ضمّ الضفة.. الجريمة الأخيرة في جنازة أوسلو

رام الله – الشاهد| كتب اسماعيل الريماوي: حان وقت بسط سيادتنا على ميراث أجدادنا (يقصد الضفة الغربية) وتعزيز اتفاقيات السلام مع جيراننا العرب بالقوة، هذا ما قاله سموتريتش لنتنياهو.
في حين يصوت الكنيست على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، فيما لا زالت سلطة أوسلو ومعها المنبطحون من العرب يراهنون على حل الدولتين والوسيط الأمريكي الشريك لإسرائيل.
إذا ضمت الضفة الغربية لإسرائيل، ماذا تبقى للدولة الفلسطينية الموعودة وخيار حل الدولتين؟
وبعد التدمير في غزة وضمّ الضفة… ماذا تبقى؟
سؤالك يختصر مأساة المشروع الوطني الفلسطيني في لحظة الانكشاف التام، حيث تسقط كل الأوهام السياسية التي بُنيت منذ أوسلو، ويظهر المشروع الصهيوني في جوهره العاري: لا دولة فلسطينية، لا سيادة، ولا حتى أرض لقيام كيان سياسي مستقل.
إن ضمّ الضفة الغربية رسميًا إلى ما يسمى “سيادة إسرائيل”، بعد تدمير غزة والعمل على تهجير أهلها، يعني أن خريطة فلسطين قد أُعيد رسمها بالكامل وفق الرؤية التوراتية التي يتحدث عنها سموتريتش ورفاقه، “من النهر إلى البحر” ولكن هذه المرة بغطاء قانوني صهيوني، وتواطؤ عربي ودولي مكشوف.
حين تُضم الضفة، تكون إسرائيل قد أنهت عمليًا ما تبقى من اتفاق أوسلو الذي كان مجرد غطاء لتمدّدها، وأجهزت على وهم “حلّ الدولتين” الذي ظلّت واشنطن والعواصم العربية تلوّح به لتجميل الاحتلال لا لإنهائه، فالسلطة التي نشأت لتكون نواة دولة فلسطينية، تتحول إلى جهاز إدارة مدني تحت الحكم الإسرائيلي، يضبط الفلسطينيين أمنياً ويمنح الاحتلال غطاء “الشرعية الفلسطينية”.
ضم الضفة بعد تدمير غزة يعني أن المشروع الصهيوني لم يعد يخفي هدفه الحقيقي: السيطرة الكاملة على الأرض الفلسطينية وتفريغها من سكانها الأصليين، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات من العمال المحاصرين في كانتونات مغلقة، بلا حدود ولا سيادة ولا أفق وطني.
أما ما تبقى من فكرة “الدولة الفلسطينية”، فهو مجرد اسم في البيانات الرسمية، ووهم يتاجر به المطبعون والعاجزون، بينما على الأرض تموت الجغرافيا، وتُمحى المدن، ويُطارد الإنسان الفلسطيني في ارضه ورزقه وهويته وذاكرته.
إن ضم الضفة بعد حرب إبادة غزة ليس مجرد خطوة سياسية، بل إعلان رسمي بنهاية مرحلة كاملة من الصراع، وبداية مرحلة أخرى عنوانها الاحتلال الدائم، والهيمنة بالقوة، وتكريس “إسرائيل الكبرى” كأمر واقع، في ظل سلطة فلسطينية فقدت معناها، وأنظمة عربية فقدت كرامتها، وعالم غربي فقد إنسانيته.
وإذا كانت غزة قد دُمرت لتُكسر إرادة المقاومة، فإن الضفة تُضم اليوم لتُكسر فكرة الوطن، ولتُمحى آخر خطوط الخريطة التي كانت تُسمى فلسطين.
وحين تُمحى الخريطة، لن يبقى أمام الفلسطيني إلا أن يحمل وطنه في ذاكرته، في بيته المهدوم، وفي دموعه التي لا تجد أرضاً تُدفن فيها.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=95758





