غزة تصرخ… وصمت الأخوة يقتلها!

غزة تصرخ… وصمت الأخوة يقتلها!

رام الله – الشاهد| كتب محمود كلّم: حين نسمع عن غزة، تتبادر إلى الأذهان صورة السمكة التي تخرج من الماء لتحذّر من التمساح. فالتمساح هنا ليس مجرد رمز، بل هو الحصار، والقصف، والظلم اليومي الذي يبتلع الأطفال والنساء والشيوخ.

والسمكة في هذه الصورة هم أهل غزة، الذين يرفعون أصواتهم رغم الخطر، ويخاطرون بحياتهم ليخبرونا أن الحقيقة لا تُخفى: ألمٌ لا يُحتمل، وحياة تُسحق أمام أعين العالم.

في غزة حتى البكاء يصبح مقاومة، وكل رسالة، وكل صرخة، وكل صورة لطفل يحمل حذاءه القديم، أو أمّ تبحث عن ابنها تحت الركام، هي شهادة على صدق ما يُقال. هؤلاء لا يتحدثون عن رفاهية ولا عن أمان؛ إنهم يتحدثون من قلب الخطر، ومن أعماق اليأس، ومن يقينهم بأن الصمت لن يغيّر شيئاً، وأن العالم بحاجة إلى أن يسمع.

الضعفاء هنا، بعجزهم المادي، هم الأقوى أخلاقياً. لا يخرجون عن صمتهم إلا حين تصبح الكلمات ضرورة، وحين يصبح الحلم بالبقاء على قيد الحياة رسالة، وحين تتحول الصرخة إلى شاهد على ما يُحاك ضد الإنسانية.

غزة ليست مجرد مكان، إنها صرخة. إنها السمكة التي غادرت الماء لتخبرنا بأن التمساح ما زال موجوداً، وأن الحقيقة أكبر من أن تُتجاهل. وكل يوم يمرّ دون تحرك العالم هو شهادة على صمتنا نحن، بينما هم يغامرون بحياتهم ليبقى الأمل حياً.

ويزداد الألم في غزة مرارة حين يضاف إليه صمت من يُفترض بهم أن يكونوا إخوةً ونصيراً: العرب والمسلمون. صمتكم، يا من تتشدقون بالقيم والدين، يطيل الليل على أطفالنا، ويجعل كل دم يُسفك بلا معنى. كم مرة سُمع النداء فلم يُجب أحد؟ وكم مرة تدفقت الصرخات دون أن يهتز قلب؟ غزة اليوم ليست مجرد جرح، بل مرآة خيانة الأخوة، وقسوة القلوب التي اختارت المراقبة بدل الفعل، والكلام بدل التضحية.

وغزة مثل السمكة التي غادرت الماء، تقف وحيدة في مواجهة التمساح، تصرخ بكل قوتها، تنتظر من يعرف قيمتها، من يحرّك ساكناً قبل فوات الأوان، لكن الخذلان أكبر من أن تحمله أكتافها الصغيرة وحدها. وحدها تبقى، وأصواتها تحفر في قلوبنا سؤالاً مؤلماً: أين أنتم أيها الأخوة؟.

إغلاق