اقتصادي: حديث السلطة عن السيادة المالية مجرد وهم و”المقاصة” تكشف المستور

اقتصادي: حديث السلطة عن السيادة المالية مجرد وهم و”المقاصة” تكشف المستور

رام الله – الشاهد| قال المختص في الشأن الاقتصادي سعيد صبري إن حديث السلطة الفلسطينية عن السيادة المالية لا يعدو كونه مجرد وهم لارتهان القرار الاقتصادي الفلسطيني بالاحتلال الإسرائيلي.

وقال صبري في مقال إنه وفي ظل انعدام السيطرة الفلسطينية على الحدود والمعابر، تصبح السيادة المالية مجرد وهم، والقرار الاقتصادي مرتهن بإرادة الاحتلال.

وأشار إلى أن أحد أبرز تجليات هذا الواقع يتمثل في “نظام المقاصة” الذي تُجبى بمعظم الإيرادات العامة للسلطة الفلسطينية عبر “إسرائيل”، وهو نظام تحوّل من أداة إدارية مؤقتة ضمن اتفاق باريس الاقتصادي عام 1994، إلى قيد دائم يُستخدم للضغط السياسي والتجويع المالي.

وبين صبري أن نتائج أزمة المقاصة تنعكس بشكل مباشر على الشارع الفلسطيني عبر تأخر في دفع الرواتب، وتراكم في الديون الشخصية للموظفين، وانهيار ثقة المواطن في جدوى العمل الحكومي، وزيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية ومعاناة القطاع الخاص من تذبذب في السيولة، وتأجبل استثماراته بسبب انعدام الاستقرار المالي العام.

ودعا صبري للبحث عن بدائل واقعية تبدأ بتوسيع القاعدة الضريبية الداخلية، وتفعيل الجباية المحلية العادلة، واعتماد سياسة إحلال الواردات لدعم المنتج المحلي وتخفيف الاعتماد على السوق الإسرائيلية وتطوير آلية رقابة شفافة على أموال المقاصة عبر وسطاء دوليين أو شركاء ماليين.

وطالب باستلهام تجارب دول عانت من التحكم بمواردها المالية من أطراف خارجية، كما بحالة جنوب السودان بعد انفصاله أو كوسوفو في مرحلة ما بعد الحرب.

وذكر أنه في هذه الحالات، ساهمت الشراكات مع مؤسسات مالية دولية، وتبني عملات وطنية، وإنشاء بنوك مركزية مستقلة في تقليص التبعية وتعزيز الاستقلال المالي. ورغم الفوارق، فإن المنهجية قابلة للتكيف فلسطينياً ضمن رؤية متدرجة.

ولفت إلى أن الأهم من ذلك بناء صندوق طوارئ وطني للتمويل المستدام، يمكّن الحكومة من تغطية الحد الأدنى من الرواتب والخدمات حال تعطل تحويل المقاصة.

ونبه إلى أن هذا الصندوق يتطلب دعماً من الشركاء الدوليين والعرب، لكنه يمثل خطوة سيادية باتجاه تقليل التبعية.

وأكد أن أزمة المقاصة لا تعكس فقط اختلالًا في العلاقة مع الاحتلال، بل تكشف أيضاً هشاشة السياسات المالية للسلطة الفلسطينية واعتمادها على أدوات غير مضمونة.

وشدد على أي حديث عن السيادة لا يكتمل دون معالجة هذا الملف المؤجل، ليس بالبيانات الإنشائية بل بسياسات استباقية ومؤسسات قادرة على تنفيذها؛ فالسيادة لا تُمنح، بل تُبنى، وأول بنودها هو الحق في إدارة المال الوطني دون إذن من الخصم أو شروط من المحتل.

إغلاق