن عودة الاستبداد بثوب جديد.
وأضاف: “إننا اليوم أمام مفترق طرق حاسم. فإما أن ننتفض ضد هذا السرطان الذي يفتك بنا، ونطالب بمحاسبة حقيقية وحاسمة تطال الرؤوس الكبيرة قبل الصغيرة، وإما أن نقبل بتحويل مشروعنا الوطني إلى مجرد سلطة وظيفية تدير الفساد بدلاً من محاربته”.
وتابع: “المعركة ضد الفساد ليست خياراً، بل هي امتداد لمعركة التحرير، والضمانة الوحيدة لبناء دولة مؤسسات نظيفة قادرة على تحقيق العدالة والكرامة التي يستحقها شعبنا. فلا يمكن أن نحرر الأرض ونترك الفساد يحتل العقول والمؤسسات”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=94942