كاتب: الانتخابات باشتراطات أوسلو هي قطيعة مع ركائز الشرعية الفلسطينية

كاتب: الانتخابات باشتراطات أوسلو هي قطيعة مع ركائز الشرعية الفلسطينية

رام الله – الشاهد| قال الكاتب والمحلل السياسي طاهر المصري إن إصرار رئيس السلطة محمود عباس على اشتراط الاعتراف بأوسلو وبرنامج المنظمة –بصيغته الحالية– لدخول الانتخابات يمثل قطيعة خطيرة مع الركائز التأسيسية للشرعية الفلسطينية.
وأشار إلى أن وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني في دورته التاسعة عشرة عام 1988، والتي تُعد الوثيقة المرجعية المؤسسة لدولة فلسطين، لم تُشر إطلاقاً إلى التزامات سياسية مسبقة من هذا النوع، بل ارتكزت على منظومة من القيم والمبادئ العالمية، وعلى رأسها العدالة، والكرامة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، كما أكدت على استناد فلسطين إلى قرارات الشرعية الدولية، لا إلى تسويات جزئية مؤقتة.
وأوضح أن هذه الوثيقة نصت الوثيقة بوضوح على أن دولة فلسطين تقوم على “أسس الحرية والعدل والمساواة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية تكوين الأحزاب، ورعاية الطابع الديمقراطي البرلماني” الذي يضمن التعددية السياسية.
ونوه المصري إلى أن هذا يعكس بجلاء أن الأساس الذي قامت عليه الفكرة الدستورية الفلسطينية، لم يكن قائماً على برنامج سياسي بعينه، بل على مبدأ الشراكة والتعدد.
وشدد على أن الوثيقة لم تكن تخاطب فئة دون أخرى، بل خاطبت كل الفلسطينيين، في الداخل والشتات، وأعادت التأكيد على عضويتهم الطبيعية في منظمة التحرير الفلسطينية، التي شُكّلت أصلاً لتجسيد وحدتهم الوطنية، لا لفرض وصايات سياسية عليهم.
واعتبر أن هذا ما يجعل من محاولة حصر التمثيل الفلسطيني، أو تقييده بشرط سياسي مسبق، فعلاً مضاداً لروح وثيقة الاستقلال، وعدواناً على مضمونها.
ولفت المصري إلى أن الانتخابات المزمع عقدها تشكل مدخلاً خطيراً نحو تأسيس نظام سياسي جديد، يقوم لا على التوافق الوطني أو الشرعية الشعبية، بل على ترسيخ طابع استبعادي، يُقصي من لا يعترف بالاتفاقات التي جرّدت المشروع الفلسطيني من جوهره التحرري.
وأعرب عن قلقه من أن هذا التوجه يتم ترويجه وكأنه ضرورة لحماية “الشرعية”، في حين أن المفهوم ذاته يتعرض للنسف من الداخل.
وتساءل: “كيف يمكن اعتبار منظمة التحرير ممثلة شرعية ووحيدة للشعب الفلسطيني، إذا كانت تغلق أبوابها أمام من يختلفون مع برنامجها السياسي؟ إن الشرعية، في السياق الفلسطيني، لم تكن يوماً شرعية سلطة، بل شرعية تمثيل جامع، يستوعب التعدد السياسي والفكري، لا يضيق به”.
وأضاف: “في هذا الإطار، يُصبح من المشروع التساؤل: من يملك الحق في إعادة تعريف الوطنية الفلسطينية؟ هل هو الشخص الذي يملك مفاتيح القرار السياسي، أم الشعب الذي لا يزال يدفع أثمان الاحتلال والشتات والخذلان؟ ومن يقرر من هو الوطني ومن هو الخارج على الإجماع؟ هل هو من أدار ظهره لمقومات الصمود؟، أم من لا يزال يتمسك بحقه في الدفاع عن أرضه وكرامته بكل الوسائل المشروعة التي يضمنها القانون الدولي؟”.
وقال إن الانتخابات ليست هدفاً في ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الشراكة والتمثيل، وحين تتحول إلى أداة لفرض الطاعة، وإقصاء المختلفين، فإنها تصبح خطراً على القضية نفسها، لا سبيلاً لحمايتها.

إغلاق