“مسارات”: عودة السلطة لغزة لاستكمال مهمة “إسرائيل” بتدمير المقاومة

“مسارات”: عودة السلطة لغزة لاستكمال مهمة “إسرائيل” بتدمير المقاومة

رام الله – الشاهد| قال مدير السياسات والأبحاث في مركز مسارات خليل شاهين إن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة سيكون لصالح انشغالها بالمهمات الرئيسة التي تريدها “إسرائيل” وأمريكا وأطراف أوروبية؛ أي أن تستكمل المهمة التي بدأها جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر؛ وهي تدمير قدرات المقاومة أو “استكمال سحب سلاحها.

وأوضح شاهين في تصريح أنه من المهم الأخذ بعين الاعتبار التوقيت الذي تشكلت فيه هذه الحكومة، إذ إنها جاءت في ظل الحديث عمّا يسمى “اليوم التالي” في قطاع غزة، وتصاعد الضغوط الخارجية على السلطة الفلسطينية لإجراء “إصلاحات”، وجوهر هذه الإصلاحات يعني انشغالها بالحرب على المقاومة.

وذكر أن ذلك ترافق مع الحديث عن إدخال إصلاحات في جوهرها تقليص صلاحيات رئيس السلطة لحساب رئيس الوزراء، وقد جرى الحديث على المستوى الدولي والإقليمي عن عدة أسماء لتولي هذا المنصب.

ونبه شاهين إلى أنه ولذلك تقدم عباس بهذه الخطوة في هذا التوقيت بالذات؛ ليقطع الطريق على أية محاولات لتحجيم صلاحياته ودوره وتحويله إلى مجرد رئيس فخري، وذلك من خلال اختيار شخصيات تبدو وكأنها تكنوقراط، ولكنها موالية له في نهاية المطاف.

ووفق شاهين؛ كما أنه بهذه الخطوة قطع الطريق على أي تدخل داخلي فلسطيني من أجل الوصول إلى توافق حول تشكيل هذه الحكومة، بمعنى أنه اتخذ هذا القرار بشكل منفرد دون التشاور مع الفصائل التي كانت تستعد للحوار في موسكو، ولا حتى مع حركة فتح نفسها، إذ لم تجتمع اللجنة المركزية لحركة فتح لتقرر في الأمر.

لذلك أثارت هذه الخطوة استياءً واسعًا، ليس فقط لدى الفصائل التي اتهمت عباس بأنه يتخذ القرارات بشكل فردي دون توافق وطني، أو على الأقل دون ما سمي تاريخيًّا “الشرعية الفصائلية”، ولا من خلال شرعية شعبية عبر الانتخابات، ولا من خلال الحصول على تأييد من داخل حركة فتح؛ مما أظهر استياءً من داخل فتح نفسها من الطريقة التي شُكّلت بها هذه الحكومة.

ولفت شاهين إلى أن السبب الرئيس لتشكيل هذه الحكومة من حيث المعطيات السابقة، هو رغبة عباس في الحفاظ على حكمه الفردي في الضفة الغربية تحديدًا.

وينعكس هذا الأمر على تشكيل الحكومة من شخصيات تكنوقراط، وهذا الأمر جاء لإقصاء الفصائل الفلسطينية عن عملية المشاركة في اتخاذ القرار، وحتى لا تشكل عبئًا على قرارات عباس والسياسات التي يريد تبنيها، ولذلك فهو يريد حكومة موالية له، وأفضل طريقة لذلك هي تشكيل حكومة تكنوقراط غير منخرطة في الشأن العام؛ مما يمكّنه من تحجيم دور الوزارء.

وبحسب شاهين؛ فإن لدى محمد مصطفى رؤية تقوم على الفصل بين الجانب السياسي والخدماتي، بحيث تتكون الحكومة من كفاءات لإدارة الشؤون الخدمية، أما الشأن السياسي فهو من خارج اختصاص الحكومة، وهو خاضع لمنظمة التحرير.

وأكد أن هذه الرؤية محكوم عليها بالفشل. والآن بعد تشكيل الحكومة يثبت أن هذا الأمر غير ممكن، لا سيما أن محمد مصطفى نفسه هو شخصية سياسية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أي أعلى هيئة قيادية للشعب الفلسطيني؛ مما جعل هذا الأمر يبدو مستغربًا.

وقال إنه جاء في خطاب التكليف الصادر عن رئاسة السلطة أن من مهام الحكومة العمل على توحيد المؤسسات بين الضفة وغزة. وهذا الموضوع غير ممكن دون التوجه إلى الفصائل وتحديدًا حركة حماس؛ لأن حماس ما زالت باقية ولم تتنازل عن دورها السياسي والإداري في القطاع.

وبين أنه صدرت تصريحات غريبة من الحكومة الحالية تقول بأن موضوع إدارة غزة هو شأن يعود إلى السلطة الفلسطينية والحكومة، ولا أحد يقرره غيرهما، وهذا يعني أن هناك تجاهلا كاملا للواقع الموجود في قطاع غزة.

ونبه شاهين إلى أنه يجب أن مصطفى في ذهنه أن القضية الرئيسة هي الاحتلال، الذي يهيمن على الضفة بمختلف تقسيمات أوسلو الجغرافية، وليست العودة إلى قطاع غزة، فالحكومة فعليًّا غير قادرة على العمل في الضفة الغربية، وأخشى أن الحكومة لا تدرك هذه الحقيقة، وتظن أن هناك إمكانية للتفاهم مع الاحتلال، وهو ما ثبت فشله خلال 30 سنة.

ومن جانب آخر، تواجه الحكومة -وفق شاهين- صراعًا على الصلاحيات مع الرئاسة نفسها، فعباس يحتكر معظم الصلاحيات، ودون أن يمنح رئيس الوزراء الصلاحيات التي يكفلها له القانون الأساسي لا يمكنه أن يمارس دوره المنوط به.

فرئاسة السلطة لا تتدخل فقط في تشكيل الحكومة وفرض الشخصيات عليها، وإنما أيضًا في سياسات الحكومة وقراراتها. وقد أثبتت التجارب السابقة أنه بموازاة الحكومة تكون هناك حكومة ظل في المقاطعة، وهي الحكومة الحقيقية التي تحكم وتدير كل شيء.

إغلاق