شهادات حية لرحلة العذاب التي يمر بها المواطنين عبر جسر الكرامة

أريحا – الشاهد| أظهرت شهادات حية لعدد كبير من المواطنين الذين يسافرون عبر جسر الكرامة الرابط بين الضفة الغربية والأردن، رحلة العذاب التي يعيشونها بفعل إجراءات الاحتلال والتي كان آخرها إغلاقه لمدة شهرين، ناهيك عن عجز السلطة التي تقف موقف المتفرج.
فقد أظهرت أزمة خانقة أصابت المعبر بالشلل، وخلفت معاناة واسعة بين المسافرين الفلسطينيين، إثر الإضراب المفاجئ الذي نفّذه الموظفون الإسرائيليون العاملون في جسر “اللنبي” يوم الأربعاء الماضي، والذي أوقف الحركة بالكامل في ذلك اليوم، لتمتد الأزمة للأيام التالية.
أدى الإضراب إلى تراكم آلاف المسافرين الذين تعذر عبورهم في موعدهم، لتبدأ حلقات الأزمة بالتوسع منذ يوم الأربعاء، ليشهد المعبر ازدحاما كبيرا الخميس، وكذلك الجمعة الذي تكون ساعات العمل فيه محدودة. ومع إغلاق المعبر يوم السبت وما تراكم من الأربعاء والخميس والجمعة، كان المعبر الأحد أكثر اكتظاظا ونفدت التذاكر للعائدين من الأردن مبكرا، خصوصا مع وصول أعداد كبيرة من المعتمرين إلى الضفة الغربية بعد تأخرهم يومين بسبب توقف العمل.
وفي اليوم التالي، الاثنين، توافد مئات المسافرين العائدين الذين لم يتمكنوا من اجتياز المعبر الأحد، ما فاقم الازدحام داخل قاعات الوصول والمغادرة، وسط تدافع وصراخ وغياب شبه تام للتنظيم خصوصا في مسلك العائدين إلى الضفة.
الأزمة لم تقتصر على الجسر العام، إذ امتد الاكتظاظ أيضاً إلى مسار الـVIP الذي يفترض أن يكون أسرع وأكثر انسيابية، لكنه شهد بدوره اختناقات غير معهودة بسبب الضغط الكبير.
الحركة المتوقفة ثم البطيئة أدت إلى ما وصفه المسافرون بـ”رحلة عذاب”. فالمسافة الطبيعية بين عمّان ورام الله، والتي تستغرق عادة بين ثلاث وأربع ساعات، امتدت هذا الأسبوع إلى 7–10 ساعات كاملة، في ظروف مرهقة وخاصة لكبار السن والمرضى والأطفال.
الانتظار بدأ عند مداخل الجسر على الجانب الأردني، حيث توافد المئات منذ ساعات الفجر إلى بوابة جسر الملك حسين، وهناك بدأ التجمع الخانق قبيل دخول قاعات المغادرين.
وتشير العديد من الشهادات أن “دخول قاعة المغادرين أشبه بالمهمة المستحيلة، فأنت بحاجة لساعتين أو أكثر من الوقوف أمام البوابة الخارجية، ومن ثم الدخول إلى شباك تذاكر شركة جت، ومن ثم إدخال الحقائب إلى مسار الفحص، وسط حالة من التدافع والصراخ، وصولا إلى حدوث مشاكل بين المسافرين بسبب حالة الضغط”.
وبرزت شكاوى عديدة من مسافرين تحدثوا عن انتشار ما يشبه “السوق السوداء” داخل رحلة العبور، حيث يلجأ البعض في محاولة للهروب من الإجراءات المعقدة والانتظار الطويل، إلى دفع مبالغ مالية لأشخاص لتسريع الدور أو تجاوز بعض المراحل.
ورغم أن هذه الممارسات لا تتم بشكل رسمي ولا يمكن التحقق منها بسهولة، فإن تكرار الشهادات حولها يعكس بيئة مرهقة تدفع المسافر اليائس إلى البحث عن أي مخرج، حتى لو كان عبر رشاوى تبدأ من 10 دنانير ولا تتوقف عند 100 دينار، سواء في مسلك المسافرين العاديين أو مسلك الـ VIP.
ومع كل أزمة جديدة، ترتفع شكاوى المسافرين من استفحال هذا السلوك، في ظل غياب نظام واضح للتنظيم>
وبعد تجاوز الفحص الأولي، ودخول قاعات المغادرين في جسر الملك حسين، يتوجب على المسافر الانتظار في طوابير طويلة لحين قدوم دوره، ومن ثم تبدأ رحلة أخرى من الانتظار بعد تحميل الحقائب في الحافلات.
بعد إتمام الفحوص الروتينية داخل الحافلات وتحركها نحو الجانب الإسرائيلي، لا بد من التوقف لساعات، قبل السماح بالتحرك، إذ لا يسمح الإسرائيليون سوى بدخول حافلة أو اثنيتن لحين عبور المسافرين، يتم السماح لحافلات أخرى. وهذا يعني ساعات مملة من الانتظار داخل الباصات.
يمثل تلقي سائق الحافلة الإشارة التي تسمح له بالدخول بوابة فرج للمسافرين المنتظرين، وهناك في الجانب الإسرائيلي، يتوجب على المسافرين خوض رحلة أخرى مع الحقائب والوقوف في طوابير الانتظار لإدخال الحقائب إلى التفتيش، ومن ثم الدخول إلى التفتيش الجسدي للمسافرين، وبعدها مرحلة ختم الجوازات واستلام الحقائب التي تحتاج وقتا لا بأس به، وبعد ذلك الطريق نحو استراحة أريحا؛ المحطة الأخيرة قبيل استقلال سيارات الأجرة أو السيارات الشخصية نحو قريتك أو مدينتك.
وسط هذه الفوضى، قال عدد من المسافرين إن الأزمة لم تعد حدثاً طارئاً، بل باتت تتكرر بشكل منتظم، فيما تغيب الإجراءات التي تخفف من معاناتهم أو تضمن انسيابية الحركة.
قالت مسنة، لحظة وصولها إلى استراحة أريحا بعد رحلة طويلة: “لو نقاطع السفر لأسبوع رح يتغير الحال.. إلى متى هذا الذل؟”
صوت هذه الحاجة كان معبرا عن خيبة أمل عامة لدى المسافرين الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير: سفرٌ يزداد صعوبة عاماً بعد عام، وأزمة تتكرر دون حلول ملموسة.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=98116





