الخارجية بين الولاء والكرامة.. خطة لاستعادة وجه فلسطين الحقيقي
رام الله – الشاهد| كتبت د. ناديا الغلاييني: في زمنٍ فقدت فيه الدبلوماسية الفلسطينية هيبتها، وتحوّلت السفارات إلى جزرٍ مغلقةٍ يديرها بعض الأشخاص كملكية خاصة، يصبح الإصلاح الحقيقي ليس ترفًا بل واجبًا وطنيًا.
ولأن الترقيع لا يكفي، فإن ما تحتاجه وزارة الخارجية اليوم هو إعادة تأسيس شاملة وجذرية تُعيد إليها معناها ودورها الوطني.
أولًا: تشخيص الأزمة بوضوح
• الوزارة غارقة في الفساد الإداري والمحسوبية.
• السفارات تعمل كشبكات مصالح شخصية لا كواجهات وطنية.
• غياب كامل للرقابة والمحاسبة، وانعدام للكفاءة في كثير من المناصب.
• خطاب سياسي ضعيف، وغير مؤثر دوليًا.
هذه ليست أزمة أفراد، بل أزمة بنية وأخلاق ومسؤولية.
ثانيًا: المبادئ التي تقوم عليها خطة الإصلاح
1. الولاء للوطن لا للفصيل.
2. الشفافية الكاملة أمام الشعب.
3. المحاسبة الصارمة بلا استثناء.
4. الكفاءة والخبرة معيار التعيين الوحيد.
5. إشراك الجاليات الفلسطينية في الرقابة والتقييم.
ثالثًا: المحاور الأساسية لخطة الإصلاح
1. نزع السيطرة السياسية عن الخارجية
• تشكيل مجلس وطني دبلوماسي مؤقت لإدارة الوزارة
• وقف التعيينات السياسية والحزبية فورًا.
• تطبيق الإفصاح المالي الإجباري لكل من يتسلم منصبًا دبلوماسيًا.
2. إطلاق هيئة رقابة مستقلة على السفارات
• تأسيس “مجلس الرقابة على السفارات” من شخصيات وطنية مستقلة وجاليات الخارج.
• نشر تقارير دورية علنية تكشف أداء كل سفارة.
• فتح منصة إلكترونية لتلقي شكاوى الفلسطينيين في الخارج ومتابعتها علنًا.
3. تطهير السلك الدبلوماسي من الفساد
• مراجعة شاملة لكل ملفات السفراء والملحقين منذ 2000 حتى اليوم.
• محاسبة علنية لكل من استغل منصبه أو أموال السفارات.
• إنشاء محكمة خاصة بالفساد الدبلوماسي تُحاكم من أساء تمثيل فلسطين.
4. اختيار الكفاءات على أسس مهنية
• تنظيم امتحانات وطنية موحدة لاختيار السفراء الجدد.
• اعتماد معايير دولية صارمة: اللغة، الخبرة، الفهم السياسي، والقدرة على إدارة ملفات الدولة.
• منع تجديد أي سفير لأكثر من دورة واحدة (4 سنوات كحد أقصى).
5. تحويل السفارات إلى مراكز خدمة ونضال
• إعادة تعريف دور السفارة كمركز وطني للجالية الفلسطينية.
• تنظيم فعاليات ثقافية وإعلامية شهرية باسم “صوت فلسطين”.
• تخصيص ميزانية ثابتة لكل سفارة لدعم الأنشطة الوطنية بدل المصاريف الشخصية.
• إنشاء وحدة علاقات إعلامية داخل كل سفارة لمواجهة الرواية الإسرائيلية.
6. بناء دبلوماسية جديدة تعتمد على الذكاء والتأثير
• الانتقال من “الدبلوماسية الشكلية” إلى دبلوماسية التأثير: التواصل مع الإعلام، الجامعات، ومراكز القرار.
• إطلاق مشروع “السفير الرقمي” لتأهيل شباب فلسطينيين في الخارج كصوت وطني رقمي.
• تأسيس مركز تحليلات سياسية في الوزارة لمتابعة القضايا الدولية وإصدار أوراق موقف رسمية يومية.
7. إرساء ثقافة وطنية وأخلاقية داخل الخارجية
• اعتماد ميثاق شرف دبلوماسي يوقع عليه كل موظف.
• ربط الترقيات بالأداء الميداني لا الولاء الشخصي.
• فرض دورات وطنية وأخلاقية قبل أي تعيين خارجي.
رابعًا: النتيجة المتوقعة من تنفيذ الخطة
• استعادة ثقة الشعب الفلسطيني في مؤسساته.
• عودة صوت فلسطين القوي في المحافل الدولية.
• إنهاء عهد “السفارات الصامتة” واستبداله بدبلوماسية نشطة ومؤثرة.
• خلق جيل جديد من الدبلوماسيين الفلسطينيين يمثلون شعبهم لا مصالحهم.
خامسًا: الخاتمة
إن إصلاح وزارة الخارجية ليس مجرد خطوة إدارية، بل إعلان ولادة مرحلة جديدة في الوعي الوطني الفلسطيني.
فلا يمكن أن نطالب العالم باحترامنا، بينما سفاراتنا تدار كأنها شركات عائلية.
وإن كان هناك نية حقيقية للتغيير، فإن هذه الخطة يمكن أن تُناقش وتُطور لتصبح مشروع وطني جامع يضع فلسطين من جديد في مكانها الطبيعي: دولة تحترم نفسها، فيحترمها الآخرون.
وفي حال وُجد داخل المنظومة من يملك الإرادة الحقيقية للتغيير، ويسعى بصدق إلى إنقاذ وزارة الخارجية والسفارات من واقعها المؤلم، فإنني أُرحّب بكل نقاشٍ مسؤول حول هذه الخطة، ويسعدني التحدث ومناقشة تفاصيلها كاملة، خدمةً لفلسطين ولصوتها الذي يجب أن يبقى حرا وشريفًا في وجه كل فساد وتقصير.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=95558