“شرعية وهم وكم أفواه”.. كاتب: السلطة تخشى الكلمة الصادقة أكثر من الاحتلال

رام الله-الشاهد| قال الكاتب السياسي إسماعيل الريماوي إن السلطة الفلسطينية ومعها كثير من المنابر الإعلامية، تخشى الكلمة الصادقة أكثر مما تخشى الاحتلال، كعدو خارجي معلوم، أما الكلمة الحرة فهي سؤال وجود يهدد شرعية بنيت على الوهم، واستقرارًا قائمًا على كمّ الأفواه.
وأوضح الريماوي في مقال أنه في اللحظة التي يكتب فيها صاحب رأي مستقل مقالا نقديًا يمس السلطة الفلسطينية أو يضع علامات استفهام حول مشروعها السياسي، تبدأ أبواب النشر في الانغلاق بصمت، وتُرفَض المواد لا لعيوب في اللغة أو ضعف في الحجة، بل لغياب “الانتماء” الفصائلي، وكأن الوطنية مرهونة ببطاقة تنظيمية أو ولاء سياسي.
وذكر أن العبارة التي كثيرًا ما تتكرر بوجوه متعددة – “لست فتحاويا وتنتقد السلطة فلا تنشر مقالك عندنا”– ليست مجرد جملة عابرة، بل هي اختزال لواقع إعلامي مأزوم، يخلط بين النقد والتجريح، وبين الاستقلال والتجريم السياسي، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى أصوات حرة قادرة على مساءلة الواقع الفلسطيني بكل ما فيه من تآكل سياسي، واحتكار للتمثيل، وتراجع في مشروعية القيادة.
وبين الريماوي أن الكاتب أو الصحفي المستقل يصبح وكأنه دخيل على المشهد، يُحمّل مسبقًا نوايا التشويه، ويُحاكم خارج أي معيار مهني.
وأكد أن الأخطر من ذلك أن بعض المنصات التي تُصنَّف كمستقلة – لا سيما تلك التي تنشط بلفضاء الرقمي وتروّج لخطاب حر – تمارس رقابة ناعمة لا تقل قسوة عن قمع السلطة الرسمي.
ونبه الريماوي إلى أن حرية التعبير فيها مشروطة بالسقف السياسي للفريق القائم عليها، ومعيار النشر فيها ليس جودة المادة أو راهنيتها، بل مدى انسجامها مع ما لا يُقال صراحة: “لا تمسوا السلطة، ولا تزعجوا الفصيل الحاكم”.
وقال إنه هكذا يُختزل مفهوم “الاستقلال” إلى استقلال عن الناس لا عن السلطة، واستقلال عن النقد لا عن التبعية.
وأوضح أن المأزق هنا ليس فقط في انسداد الأفق أمام الكاتب الحر، بل في انزلاق المشهد الإعلامي نحو بيئة طاردة للعقل النقدي، خالية من المساءلة، لا تؤمن إلا بالتطبيل أو الصمت.
وأشار إلى أنه حين يُمنَع المقال النقدي من النشر، لا يخسر الكاتب فقط منبرًا، بل تخسر القضية الفلسطينية فرصة للمراجعة والتصحيح وإعادة التموضع في لحظة تاريخية بالغة الخطورة.
وختم: “إن لم يكن للإعلام دور في كشف الفساد، وفهم أسباب الانقسام، ومساءلة مركز القرار، فما قيمته؟ وإذا أصبح النقد خيانة، فمتى يكون الولاء جريمة؟”.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=88513





