السابع من أكتوبر ليس السبب

رام الله – الشاهد| خط الكاتب الفلسطيني فارس صقر مقالاً رداً على الأصوات التي تحمل المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يجري من حرب إبادة وتدمير في الضفة الغربية وقطاع غزة، في أعقاب عملية طوفان الأقصى، وفيما يلي نص المقال كاملاً.
ما قامت به حماس بطوفانها في السابع من أكتوبر لعام 2023، وظهور الكتائب الفصائلية في جنين وطولكرم وطوباس وبقية المدن ليس السبب لما يحصل لنا الآن، ولكن دولة الاحتلال أخذته ذريعة لفتح به نار جهنم على الفلسطينيين من النكبة الأولى عام 1948 وحتى الآن لتحقيق أهدافها الكُبرى في المنطقة.
منذ حزيران/ يونْيَو من عام 2021 وصولاً للسابع من أكتوبر/ تشرين لعام 2023، كانت هناك مُقاومة فلسطينية اختلفت حدتها وقوتها من مدينة لمدينة ولكن كان السابع من أكتوبر هجوما غير مسبوق على دولة الاحتلال وعنصري المباغتة والمفاجئة كانا العنوان، ولكن ما لحق قطاع غزة من دمار شامل، بعد هذا الهجوم وعلى مدار عامين من الإبادة الجماعية التي طالت البشر والحجر والشجر وُصفت من قبل الأمم المتحدة بأنه الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، “إذ أنها لم تُبق ولم تذر ولم ترحم”!
كما أن ما يحصل في محافظتي طولكرم وجنين من طرد وتهجير سكان المخيمات ونزوح أكثر من 60 ألف مواطن خارج بيوتهم وتدمير البنى التحتية وهدم البيوت ما هو إلا دليل واضح بأن همجية الاحتلال وغطرسته زادت لإنهاء القضية الفلسطينية بإلغائها وتهجير المدافيعين عنها وتحقيق أكبر المكاسب الإسرائيلية تحت ذريعة مواجهة المقاومة.
واستغلالاً للسابع من أكتوبر وما قبله وما بعده تقوم إسرائيل بمخططاط تتجاوز مستقبل حماس، بفرض سيادتها الكاملة على الضفة الغربية وتسريع استيطانها الإستعماري بها، وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية وروفع وتيرة الإقتحامات المستمرة للجيش والمستوطنين وتقييد العمل والعمال وتدمير الإقتصاد ووضع البوابات الحديدية والحواجز في كل المناطق، إذ أنه في سبتمبر 2025 وصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية في الضفة الغربية التي نصبها جيش الاحتلال إلى 910 حاجزاً عسكرياً وبوابة حديدية، منها 247 بوابة حديدية نصبها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر 2023.
وما قامت به دولة الاحتلال أيضاً في فتح جبهة تلو الأخرى في عدد من الدول العربية والإسلامية استغلالاً للسابع من أكتوبر لتحقيق انتصاراً من وجهة نظرها في ضرب كل من لبنان وسوريا واليمن وإيران وآخرها كانت قطر لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
الغريب في الموضوع وبعد عامين من الإبادة الجماعية والحرب الكبرى في غزة والأربع أعوام الأخيرة في الضفة، هنالك من يقول أن السابع من أكتوبر هو السبب لما وصلنا له الآن، ولكن ما هو إلا ذريعة لتحقيق الأهداف الكبرى لدولة الإحتلال.
ومع ذلك على إسرائيل أن تدرك أن الاحتلال المستمر يولّد مقاومة لا تنتهي، وأن الرهان على سحق إرادة الشعوب هو وهمٌّ قاتل، وأن تداعيات السابع من أكتوبر ليس إلا نوبة مبارزة مأساوية تتكرر منذ 76 عاماً بين شعب يخشى الزوال وآخر يكافح من أجل البقاء، والقانون والقرارات الدولية دُفنت تحت أنقاض غزة.
وبعد مرور قرابة العامين على بدء الإبادة الجماعية على غزة، تجد كل من إسرائيل وحليفتها الأمريكية صعوبة في اتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدمًا في هذه الحرب أو إيقافها، كونها حققت أم لم تحقق أهدافها ومبتغاها، وإلى حين اتضاح الرؤية ستظل المنطقة على صفيحٍ ساخن، وكل ذلك يعتمد على مدى قوة تحملنا على ذلك وصبرنا الذي نفذ عند البعض ولم ينفذ عند البقية!
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=94187