مي كيلة.. بارونة الفساد والفشل

مي كيلة.. بارونة الفساد والفشل

رام الله – الشاهد| رغم حساسية وأهمية المنصب الوزاري الذي تبوأته مي كيلة، إلا أنها كانت عنوانًا بارزًا الفساد والفشل، إذ باتت وزارة الصحة بؤرة لإلحاق الضرر بالمواطنين بدلا من تقديم الخدمة الصحية اللائقة.

جائحة كورونا التي ضربت الأراضي الفلسطينية كباقي دول العالم، مثلت امتحانًا حقيقيًا لكيلة، التي حققت أسوأ درجات الرسوب المهني والإداري.

وقبل الغوص في تفاصيل فضائح كيلة، لابد من التعريف بها.

من هي مي كيلة؟

مي حنا كيلة، وشغلت منصب وزير الصحة من أبريل 2019 حتى مارس 2024 ضمن حكومة محمد اشتية.

وهي طبيبة نسائية وتوليد، حاصلة على الدكتوراه في الصحة العامة، وشغلت سابقًا منصب سفيرة فلسطين لدى تشيلي ثم إيطاليا، ةعضوة في المجلس الثوري لحركة فتح، وعضوة حالية في البرلمان العربي منذ أبريل 2024.

ومنذ اليوم الأول لتوليها منصب الوزارة، مارست كيلة الفساد الإداري، بالجمع بين المناصب، حينما احتفظت بمنصبها كسفيرة لدى إيطاليا عقب تعيينها وزيرة للصحة، ما يُعد مخالفة قانونية.

وتعد هذه المخالفة صريحة نظراً لأنها كانت تتقاضى راتبين، أحدهما كسفيرة والآخر كوزيرة، رغم الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية.

مي كيلة ويكيبيديا

وبعد توليها المنصب بعدة أسابيع، ظهرت مي كيلة في مشهد دعائي وهي تُشرف على إرسال شاحنة أدوية إلى غزة، رغم أن الوزارة لم ترسل أي مساعدات طبية للقطاع عام 2019، ما أثار انتقادات حول الكذب والتسييس الإعلامي للمساعدات الصحية.

وواصلت سلسلة فضائحها، وهذه المرة كانت بعد إطلاقها تصريحات مثيرة للجدل حول سرطان الثدي، إذ أنها وخلال خلال حملة “أكتوبر الوردي”، أدلت بتصريح مسيء للنساء حول الفحص الذاتي للثدي.

وقالت في التصريح الشهير: “كل ست تدخل على الحمام وتحسس على حالها بدل ما يحسسوا عليها”، وهو ما أثار موجة غضب واسعة واعتُبر إهانة للمرأة الفلسطينية والطواقم الطبية.

ولم تُفتح تحقيقات رسمية معلنة أو سرية مع الوزيرة كيلة بشأن الجمع بين المناصب أو التصريحات المسيئة، ما يؤكد غياب مبدأ المساءلة داخل السلطة الفلسطينية.

فضيحة مي كيلة

أما الفشل الأكبر للوزيرة فكان في ملف كورونا، فبدا واضحاً ضعف الاستجابة المبكرة للجائحة رغم التحذيرات العالمية، ولم تُتخذ إجراءات وقائية صارمة في بداية انتشار الفيروس، مما أدى إلى تسارع تفشي العدوى في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وجاء اعتراف كيلة بفشلها على رؤوس الأشهاد، بإقرارعا بأن ذروة الجائحة كانت متوقعة منذ سبتمبر 2020، لكنها لم تُفعّل خطط الطوارئ إلا بعد تفاقم الوضع.

كما تورطت في أزمة اللقاحات الفاسدة والتوزيع غير العادل، إذ تاخرت الوزارة في توفير اللقاحات، رغم توفرها عبر شركات معتمدة من منظمة الصحة العالمية.

ولم تحصل السلطة على الجرعات الكافية في الوقت المناسب، ما أدى إلى تأخر حملة التطعيم وزيادة المصابين والمتوفين مقارنة بدول الجوار.

فساد مي كيلة

وعانى القطاع الصحي الفلسطيني من نقص حاد في الأسرة وأجهزة التنفس، خاصة في غزة، ولم تُعالج هذه الفجوات بشكل عاجل، علاوة على عدم يتم توفير الحماية الكافية للطواقم الطبية، مما أدى إلى إصابة عدد كبير منهم بالفيروس.

وجاءت تصريحات مسؤولين في الصحة تحت إشراف كيلة حول أسباب العدوى بين الطواقم لتثير الجدل، إذ اتهموا بـ”العلاقات الاجتماعية” بدلًا من الاعتراف بنقص المستلزمات.

وفي يونيو 2021، أعلنت حكومة الاحتلال عن اتفاق مع السلطة الفلسطينية لتسليم نحو مليون جرعة لقاح فايزر كانت على وشك انتهاء الصلاحية، مقابل حصول “إسرائيل” لاحقًا على نفس الكمية من الشركة المصنعة.

لكن الصفقة أُلغيت بعد ساعات من الإعلان عنها، إثر اكتشاف أن اللقاحات المرسلة تنتهي صلاحيتها خلال أيام، ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا.

مي الكيلة السيرة الذاتية

كما تورطت كيلة بفضيحة تطعيم العمال الفلسطينيين، إذ أنه وخلال حملة تطعيم العمال الفلسطينيين العاملين في الداخل المحتل، استخدمت لقاحات منتهية الصلاحية أو غير موثقة بنقاط حدودية.

واشتكى العمال من غياب الرقابة الطبية، وعدم وجود طواقم مؤهلة في مراكز التطعيم، ما أثار مخاوف من آثار صحية سلبية، مما دفع مؤسسات حقوقية للمطالبة بفتح تحقيق مستقل في ظروف التطعيم، خاصة أن بعض العمال لم يحصلوا على بطاقات تطعيم رسمية.

ولم تصدر في حينه توضيحات مفصلة حول الحملة، ما زاد من الشكوك حول سوء الإدارة والتنسيق، حيث تتسبب الارتباك الإداري والتسرع باتخاذ القرارات خلال الجائحة بنسف ثقة المواطنين بالوزارة.

وخلال الجائحة اتسم أداء كيلة بضعف الرقابة على جودة اللقاحات وغياب الشفافية في إدارة الصفقات وسوء التنسيق مع الجهات والدولية، والفشل في حماية الفئات الأكثر هشاشة مثل العمال.

كما مارست الخداع بحق الجمهور الفلسطيني، وغابت البيانات الدقيقة حول عدد الإصابات والوفيات، ولم يشرك المجتمع المدني أو النقابات الطبية في صنع القرار، ما أفقدهم الثقة الشعبية في الوزارة.

فساد مي كيلة

وشهدت الوزارة خلال فترة كيلة تراجعاً حاداً في جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، واتسمت بالضعف والعشوائية وضعف البنية التحتية الصحية، وافتعال الخلافات مع النقابات الطبية

ودخلت بنزاع حاد مع نقابة الأطباء بعد تصريحات مسيئة من الوكيل المساعد أسامة النجار بحق أطباء مستشفى جنين، إذ أوقفته عن العمل، لكن الأزمة كشفت عن ضعف التنسيق الداخلي وغياب بيئة عمل آمنة للأطباء، ما تسبب بإضرابات واسعة.

وتتهم بفضيحة مستشفى خالد الحسن لأمراض السرطان، إذ أطلق المشروع عام 2016 لإنشاء مركز متخصص لعلاج السرطان وزراعة النخاع في رام الله.

وجمع أكثر من 11 مليون دولار من المواطنين ورجال الأعمال، وتبرع رجل الأعمال حسيب الصباغ بأرض مساحتها 220 دونمًا بقيمة تقديرية بلغت 120 مليون دولار.

وظل المشروع متوقفاً طوال سنوات عمل الكيلة في الوزارة، دون أن يرى النور، مما أثار تساؤلات حول مصير الأموال التي جُمعت.

ولم توضح باعتبارها الجهة الأكثر اتصالاً بالمشروع سبب تأخر التنفيذ، رغم توفر التمويل الجزئي من جهات دولية مثل البنك الإسلامي للتنمية والصندوق العربي.

فساد السلطة الفلسطينية

ودلالة على الفساد المستفحل، تم حل مجلس الأمناء الأول الذي يترأسه الطيب عبد الرحيم، واستبداله بمجلس جديد برئاسة محمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني في حينه، ورئيس الحكومة حاليا.

وتحول المشروع على يد كيلة وبقية اللصوص إلى شركة ربحية، ما أثار انتقادات حول خصخصة مشروع إنساني يفترض أن يخدم المرضى مجانًا.

ورغم أن تورط مي كيلة بهذا الملف لا يرتبط باتهام مباشر بالاختلاس، لكنها كانت جزءًا من منظومة إدارية فشلت في تنفيذ مشروع حيوي رغم توفر الأرض والتبرعات، وغياب الشفافية، وتغيير طبيعة المشروع من إنساني إلى ربحي، أثار شكوكاً واسعة حول سوء الإدارة وتضارب المصالح.

إغلاق