لماذا تمنع سلطة النقد السيولة عن غزة وتدخرها ببنوك تُسرق بالضفة؟

رام الله – الشاهد| تتفاقم أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة للعام الثاني على التوالي في ظل استمرار حرب الإبادة ومنع الاحتلال إدخال السيولة النقدية وتقاعس السلطة الفلسطينية وسلطة النقد عن إدخال السيولة تحت ذرائع واهية.
ونتيجة لأزمة السيولة، لجأ الغزيون إلى أساليب قديمة مثل المقايضة والشراء بالدين، حيث أصبح التجار يمنحون البضائع دون دفع فوري، كما انتشر البيع عبر التطبيقات المصرفية والتحويلات الإلكترونية لتجنب التعامل بالنقد، لكن هذه الحلول تظل محدودة بسبب ضعف الإنترنت وقيود البنوك.
وفتحت تلك الأزمة الطريق واسعاً أمام تجار العملة لاستغلال المواطنين، عبر أخذ عمولات سحب كبير تصل إلى 33 بالمائة في كثير من الأحيان، وهو الأمر الذي كبد المواطنين خسائر وصلت حد السرقة من أموالهم أمام أعينهم.
ولم تقم سلطة النقد التابعة للسلطة بأي جهد حقيقي لإدخال العملة والسيولة النقدية، على الرغم من مناشدات المواطنين والمؤسسات لتلك السلطة بالتحرك العاجل لإدخال السيولة والسماح للبنوك بضخ السيولة في السوق.
ذرائع واهية
سلطة النقد بررت في أكثر من مرة عدم إدخال السيولة النقدية إلى عدم وجود أمن لحماية البنوك في قطاع غزة في ظل استمرار الحرب.
وتزعم تلك السلطة أن أحد مصارفها تعرض خلال العام الماضي لعملية سطو مسلح وتم سرقة منه 8 ملايين شيكل، ومنذ ذلك الوقت وتتخذ من تلك الحادثة التي لم تثبت مدخلاً للتهرب من إدخال السيولة النقدية والمشاركة في الحصار المالي وسرقة أموال الغزيين عبر تجار العملات.
إلا أن تلك الذريعة الواهية تسقط أمام حقيقة استمرار الجريمة في الضفة الغربية تجاه المصارف الفلسطينية والتي تسجل جريمة بمعدل كل شهر ونصف تقريباً على بنك أو أحد فروع البنوك بالضفة الغربية، ورغم ذلك تستمر تلك السلطة في تقديم خدماتها المصرفية.
وقد شهدت الضفة الغربية خلال عام 2024 تصاعذا ملحوظا في عمليات السطو المسلح التي استهدفت البنوك خلال النصف الأول من العام، إذ تم تسجيل 13 جريمة سطو مسلح، مقارنة ب6 جرائم في الفترة نفسها من عام 2023، مما يشير إلى زيادة بنسبة 116 بالإضافة.
كما ووقعت ثلاث عمليات سطو على الأقل في النصف الثاني من عام 2024 بذلك يصل إجمالي عدد حوادث السطو المسلح على البنوك في الضفة الغربية خلال عام 2024 إلى 16 حادثة على الأقل.
استغلال التجار
المواطن فراس ياغي ذكر أن الكثير من التجار استغلوا شح السيولة النقدية لرفع أسعار السلع، ناهيك عن رفضهم أخذ الأوراق النقدية المتهالكة، وإن قبلوا بأخذها يقومون بإجبار المواطنين على اقتطاع جزء من المبلغ كـ”بدل تالف”.
وبين أن تجار العملة يفرضون نسبة عمولة عالية جداً على كل مبلغ يقوم بسحبه من محفظته المالية، تتراوح بين 20-33 بالمائة، وسط عدم تدخل من البنوك التي تحجم أيضاً عن تقديم السيولة النقدية لعملائها على الأقل.
من جانبه، قال أحد تجار السيولة النقدية في غزة خلال تصريحات صحفية إنه “يحصل على الأموال من كبار التجار الذين يقومون باستيراد البضائع من خارج غزة”، لافتا إلى أن “هذه الفئة هي التي تحتكر السيولة النقدية وتتسبب بوجود أزمة بالقطاع”.
وأوضح أنه “يحصل على 2 إلى 3 في المائة من نسبة الربح فيما يحصل كبار التجار على النسبة الأكبر، لافتا إلى أنهم الشريحة المسؤولة عن هذه الأزمة والمستفيدين من بيع البضائع والأموال”.
وأشار إلى أنه “يقوم في كل فترة بجولة على كبار التجار من أجل الحصول على السيولة النقدية التي لديهم مقابل نسبة مالية، وذلك من أجل بيعها، لافتا إلى أن التجار يحتاجون بدورهم للأموال في حساباتهم البنكية من أجل الاستيراد من الخارج”.
أسباب الأزمة
الخبير الاقتصادي، نصر عبد الكريم، قال إن “أزمة السيولة النقدية أحد الأسباب الرئيسية لتوقف النظامين المصرفي والتجاري عن العمل”، مشيرا إلى أن هذه الأزمة كانت سببا في ارتفاع نسبة التضخم بغزة وانهيار النظام الاقتصادي.
وأوضح عبد الكريم، أن “كبار التجار احتكروا منذ بداية الحرب في غزة نسبة كبيرة من السيولة النقدية، بعيدا عن البنوك”، لافتا إلى أنهم قاموا توظيفها في تجارة العملة بطريقة غير قانونية.
وأضاف “وفق المحددات القانونية والاقتصادية فإنه لا يسمح أن تتجاوز نسبة العمولة على السحب 2% من إجمالي المبلغ؛ إلا أن هناك حالة من عدم الالتزام بهذه المحددات نظرا لغياب الرقابة وعدم قدرة النظام المصرفي على ملاحقة المتجاوزين”.
وأشار إلى أن “هذه الآلية أرهقت سكان القطاع وتسببت في ضعف القدرة الشرائية لديهم، والعزوف عن شراء حتى الاحتياجات الضرورية”، مشددا على أنها كانت سببا في انهيار النظام الاقتصادي بالكامل”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=86372





