ياسر عباس.. نجل الرئيس الذي بنى ثروته على أنقاض السلطة

ياسر عباس.. نجل الرئيس الذي بنى ثروته على أنقاض السلطة

رام الله-الشاهد| لم يكن ياسر محمود عباس، نجل رئيس السلطة الفلسطينية، بحاجة إلى السياسة كي يصعد، فقد صنعت له طريقًا معبدًا، وفتحت له بوابات المال والنفوذ دون أن يخوض صراعًا أو يواجه حسابًا.

ياسر يعد من أبرز رموز الجدل في المشهد الفلسطيني، ويُتهم بتكوين ثروة هائلة عبر استغلال نفوذ والده.

من هو ياسر عباس؟

ياسر محمود عباس هو رجل أعمال من مواليد عام 1962، ويحمل الجنسية الكندية ودرس الهندسة المدنية في جامعة ولاية واشنطن، وتخرّج عام 1983.

عمل في مجال البناء في الخليج العربي خلال الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن يعود إلى رام الله عام 1997.

أسس مجموعة شركات “فالكون”، التي توسعت لتشمل مجالات المقاولات، الاتصالات، التبغ، والاستثمارات العامة لتتحول إلى واجهة ناعمة لشبكة نفوذ اقتصادية.

ما إن تولى والده الحكم حتى بدأت إمبراطوريته بالاتساع وسرعان ما تحوّلت إلى ذراع اقتصادية موازية للسلطة نفسها.

تحظى بعقود رسمية، وتسهيلات مالية، واحتكارات مواربة، أبرزها احتكار تجارة السجائر الأمريكية في الضفة.

ياسر عباس ويكيبيديا

يعيش ياسر معظم أيام العام خارج الضفة الغربية ويرتبط اسمه بملفات فساد وجرائم ضخمة ويوفده والده لحضور اجتماعات ولقاءات دولية نيابة عنه.

وفي وقت كانت فيه السلطة الفلسطينية تتلقى مئات ملايين الدولارات من المساعدات، كان اسم ياسر عباس يتردّد داخل ملفات المانحين، ووسائل الإعلام العالمية، كمثال صارخ على الفساد العائلي واستغلال النفوذ السياسي لأغراض شخصية.

تقارير أمريكية، أبرزها من مجلة “فورين بوليسي”، تحدّثت عن تضخّم ثروته وشقيقه طارق، وارتباطها بعقود تمويل أمريكية.

فساد ياسر عباس

ردّ عبر محاميه ورفع دعاوى قضائية ضد الصحفيين، لكن القضاء الأمريكي رفضها، معتبراً إياها محاولة لـ”إسكات النقد وتخويف الصحافة”.

تحقيق لوكالة “رويترز” كشف أن شركة “فالكون” لياسر عباس وقعت عقدا بقيمة 1.89 مليون دولار مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لبناء منشأة لمعالجة مياه الصرف الصحي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.

ووقع العقد بعد 5 أشهر من تولي عباس منصب رئاسة السلطة، إلا أن محاميه قال إن تقديم العروض على العقد بدأت قبل تولي والده منصبه.

ووصف الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة (أمان) العقد آنذاك بـ”الاحتكاري”، وأفاد بتشكيل عباس لغطاء قانوني لفساد نجله عن طريق إصدار قرار بقانون لتنظيم الاتفاق الاحتكاري بين شركة صروح التي يمتلك نجله ياسر الحصة الأكبر فيها والتي حصدت عديد الامتيازات غير القانونية.

فضيحة ياسر عباس

الناشط ضد الفساد فايز السويطي عقب على تعيين ياسر محمود عباس مستشارا خاصا لرئيس السلطة الفلسطينية بأنه أمر غير مدهش أو مستغرب لدى “عصابة/ مافيا” تسعى للاستفراد بالحكم دوما والتحكم بمفاصل السلطة وقرارات منظمة التحرير.

ويؤكد السويطي أن “هذه العصابة” تسيطر على الحكم في السلطة (التشريعية، القضائية، التنفيذية، الإعلامية) المختطفة من عباس منذ 2009 حتى اللحظة.

ويبين أن “هذه العصابة” تحكم سيطرتها بالكامل على مفاصل السلطة (الأمن، الإعلام، المال) مع الاحتفاظ بالتنسيق الأمني مع الاحتلال لحفظ المناصب والامتيازات الحكومية الرفيعة.

ياسر عباس السيرة الذاتية

ويوضح السويطي أن عباس يؤجل الانتخابات الشاملة منذ أكثر من عقد ونصف؛ لأن الأخير وحركة فتح تعلم الغضب العارم داخل الشارع تجاه السلطة وفسادها وقرارات التفرد في الحكم.

ويشير إلى أنه لا يعتقد أن وكالة “وفا” ستنشر مرسوما بتعيين ياسر محمود عباس مستشارا خاصا له كونه سيحدث ضجة أو فضيحة” إعلامية أو حقوقية أو إثارة غضب أبناء حركة “فتح”.

وبختم السويطي: “أبناء رئيس السلطة يشغلون أكثر من منصب.. هؤلاء رجال أعمال وتجار يتحكمون في المال والقرار بالضفة الغربية”.

لم يكن ياسر عباس في حاجة لميزانيات السلطة. فقد صرّح مرارًا أنه يدفع لها، لا العكس. تصريح يظنه البعض تبريرًا، لكنه في حقيقته دليل على تغوّل نفوذ رجل أعمال فوق الدولة، يموّلها ويتحكم بها من الخلف.

فساد أبناء محمود عباس

في ظل حصار ينهك الفلسطينيين، وتراجع اقتصادي غير مسبوق، يواصل ياسر عباس نشاطه المالي بثقة، بينما يغرق الشارع الفلسطيني في العجز والفقر والبطالة.

هو ليس مجرد ابن رئيس سلطة، بل عنوان صارخ لانفصال النخبة عن شعبها، ولعجز النظام عن محاسبة حتى أقرب الناس لرأس السلطة.

في الوقت الذي يُعتقل فيه النشطاء ويُقمع فيه المعارضون، ينمو نفوذ ياسر بصمت، محصنا باسم العائلة، وبغطاء من صمت رسمي طويل الأمد.

إغلاق