جواد عواد.. مثال السلطة في تكريم الفاسدين
رام الله- الشاهد| في مشهد مألوف في بنية السلطة الفلسطينية، تتحوّل ملفات الفشل والفساد إلى جواز سفر دبلوماسي، لا إلى مساءلة أو محاسبة. هكذا حدث مع وزير الصحة الأسبق جواد عواد، الذي انتهى به المطاف سفيرًا بأوزباكستان ثم قيرغيزستان، رغم سجله المثقل بالفساد والفشل والمطالبات المتكررة بإقالته.
فمنذ توليه وزارة الصحة في حكومة رامي الحمد الله عام 2013 وحتى مغادرته عام 2019، واجه عواد انتقادات واسعة بين الفلسطينيين، سواء من العاملين في القطاع الصحي أو مواطنين عانوا من تدهور حاد في الخدمات الطبية.
من هو جواد عواد؟
عواد، من مواليد بلدة سعير بمحافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية عام 1962، درس الطب في أوكرانيا وتخصص في الأمراض الجلدية، وشغل منصب نقيب الأطباء قبل تعيينه وزيرًا للصحة.
تولى الوزارة في 3 حكومات متتالية بين أعوام 2013 و2019، ثم عُين لاحقًا سفيرًا للسلطة لدى أوزباكستان وقيرغيزستان.
لكن عهده كان مليئًا بالفشل الإداري، إذ ترسخت مظاهر ضعف البنية التحتية الصحية، وافتقدت الوزارة لأي إنجازات ملموسة في تطوير المستشفيات أو تحسين تجهيزاتها، مع استمرار معاناة المرضى في الضفة وغزة من نقص حاد في الأجهزة الطبية، خاصة في أقسام الطوارئ والعناية المركزة.
سادت الفوضى في توزيع الموارد بين المحافظات، دون خطة استراتيجية واضحة، ما أدى إلى تركز الخدمات في مناطق محددة وحرمان مناطق أخرى.
جواد عواد ويكيبيديا
كما عانى القطاع الصحي من غياب الرقابة على الأخطاء الطبية، وزادت شكاوى المواطنين من حوادث الإهمال دون آلية للمحاسبة أو التحقيق.
ورغم تكرار الحوادث المأساوية، بقي قانون الحماية والسلامة الطبية حبرًا على ورق.
وكان سوء إدارة التحويلات الطبية من أكثر ملفات الفساد وضوحًا، واعتبر نظام التحويلات للعلاج في الخارج موضع انتقاد شديد، بسبب المحاباة والتمييز في اختيار المرضى.
وكشفت تقارير إعلامية عن تحويلات لأشخاص غير مستحقين، فيما حُرم مرضى محتاجون من العلاج بسبب نقص التمويل أو التمييز السياسي.
فضيحة جواد عواد
لكن أقذر ما تورط فيه عواد هي فضائح غياب الرقابة على توزيع الأدوية، في ظل شكاوى من اختفاء أدوية أساسية من المستودعات.
تزامن مع خلل في نظام التوزيع، إذ كانت بعض الأدوية تُباع في السوق السوداء رغم أنها مخصصة للمستشفيات الحكومية.
وسلطت وسائل إعلام الضوء على فضائح الفساد داخل الوزارة، مطالبة بفتح تحقيقات مستقلة وشاملة للكشف عن حجم الفساد وتأثيره على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وفي يوليو 2014، وأثناء العدوان على غزة، استُقبل عواد بإلقاء البيض عليه، في تعبير غاضب عن تسييس المساعدات الطبية وحرمان مشافي غزة من حقوقها.
فساد جواد عواد
لم يكن المشهد الوحيد، فالنقابات الصحية في الضفة خرجت مرارًا بمطالب لإقالته، وسط احتجاجات على سوء الإدارة، الإهمال الطبي، وحوادث مأساوية وثقت بأكثر من محافظة.
كما تورط عواد بفضائح فساد مالي كشف عن بعضها، وأبرزها تضارب المصالح في التعاقدات بمنح عقود توريد أدوية ومستلزمات طبية لشركات ذات صلة بمسؤولين بالوزارة، فضلاً عن غياب الشفافية في المناقصات، وعدم نشر تقارير مالية دورية حول الإنفاق الحكومي في القطاع الصحي.
لكن بدلاً من أن تُحاسب السلطة الفلسطينية عواد على كل هذه الإخفاقات، كان المصير مختلفًا تماماً.
ففي عام 2022، عينته سفيرا في أوزباكستان، وبعد عامٍ فقط أُعيد تعيينه سفيرا في قيرغيزستان.
التعيين المثير للجدل أثار موجة انتقادات، إذ اعتبره كثيرون مكافأة على الفشل، ومثالاً صارخاً على نهج السلطة في تكريم الفاسدين بدل محاسبتهم
كما يسلط الضوء على واقع السياسة الفلسطينية التي تتغاضى عن سوء الأداء وتفشل في اعتماد معايير الشفافية والكفاءة، خصوصاً في القطاعات الحيوية كالصحة.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=92607