ماجد فرج.. عراب التنسيق الأمني وأخطبوط الأعمال القذرة

ماجد فرج.. عراب التنسيق الأمني وأخطبوط الأعمال القذرة

رام الله – الشاهد| “عراب التنسيق الأمني”؛ “رجل إسرائيل في السلطة”؛ “أخطبوط الأعمال القذرة”.. كل هذه أوصاف يعرفها الشارع الفلسطيني عن رئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية ماجد فرج.

فمع كل حدث أو جريمة؛ يبرز اسم فرج الذي تربطه علاقات قوية مع الإسرائيليين ومحافل أمريكية وغريبة؛ كأداة السلطة القوية لتنفيذ مخططاتها الخبيثة.

كل هذا تُرجم في يناير 2023، بتعديل رئيس السلطة محمود عباس قانون المخابرات ليمكن فرج من الاستمرار في منصبه فترة غير محددة.

وبموجب التعديل أصبح تعيين رئيس الجهاز وإنهاء خدماته بيد رئيس السلطة، كما أصبح يتمتع بدرجة وزير كمكافأة له على جرائمه.

فـ من هو ماجد فرج؟
ولد ماجد علي محمد خليل فرج، وكنيته أبو بشار، في 28 فبراير/شباط 1963 في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية، نزحت عائلته من قرية راس أبو عمار في قضاء القدس.

وتوفيت والدته عندما كان في الـ13 من عمره بعد معاناة مع مرض عضال، وهو الأخ الثاني ضمن 6 أشقاء، وبعد زواج والده الثاني صار له 6 إخوة آخرون.

وقد دفعته ظروف الفقر داخل المخيم إلى ترك الدراسة والعمل للمساهمة في إعالة العائلة، فتنقل بين عدد من الورشات والمهن، فعمل في صناعة الصدف في منجرة بالمخيم، وبناء السوق المركزي لبيت لحم، ثم في ورشة الخشب لصناعة ألعاب الأطفال بمركز المصادر للطفولة المبكرة التابع لمؤسسة بيت الشرق التي كان يرأسها الراحل فيصل الحسيني.

واعتقل فرج لأول مرة عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية لمدة عام ونصف العام، وتوالت بعدها الاعتقالات لأكثر من 15 مرة، إذ أمضى في المجمل 6 سنوات متنقلا بين السجون والمعتقلات الإسرائيلية في الفارعة والظاهرية والمسكوبية والخليل ونابلس وعتليت والنقب.

كان فرج في الـ22 من عمره عندما تزوج من الفلسطينية أمل، حيث جمعهما النضال داخل هيئات حركة فتح، إذ كان حينها مسؤولا بالشبيبة الفتحاوية وكانت هي مسؤولة الشابات، قبل أن يجمعهما الزواج عام 1985، وتتولى الزوجة منصب نائب رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية.

وقد استشهد والده خلال اجتياح قوات الاحتلال بيت لحم عام 2002 ضمن عملية عسكرية أطلقت عليها “الدراع الواقي” وحاصرت خلالها كنيسة المهد 40 يوما، وأطلق جنود الاحتلال حوالي 10 رصاصات عليه عندما خرج لشراء الخبز والحليب خلال فترة حظر التجوال.

ودخل معظم أشقائه السجون الإسرائيلية، وكان شقيقه أمجد من كوادر الجبهة الشعبية في بيت لحم، وقضى في السجون 6 سنوات، وتوفي في عقده الثالث بعد معاناة مع مرض عضال، ونعته القوى الوطنية بوصفه واحدا من شهداء الحركة الوطنية الفلسطينية.

وعام 2018 أجرى عملية جراحية ناجحة على القلب في أحد مستشفيات الولايات المتحدة، حيث تم تركيب دعامتين في الشرايين التاجية لقلبه، كما خضع قبلها بـ6 أشهر لعملية قسطرة في القلب بأحد المستشفيات الإسرائيلية.

الدراسة والتكوين
تلقى فرج تعليمه الأساسي والثانوي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الدهيشة، وحصل على شهادة الثانوية العامة وهو في السجن.

وتوقف عن الدراسة لفترة طويلة قبل أن يقرر استئنافها، فحصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة من جامعة القدس المفتوحة عام 1995.

انتمى في سن مبكرة للجبهة الشعبية واعتقل بسبب نشاطه فيها لمدة عام ونصف العام، وهو في الـ16 من عمره، ثم قرر بعدها الانضمام لحركة فتح.

وشارك في تأسيس “الشبيبة الفتحاوية” الذراع الشبابية والطلابية لحركة “فتح” عام 1982 بهدف تنظيم الشباب الفلسطيني وتوعيته لمقاومة الاحتلال، غير أن “إسرائيل” حظرتها عام 1987، كما كان أحد قيادات الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى.

المسار السياسي
مع إنشاء السلطة الفلسطينية عقب اتفاق أوسلو عام 1993، انضم فرج لجهاز الأمن الوقائي في بيت لحم، ثم عين مديرا للجهاز بمحافظة دورا، وعام 2000 تولى الأمن الوقائي بمحافظة الخليل، وعام 2003 عمل مستشارا لوزير الداخلية حكم بلعاوي، إلى أن عين مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية عام 2006.

كلفه عباس برئاسة المخابرات العامة في 15 سبتمبر 2009، خلفا للواء محمد منصور، وهو الرئيس الرابع للجهاز بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي ومنصور.

لعب فرج دورا مهما في الكثير من الملفات الإستراتيجية للسلطة الفلسطينية أبرزها المصالحة مع حركة حماس والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، والتنسيق الأمني مع “إسرائيل”، بالإضافة إلى ملفات خاصة عديدة أوكلها إليه عباس مما أكسبه نفوذا واسعا.

برز اسمه سياسيا عند مشاركته ضمن وفد فتح في حوارات المصالحة مع حماس، التي عقدت في القاهرة ما بين عامي 2009 و2011.

وشارك فرج في وفد منظمة التحرير الذي زار قطاع غزة في أبريل 2014، مما نتج عنها إبرام اتفاق مصالحة مع حركة حماس وتشكيل حكومة توافق وطني برئاسة رامي الحمد الله.

وفي مقابلة صحفية نادرة عام 2016 مع موقع “ديفينز نيوز” دافع فرج عن التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة و”إسرائيل”، وقال إن سيستمر لمنع المزيد من الفوضى ومنع من سماهم المتطرفين، وأعلن حينها أن أجهزة السلطة الفلسطينية أحبطت 200 هجوم محتمل ضد “إسرائيل” واعتقلت أكثر من 100 فلسطيني وصادرت أسلحة.

وتحظى شخصية فرج بالقبول لدى اللاعبين الدوليين والإقليميين، وخاصة الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وبسبب هذا القبول كلفه عباس في 2 ديسمبر 2017 بترؤس وفد من السلطة لزيارة واشنطن لمناقشة أزمة إغلاق مكتب البعثة الفلسطينية بالعاصمة واشنطن.

وكان مع الحمد الله في زيارة لغزة في مارس 2018، حين تعرض الموكب لهجوم بقنبلة زرعت على الطريق لكنهما لم يتعرضا لأي أذى، وحمل عباس حينها حماس مسؤولية الهجوم، غير أن هذه الأخيرة نفت هذه الاتهامات، واتهم قياديون فيها فرج بتدبير التفجير للعبث بأمن القطاع واختلاق حجة للتملص من المصالحة.

وعام 2020، قالت مصادر إعلامية فلسطينية وإسرائيلية إن أجهزة السلطة اعتقلت خلية من أعضاء فتح يشتبه في تخطيطها لهجوم على عائلة فرج.

وقد أوردت المصادر أن الموقوفين كانوا يخططون لتفخيخ سيارة أسرة رئيس المخابرات، غير أنه تم التكتم على نتائج التحقيقات النهائية.

في مرمى الاتهامات
عام 2013، اتهمت حماس فرج بتحريض النظام المصري عليها، وعلى قادتها، من خلال معلومات خاطئة حول وجود دور للحركة في الأحداث الأمنية في مصر.

وأعلنت حماس حينها حصولها على وثائق موقعة من رئيس جهاز المخابرات تتضمن تعليمات للقيام بحملة منظمة -بالاشتراك مع إعلام فتح- لتحريض الرأي العام المصري عليها وعلى قطاع غزة، عبر نشر معلومات عن تدخل حماس بالشؤون الداخلية لمصر مما نتج عنه توتر العلاقات بين حماس والنظام المصري.

وقد وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اتهامات لفرج بالاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج في يونيو/حزيران 2016.

وفي الشكوى -التي وجهتها لمكتب النائب العام بالمحكمة الجنائية الدولية- قالت المنظمة إن لديها أدلة تشير لتورط جهاز المخابرات برئاسة فرج وجهاز الأمن الوقائي في حملة اعتقالات تعسفية تضمنت مداهمات ليلية، ومصادرة مقتنيات شخصية، وتعريض بعض المعتقلين للاختفاء القسري والتعذيب.

وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان -من خلال عدد من الوثائق- أسماء المعتقلين والأماكن التي احتجزوا فيها بشكل مخالف للقانون، وتعرضوا فيها لتعذيب وحشي.

التنافس على خلافة عباس
أصدر رئيس السلطة قرارا بقانون في العاشر من يناير 2023 سمح بموجبه لرئيس المخابرات بالبقاء في منصبه لمدة مفتوحة لا تنتهي إلا بقرار منه، وأن يكون رئيس المخابرات العامة بدرجة وزير.

وكانت ولاية فرج قد انتهت عام 2013 بموجب القانون السابق، لكنه ظل يشغل منصبه بدعم من رئيس السلطة.

وقد قرأ مراقبون القرار بأنه خطوة لتعزيز حظوظ فرج في معركة الخلافة على منصب الرئيس، ومحاولة من عباس لتوسيع دائرة القيادات المتنافسة على منصبه بعد وفاته أو فقدانه القدرة على إدارة السلطة بسبب العجز الطبي.

ولخلافة عباس، يحظى فرج بالقبول الأميركي والإسرائيلي بالنظر لدوره في التنسيق الأمني بين السلطة و”إسرائيل”، وتعاونه مع وكالة الاستخبارات الأميركية، في عدد من الملفات، ودعمه خطة الأميركي مايكل فينزل التي تستند إلى فكرة إنشاء قوة أمنية فلسطينية يتم تدريبها وإرسالها لمواجهة المجموعات شمال الضفة الغربية.

ويواجه فرج منافسين آخرين في معركة الخلافة هم حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح، ومحمود العالول نائب رئيس المنظمة، وجبريل الرجوب أمين سر لجنتها المركزية، ورئيس الوزراء محمد اشتية، والأسير القيادي بحركة فتح مروان البرغوثي.

التكريمات
وشّحه عباس بوسام نجمة القدس العسكرية عام 2013، الذي يمنح للقيادات العسكرية والأمنية الفلسطينية والعربية والأجنبية التي “قدمت خدمات لفلسطين”؛ وفق زعمه.

إغلاق