حماس تحيي انطلاقتها الـ 38 بعد أن دقت المسمار الأخير في نعش كيان الاحتلال

حماس تحيي انطلاقتها الـ 38 بعد أن دقت المسمار الأخير في نعش كيان الاحتلال

رام الله – الشاهد| يوافق الرابع عشر من ديسمبر من كل عام الذكرى الثامنة والثلاثين لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي شكلت نقطة تحول فارقة في مسار الصراع والمواجهة مع الاحتلال الصهيوني، ومثلت عنوانا وطنيا جامعا للكل الوطني الفلسطيني.

تمر ذكرى انطلاقة الحركة في ظلال الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى المباركة، على وَقْعِ تحديات داخلية وخارجية كبيرة وخطيرة تعيشها القضية الوطنية الفلسطينية، تصطدم جميعها بصمود شعبنا ومقاومته الباسلة.

تأتي ذكرى الانطلاقة الثامنة والثلاثين في ظل تحولات كبرى، وواقع ومشهد قبلها، أُرِيد من خلاله تصفية قضيتنا الوطنية، فكانت معركة طوفان الأقصى التي رسمت بدماء شهدائنا الذين ارتقوا على طريق الحرية مشهدا سياسيا آخر، لا ما أراده الاحتلال وداعموه، عنوانه لا استقرار في المنطقة دون حرية شعبنا، وحقه في تقرير مصيره بعيدا عن مشاريع الوصاية الحالمة.

تمر انطلاقة الحركة في ظلال الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى المباركة، في تأكيد راسخ ومتجدد لعهد المقاومة المستمر بالدفاع عن مقدسات شعبنا، والانتصار لقضاياه الوطنية وصولا لطرد الاحتلال.

لم تكن مقاومة شعبنا مخالفة لسُنَنِ التاريخ وحق الشعوب في مقاومة محتليها، أو بدعة ابتدعها دون شعوب الأرض التي قاومت المحتل حتى نالت حريتها، وانتصرت فيها إرادة الشعوب المقهورة على الطغاة المحتلين، بصمودها وإيمانها الحتمي بالحرية.

وتؤكد حركة حماس أنها خاضت منذ تأسيسها معارك عسكرية وسياسية متتالية بعضها في ساحة المواجهة مع العدو مباشرة، وأخرى في إطار الوعي على الرواية وسردية التحرير، وقفت فيها في وجه كل المخططات التي أرادت تصفيه القضية الفلسطينية، ومحاولات زرع الهزيمة في شعبنا”.

ومنذ انطلاقة الحركة في الرابع عشر من ديسمبر عام 1987، وعلى امتداد سنواتها الثمانية والثلاثين مرت الحركة بالعديد من التحديات والمحن، التي شكلت لها انطلاقة جديدة أكثر قوة وحضورا في مشهد المواجهة والصراع مع الاحتلال الصهيوني.

مرج الزهور

ففي السابع عشر من ديسمبر عام 1992، أبعد الاحتلال الصهيوني 415 من قادة العمل الإسلامي إلى جنوب لبنان، بعد حملة اعتقالات شرسة شنها عقب أسر كتائب القسام الجندي الصهيوني الرقيب أول نسبم توليدانو.

رفض المبعدون آنذاك القرار وظلوا في منطقة “مرج الزهور” جنوبي لبنان رغم سوء الطقس وقلة الإمكانيات، حتى صدر قرار مجلس الأمن رقم (977) القاضي بعودتهم، فعاد أغلبهم خلال عام.

حول المبعدون مخيمهم في منطقة “مرج الزهور” بجنوب لبنان إلى قبلة للتعريف بفلسطين وقضيتها وأوصلوا صوت فلسطين إلى العالم.

ونجحت الحركة في وأد سياسة الإبعاد، وانتصرت إرادة العودة للوطن، وتخطت تحديا خطيرا يهدف لتغيب قادة المقاومة عن فلسطين وساحتها الوطنية، ومُني الاحتلال بفشل ذريع.

سياسة الاغتيالات

وفي محاولة صهيونية يائسة لاستئصال شأفة المقاومة الفلسطينية، وعلى امتداد محطات المواجهة والصراع لجأت “إسرائيل” لسياسة اغتيال قادة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية.

ولعل أبرز عمليات اغتيال قادة المقاومة خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر عام 2000، كان استهداف الشيخ المؤسس الشهيد أحمد ياسين في الثاني والعشرين من مارس عام 2004، وخليفته في قيادة الحركة الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي وذلك في السابع عشر من أبريل عام 2004.

اغتيالات واستهدافات لم تمنع الحركة من مواصلة طريق المقاومة، بل شكلت وقودا لتصاعد عمليات المقاومة، وهو ما أجبره على الاندحار عن قطاع غزة في سبتمبر عام 2005.

الانتخابات والحصار

شكل فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في الخامس والعشرين من يناير عام 2006، نقطة تحول في المشهد السياسي الفلسطيني.

ومع رفض حركة فتح المشاركة في تشكيل الحكومة، اضطرت حماس لتشكيلها منفردة آنذاك برئاسة إسماعيل هنية، ورغم تعرضها للحصار إلا أنها نجحت في الصمود والتغلب على الحصار المفروض، وتجاوز هذه المحنة.

الحكم والمقاومة

وفي الخامس والعشرين من يونيو عام 2006، وبعد ستة أشهر فقط من نجاح الحركة في الانتخابات، نجحت كتائب القسام إلى جانب فصائل أخرى في أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط من داخل دبابته خلال عملية الوهم المتبدد البطولية.

ونجحت في الثامن عشر من أكتوبر عام 2011 بتحرير 1047 أسيرا فلسطينيا مقابل تسليم الجندي شاليط، لتضيف الحركة إنجازا جديدا بتحرير الأسرى بعد اندحار الاحتلال عن غزة عام 2005، وتسجل نجاحا آخر في قدرتها على المزاوجة بين الحكم والمقاومة.

الحروب المتتالية

واجهت حركة حماس سلسلة من الحروب المتكررة، والحصار المفروض على قطاع غزة، واستطاعت برغم التحديات مواجهتها، وتعزيز قوة الحركة ومكانتها.

ابتداء بمعركة الفرقان عام 2008، وحجارة السجيل 2012، ومعركة العصف المأكول 2014، وسيف القدس 2021، وطوفان الأقصى عام 2023.

حروب مختلفة شنها الاحتلال الصهيوني في محاولة صهيونية فاشلة لاستئصال شأفة المقاومة الفلسطينية الباسلة، انكسرت جميع أهدافها أمام صخرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني ومقاومته البطلة.

طوفان الأقصى

لم تكن معركة طوفان الأقصى المباركة، التي انطلقت شرارتها نصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك، سوى واحدة من أبرز المحطات التاريخية الفاصلة في مسار الحركة ومشروع المقاومة الفلسطينية.

وعلى امتداد أيام المواجهة الطويلة من معركة طوفان الأقصى، مرت الحركة بالعديد من التحديات والمحن، التي لم تكن سببا في تراجع المقاومة أو تقهقرها، بل كانت مصدر إلهام وقوة لها للتمسك بحقوق شعبنا وثوابته الوطنية.

وخلال معركة طوفان الأقصى، ورغم اغتيال الاحتلال قيادة الحركة السياسية والعسكرية، على رأسهم الشهيد الكبير إسماعيل هنية، والشهيد القائد يحيى السنوار والشهيد القائد صالح العاروري، والشهيد القائد محمد الضيف، نجحت الحركة في قيادة المعركة بكل حكمة سياسية، وأداء عسكري بطولي للمقاومة، وهو ما عكس عمق القيادة والسيطرة داخل مؤسسات الحركة السياسية والعسكرية، وقدرتها على مواصلة طريق المقاومة في أصعب التحديات والظروف.

مسيرة طويلة زاخرة بالأحداث والتحديات الصعبة، خاضتها الحركة في كل محطاتها النضالية، وليس أخيرا معركة طوفان الأقصى المباركة، التي قدم فيها شعبنا ومقاومته تضحيات كبيرة، وأثمانا عظيمة على طريق الحرية، سيظل فيها شعبنا ومقاومته صامدا، وسيغدو أكثر صلابة من ذي قبل في مسار الصراع والمواجهة مع الاحتلال، وسيكتب بمداد دماء الشهداء حريته القريبة، وزوال الاحتلال الحتمي بوعد إلهى، وسنن التاريخ التي لا تحابي المحتلين.

إغلاق