اليوم العالمي لنصرة الأسرى.. لماذا تخلت السلطة عنهم وحرمتهم أبسط حقوقهم؟

رام الله – الشاهد| يحيي الشعب الفلسطيني وأنصار القضية الفلسطينية حول العالم اليوم الوطني والعالمي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وسط ظروف غاية في الصعوبة والمأساة يعيشونها بسبب إجراءات الاحتلال وجرائمه بحقهم.
المعاناة التي يعيشها الأسرى تترافق مع حالة من التخلي التام للسلطة الفلسطينية عنهم، بل ووصل بها الحد حتى محاربتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الراتب، إذ قطعت رواتب الآلاف منهم خلال السنوات الأخيرة.
معطيات رسمية
ونشرت مؤسسات الأسرى أبرز المعطيات المتعلقة بحملات الاعتقال، والتي تشمل الاعتقالات في الضفة بما فيها القدس، حيث بلغت حصيلة حملات الاعتقال نحو (18,500) حالة اعتقال، هذا الرقم لا يشمل حالات الاعتقال في غزة، والتي تُقدَّر بالآلاف.
* النساء: بلغت حصيلة حالات الاعتقال بين صفوف النساء بعد السابع من أكتوبر نحو (570) حالة، وتشمل هذه الإحصائية النساء اللواتي اعتُقلن من الأراضي المحتلة عام 1948، ومن الضفة الغربية، ومن غزة ممن جرى اعتقالهن في الضفة. ولا تشمل هذه المعطيات أعداد النساء اللواتي اعتُقلن من غزة، ويُقدَّر عددهن بالعشرات.
* الأطفال: بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال في الضفة ما لا يقل عن (1,500) طفل.
* الصحفيون: بلغ عدد حالات الاعتقال والاحتجاز بين صفوف الصحفيين منذ بدء حرب الإبادة أكثر من (194) حالة، لا يزال منهم (49) رهن الاعتقال.
* ترافق حملات الاعتقال المستمرة جرائم وانتهاكات متصاعدة، تشمل: عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات والأموال والمصاغ الذهبي.
كما طالت عمليات التدمير البُنى التحتية، لا سيما في مخيمات طولكرم وجنين ومخيمها، إضافة إلى هدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم رهائن، واستخدام معتقلين دروعًا بشرية.
* تشمل حصيلة حملات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة كل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن اُحتجزوا كرهائن.
* إلى جانب حملات الاعتقال، نفّذت قوات الاحتلال عمليات إعدام ميدانية، كان من بينها أفراد من عائلات المعتقلين.
* يُشار إلى أن المعطيات المتعلقة بحالات الاعتقال في الضفة تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن أُفرج عنهم لاحقًا.
استُشهد في سجون الاحتلال بعد السابع من أكتوبر ما لا يقل عن (75) أسيرًا تم الكشف عن هوياتهم والإعلان عنهم، من بينهم (46) شهيدًا من معتقلي غزة، بالإضافة إلى العشرات من معتقلي غزة الذين استشهدوا في السجون والمعسكرات ولم يُفصح الاحتلال عن هوياتهم وظروف استشهادهم، وهم رهن الإخفاء القسري، إلى جانب العشرات الذين تعرّضوا لعمليات إعدام ميدانية.
يُذكر أن الاحتلال يحتجز جثامين (72) أسيرًا من بين الشهداء الذين أعلن عن استشهادهم منذ بدء حرب الإبادة، وهم من ضمن (83) شهيدًا يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.
هذه المعطيات لا تشمل أعداد المعتقلين من غزة نتيجة جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على معتقلي غزة، إلا أن الاحتلال اعترف باعتقاله آلاف المواطنين، وأفرج عن المئات منهم لاحقًا.
ويُشار إلى أن الاحتلال اعتقل آلاف العمال من غزة الذين كانوا متواجدين في الأراضي المحتلة عام 1948 للعمل بتصاريح دخول، كما اعتقل المئات من عمال غزة في الضفة، إضافة إلى مواطنين من غزة تواجدوا في الضفة بغرض العلاج.
إجمالي أعداد الأسرى في سجون الاحتلال حتى تموز/ يوليو 2025ارتفع عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى نحو (10,800) أسير. هذا الرقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
● بلغ إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال حتى بداية شهر تموز/ يوليو 2025 نحو (10,800) أسير، وهو العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، وذلك استنادًا إلى المعطيات التوثيقية المتوفرة لدى المؤسسات.
● الأسيرات: يبلغ عددهن حتى تاريخ اليوم (49) أسيرة، بينهن أسيرتان من غزة.
● الأطفال: حتى تاريخ اليوم، بلغ عددهم أكثر من (450) طفلًا.
● المعتقلون الإداريون: حتى بداية تموز/ يوليو، بلغ عددهم (3,629) معتقلًا، وهي النسبة الأعلى مقارنة بأعداد الأسرى الموقوفين والمحكومين والمصنّفين “كمقاتلين غير شرعيين”.
● المعتقلون المصنّفون “كمقاتلين غير شرعيين”: بلغ عددهم (2,454) معتقلًا، علمًا أن هذا الرقم لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.
ويُعدّ هذا الرقم الأعلى منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، ويُذكر أن هذا التصنيف يشمل أيضًا معتقلين عربًا من لبنان وسوريا.
قطع الرواتب
وبعد أن أقدمت السلطة على قطع رواتب الأسرى، وتحويلهم إلى مؤسسة “تمكين”، رفض أهالي الأسرى والشهداء والجرحى تعبئة استمارة المسح الاجتماعي بمعايير مؤسسة “التمكين الاقتصادي”، والتي تعمل بموجب قرار أصدره رئيس السلطة محمود عباس بقطع مخصصات عائلات الأسرى والشهداء والأسرى.
العائلات قالت في بيان لها: “قرار عباس انتهاك صارخ للقيم الوطنية وتكريس لسياسة التمييز ضد من قدموا دمائهم دفاعاً عن فلسطين، مؤكدين أن مخصصات أسر الشهداء والجرحى ليست منحة خيرية بل حق مقدس تكفله المواثيق الوطنية”.
وطالب الأهالي بالغاء قرار تعبئة استمارة المسح الاجتماعي، وضمان استمرار صرف المخصصات دون شروط تعجيزية، وتشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة في دوافع قرار عباس وآثاره.
خطورة الخطوة
هذا وكشف باحث مختص في شؤون الأسرى عن خطورة كبيرة وراء تحويل عباس مخصصاتهم إلى مؤسسة التمكين الاقتصادي.
وقال الباحث والأسير المحرر عبد القادر بدوي إن مؤسسة تمكين أهلية غير حكومية، والخطورة تتمثل بغياب الحصانة لها والثقة الحكومية ما يضعف استمرارها.
وأوضح أن “إسرائيل” وأمريكا تحاولان الضغط على السلطة الفلسطينية بإلغاء المخصصات، وهذا القرار يمثل نزع للشرعية عن النضال الفلسطيني.وأشار بدوي إلى أن هناك ضغط كبير دولي لوقف مخصصات الأسرى.
وبين أن ظروف توقيع عباس للمرسوم غامضة وجاءت في فترة حوار ونقاش مع جميع المؤسسات التي تعنى بالأسرى.
عباس يتعهد بالمزيد
فيما كشفت صحيفة معاريف العبرية عن تعهد عباس بتوقيع وثيقة رسمية تتضمن سلسلة تغييرات جذرية بالنظام الفلسطيني، أبرزها وقف تحويل رواتب الأسرى، وتحويلها إلى آلية دعم اجتماعي ضمن مبادرة لدفع حل الدولتين.
وقالت معاريف في تقرير إن المبادرة تشمل إجراء انتخابات خلال عام على الأكثر، وتغيير المناهج الدراسية، بإطار جهود لدفع حل الدولتين وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية دوليًا.
يتزامن ذلك مع تحركات دولية أوسع، بينها مؤتمرات في باريس ونيويورك، لإحياء فكرة حل الدولتين بمشاركة أطراف عربية ودولية بارزة.ووفقاً لرسالة عباس إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 يونيو، فإن المقترح يلغي القانون الذي يدفع مخصصات للأسرى بناءً على شدة الفعل وعدد سنوات السجن، ولعائلات من قُتلوا بعمليات استشهادية.
والفكرة المطروحة هي إنشاء هيئة مشابهة لمؤسسة التأمين الوطني تدفع رواتب للعائلات (وليس للأسرى مباشرة) وفقًا لاحتياجاتهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
ويلتزم عباس برسالته بإخضاع هذه الآلية للرقابة الدولية بنية معالجة الانتقادات الدولية الموجهة لنظام “رواتب الشهداء والأسرى” الحالي.
إذلال الأسرى
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل وصل حد إذلال الأسرى من قبل السفارات التابعة للسلطة والتي من ضمنها سفارتها في القاهرة.
فقد كشفت مصادر مقربة من المحررين استمرار أزمة تتعلق بترتيبات إبعادهم إلى دول غير مصر بسبب امتناع السلطة الفلسطينية عن إصدار جوازات سفر لهم، ورفضها المشاركة في أي من ترتيبات انتقالهم أو رعايتهم في أماكن الإبعاد.
وأشارت المصادر إلى أن جميع الأسرى المبعدين يقيمون حاليًا في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، وذلك على نفقة حركة حماس، في ظل غياب أي دعم من السلطة الفلسطينية أو سفارتها في القاهرة، أو من قيادة حركة فتح.
وأوضحت المصادر أن عدة دول رفضت حتى الآن استقبال الأسرى المبعدين، باستثناء كل من تركيا وقطر وماليزيا ومصر، في حين ترفض السلطة الفلسطينية الانخراط في هذا الملف، وتمارس ضغوطًا على عدد من المحررين بشأن تحديد وجهة إبعادهم.
وتصف المصادر موقف السلطة بـ”التنصل من المسؤولية”، وترى فيه شكلًا من أشكال الضغط السياسي على حركة حماس. كما كشفت عن وجود حالة من “الغضب” داخل أوساط القيادة الفلسطينية، خاصة في حركة فتح، إثر رغبة بعض الأسرى المحررين المحسوبين على الحركة في اختيار تركيا كوجهة للإبعاد.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=92031