لهذا السبب.. فرض الحبس المنزلي على قائد الأمن الوطني السابق “نضال أبو دخان”

لهذا السبب.. فرض الحبس المنزلي على قائد الأمن الوطني السابق “نضال أبو دخان”

رام الله – الشاهد| كشفت مصادر فلسطينية أن السلطة فرضت الحبس المنزلي على القائد السابق لجهاز الأمن الوطني اللواء نضال أبو دخان بعد فترة قصيرة من إحالته للتقاعد المفاجئ.

وقالت المصادر إن السبب الرئيس لفرض الحبس المنزلي على اللواء أبو خان هو اتهامات له بالتحرش الجنسي خلال فترة ترأسه للجهاز.

وكان رئيس السلطة قد أصدر في الأول من مارس الماضي، قراراً بتعيين اللواء العبد إبراهيم عبد السلام خليل قائداً لقوات الأمن الوطني، خلفاً لأبو دخان الذي أحيل للتقاعد.

من هو أبو دخان؟

تعود أصوله إلى مدينة حيفا المحتلة، التي نزحت منها عائلته عقب نكبة عام 1948، لتستقر في قرية فقوعة قضاء جنين. ومن هناك، غادر والده العقيد علي أبو دخان إلى الجزائر، فاستقر وعمل في سلك التعليم، ثم التحق بصفوف حركة “فتح” والتي أصبح ممثلها في ولاية تبسة.

أنجب ثلاثة أبناء، أكبرهم نضال الذي ولد عام 1968. وفي الجزائر، حصل نضال على درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية من كلية “شرشال”، إلى أن عادت العائلة مجدداً إلى الضفة الغربية بعد تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994.

بدأت مسيرته العملية بانضمامه إلى جهاز الأمن الوقائي على إثر تأسيس السلطة عقب اتفاق أوسلو، ثم انتقل إلى جهاز “الحرس الرئاسي” الذي حقق فيه قفزاتٍ كبيرة؛ من مديرٍ للتدريب والتخطيط، إلى مديرٍ للعمليات، فقائداً لوحدة التدخل السريع، وانتهاءً بقيادته وحدة العمليات الخاصة. وقد تولى إلى جانب هذه الأخيرة عام 2007، رئاسة الاتحاد العام للرياضات العسكرية.

مكث أبو دخان في منصبه هذا حوالي عامين، قبل أن يدخل في عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، التي شرع فيها محمود عباس فور استلامه رئاسة السلطة. وهي العملية التي تشبه ما يمكن أن نسميه “ضبط المصنع” لقيادات الأجهزة الأمنية، إذ أعاد عباس بناءها تحت رعايةٍ وإشرافٍ وتدريب أميركي بقيادة الجنرال كيث دايتون، بهدف القضاء على ما تبقى من انتفاضة الأقصى.

الولاء لعباس

تطلبت هذه المرحلة الجديدة إزاحة عباس للقيادات التاريخية للأجهزة الأمنية، فأصدر في أيلول/ سبتمبر 2009 سلسلة قراراتٍ برزت على إثرها وجوه جديدة مقربة منه، كان أبرزها تكليف اللواء ماجد فرج قائد جهاز الاستخبارات العسكرية، بقيادة جهاز المخابرات العامة، وتكليف العقيد أبو دخان من جهاز الحرس الرئاسي بتولي قيادة جهاز الاستخبارات العسكرية خلفاً لفرج، وترقيته إلى رتبة عميد.

تزامنت هذه الترقيات مع تصاعدٍ جنوني في موجة الاعتقالات التي شنتها أجهزة السلطة الأمنية على مئات الشباب بـ”تهمة” الانتماء لحركة “حماس”، وسجلت حالات عديدة من التعذيب (بعضها وصل حد القتل) داخل السجون.

على إثر ذلك، حملت جهات حقوقية مدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وقائد الاستخبارات العسكرية العميد نضال أبو دخان، ورئيس جهاز الأمن الوقائي اللواء زياد هب الريح، بـ”المسؤولية المباشرة عن اعتقال المواطنين الفلسطينيين وتعذيبهم في مراكز تقع خارج رقابة القانون”.

وفي أواخر أيلول/ ديسمبر 2011، وبعد عامين من توليه قيادة جهاز الاستخبارات العسكرية، أصدر أبو مازن قراراً آخر يقضي بترقية العميد نضال أبو دخان إلى رتبة لواء، وتكليفه بقيادة قوات الأمن الوطني خلفاً لذياب العلي الذي أحيل إلى التقاعد.

من المعروف عن أبو دخان ولاؤه لأبو مازن، والحظوة التي يكنها له الأخير منذ عمله في الحرس الرئاسي والتي تجلت ملامحها بمراسيم ترقيات استثنائية، كما يعرف بعلاقاته الجيدة مع الجانب الأميركي، وتوليه قيادة الجهاز الذي نال الحصة الأكبر من الدعم والتمويل والدورات العسكرية الخاصة لأفراده بتمويل وإشراف مباشر من الأميركان، وهو ما لا يخفيه أبو دخان. فهو مثلاً يتباهى في إحدى مقابلاته عام 2013، بأن “المساعدات الأميركية من دعم مالي ودورات تدريبية، ساهمت في رفع مستوى أفراد الأجهزة الأمنية من حيث الجاهزية والأداء الاستخباراتي، وانعكس أثرها الإيجابي على التنمية السياسية في فلسطين”.

عصا عباس الثقيلة

تحول اللواء أبو دخان إلى عصا ثقيلة بيد أبو مازن، يفرض بها رؤيته، ويهشم بها عند الحاجة كل الرؤوس المعارضة له داخل تنظيم “فتح” قبل أي تنظيم آخر.

وهو ما دشن عام 2013 بما يمكن أن نطلق عليه، ولو تجاوزاً، “حرب المخيمات” بنسختها الفلسطينية، والهادفة إلى سحق جيوب التمرد على صاحب المقاطعة وقراراته، خصوصاً من المجاميع المسلحة التابعة لـ”فتح” في مخيمات الضفة الغربية، من الخليل جنوباً إلى بلاطة وجنين شمالاً.

منح أبو مازن قائد قوات الأمن الوطني صلاحيات مطلقة لفرض حضور السلطة، وتجفيف كافة منابع “المجموعات المقاومة”، في مواجهات مسلحة استمرت لسنوات متتالية، كان أعنفها ما جرى في البلدة القديمة بمدينة نابلس عام 2016.

شهدت البلدة اقتحاماً واسعاً قادته الكتيبة الخاصة 101 وبإشراف ومتابعة مباشرة من أبو دخان، وتطورت أحداثها إلى اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل 5 أشخاص: اثنين منهم من أفراد الأمن الوطني وثلاثة من سكان البلدة القديمة، من بينهم أحمد حلاوة “أبو العز”؛ أحد قادة كتائب شهداء الأقصى ووجهاء البلدة القديمة، والذي قتل ضرباً بعد اعتقاله على يد أفراد الأمن الوطني داخل سجن “الجنيد”، وقد اتهمته السلطة بأنه “العقل المدبر” لمقتل عنصري الأمن شبلي بني شمسة ومحمود طرايرة، مكتفية بالتعقيب على حادثة تصفيته بالقول: “أبو حلاوة استفز رجال الأمن الذين اعتقلوه بشتمهم، فانهالوا عليه ضرباً حتى قُتل”. على إثر هذه الحادثة، طالبت عائلة أبو حلاوة بإقالة أبو دخان، إذ حملته المسؤولية عن إعدام ابنها.

استمرت علاقة اللواء المتوترة بنابلس، وبمخيم بلاطة تحديداً، لسنوات، وقد تكثفت حملات جهازه الأمني مع انتشار وباء “كورونا”. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2020، قتل واحد وأصيب آخرون من السكان وأفراد الجهاز الأمني. فيما زار اللواء أبو دخان غرفة عمليات الأمن الوطني في نابلس، وأشاد بـ “الجهود الجبارة لقوات الأمن الوطني في حفظ الأمن والنظام العام، وفرض سيادة القانون”.

وأشار عدد من المراقبين حينها، إلى أن الحملة التي تقوم بها قوات الأمن الوطني تأتي في سياق معركة خلافة أبو مازن، ومحاولة تصفية الجماعات المحسوبة على القيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، وقد رافقت ذلك حملة اعتقالات في مخيم الأمعري.

إغلاق