غزة… الخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور!

غزة… الخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور!

غزة – الشاهد| كتب محمود كلّم: في زمنٍ تهاوت فيه الأقنعة، وسقطت الشعارات، وبان وجه الأمة العربية الحقيقي، نقف اليوم أمام مشهدٍ يختصر كلَّ معاني الخذلان والكرامة المهدورة.
غزة احترقت، وبيوتها تهاوت، وأطفالها يودّعون الحياة بدموعٍ لا تجد من يمسحها، بينما مَن كان يُفترض أن يكونوا الإخوة اكتفوا بالمشاهدة، أو تذرّعوا بالعجز، أو — أسوأ من ذلك — تواطأوا بالصمت والخذلان.
في قلب هذه المأساة يسطع نورٌ لا ينطفئ:
الشكر للشعب الفلسطيني أولاً، ولرجال المقاومة الذين أبدعوا في المعارك وفي الميدان.
هؤلاء الرجال كتبوا بدمائهم معنى الرجولة، وعلّموا العالم أن الكرامة لا تُشترى، وأن الأرض لا تُسترد إلا بالتضحية.
الشكر لليمن، ذلك البلد الجريح المحاصر الذي — رغم جراحه — وقف شامخاً وقال كلمته في وجه الطغيان.
والشكر لجبل عامل وأهله، الذين دفعوا الضريبة غاليةً جداً، ولكل أحرار أوروبا والعالم الذين خرجوا إلى الشوارع، لا لأنهم يتحدثون لغتنا، ولا لأنهم يؤمنون بديننا، بل لأنهم ما زالوا يملكون قلباً حيّاً وضميراً لم يمت.
نعم، ربطتنا بهم الإنسانية؛ تلك التي تخلّى عنها كثيرون ممن تجمعنا بهم اللغة والدين والتاريخ.
أما ما تبقّى، فلا يسعني إلا أن أقول:
الخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور، الخزي والعار للشعوب العربية وحكامها، وللشعوب الإسلامية وحكامها.
كيف للتاريخ أن يرحم أمةً نامت على صرخات غزة؟.
وكيف سيُكتب في السجلات أن مصر، حكومةً وشعباً، لم تُدخل إلى غزة حتى قنينة ماء، وأن الأردن كذلك صمت وهو يرى المعابر تُغلق والأطفال يُقتلون عطشاً وجوعاً؟.
إنها لحظةُ عار لن تُمحى، لحظةٌ سيقف عندها المؤرخون طويلاً ليتساءلوا: أين كانت العروبة؟ أين كان الإسلام؟ أين كان الضمير؟.
في المقابل، كان هناك في شوارع لندن وباريس وبرلين وبرشلونة ومدريد وروما ومالمو أحرارٌ يهتفون لفلسطين؛ كانوا يحملون رايتها لا طمعاً في مجدٍ، ولا انتظاراً لجزاءٍ، بل لأنهم — ببساطة — بشر.
إما أن ننهض الآن ثوّاراً لاسترداد كرامتنا بدمائنا وإرادتنا، أو تُحفر أسماؤنا إلى الأبد في سجل الخزي والعار.

إغلاق