السفارات الفلسطينية بين الكلفة والجدوى
رام الله – الشاهد| كتب د. حسن سليم: واحدة من أكثر المرافق التي تُثقل كاهل الدولة والخزينة هي وزارات الخارجية وشبكة السفارات والقنصليات المنتشرة في العالم، التي تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لتغطية النفقات التشغيلية ورواتب السفراء والموظفين ومصاريف المباني، وسيارات و ….، الامر الذي يثير السؤال الكبير: ماذا تفعل هذه السفارات فعلًا؟ وما الذي نستفيده نحن كدولة وجاليات من وجودها؟.
من الناحية النظرية، فان وظيفة السفارات في الوضع الطبيعي واضحة، وتتمثل بالتمثيل السياسي للدولة أمام الحكومات، رعاية مصالح الجاليات، تيسير الخدمات القنصلية، جذب الاستثمارات، والتعريف بالثقافة والقضية الوطنية، لكن في حالتنا على وجه التحديد يضاف اليها مهمة اخرى تتمثل بعكس ما يعانيه شعبنا وما يتعرمن جرائم، وفضحها، والتاثير في الرأي لدى تلك الدولة رسمياً وشعبياً لمناصرة حقوقنا وتأييد مطالبنا في اروقة المنظمات والهيئات الدولية.
فهل فعلا هذا ما تقوم به السفارات، أم ان كثيراً منها تحول الى مكاتب شكلية لا تقوم إلا بالحد الأدنى، في حين تستهلك ميزانيات عالية لا تتناسب مع مردودها؟ وهذا يثير سؤالًا أكثر جرأة يتمثل ب :” هل نحن بحاجة فعلاً إلى هذا العدد الكبير من السفارات في العالم؟.
وعطفا على السؤال واجابة عليه، فان الأجدى التفكير في بدائل أقل كلفة وأكثر فعالية، يتمثل بالإبقاء على سفارات محورية في العواصم الأساسية، اعتماد نظام “السفير غير المقيم” لتغطية عدة دول ببعثة واحدة، تفعيل القنصليات الافتراضية لتقديم معظم الخدمات للجاليات عبر المنصات الرقمية، بدلاً من استنزاف الخزينة ببعثات شبه معطلة، والاستفادة من الكفاءات الفلسطينية والعربية في الخارج كسفراء غير رسميين ضمن أطر منظمة.
ولطبيعة العمل الدبوماسي واهميته والدور المناط به، فان ذلك يفرض ان تدار تلك السفارات سفراء ودبلوماسيين يتم اختيارهم على أساس الكفاءة والمعرفة والخبرة، لكون الدبلوماسية ليست مجرد منصب بروتوكولي، بل مهنة تحتاج إلى إعداد طويل في اللغات والقانون الدولي والعلاقات الاقتصادية وفنون التفاوض، ومن دون هذه الكفاءات، فان السفير يتحول من أداة قوة للدولة إلى عبء عليها.
ولهذا فان إعادة النظر في شبكة التمثيل الدبلوماسي لم تعد ترفاً، بل ضرورة مالية وسياسية، فما لا يخدم مصالح الدولة وجالياتها يجب دمجه أو إغلاقه، وما لا يُدار بكفاءة يجب إصلاحه، عندها فقط تتحول السفارات من “مكاتب تمثيل مكلفة” إلى “أدوات حقيقية للقوة الناعمة والدفاع السياسي والاقتصادي عن مصالح الدولة في الخارج”، وغير ذلك فانه من دون رؤية وطنية واضحة، ستبقى السفارات مجرد “مكاتب تمثيل مكلفة”، بدلاً من أن تكون “أدوات قوة ناعمة ودفاع سياسي واقتصادي عن الدولة والجاليات”.
والخلاصة، فان السؤال برسم الاجابة الذي يتمثل بماذا تفعل السفارات؟ يقودنا إلى سؤال أعمق وهو : ” ما هي استراتيجيتنا الخارجية أصلًا؟”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=93164