جبريل الرجوب.. راضع حليب الخيانة ومرضعه بفتح والسلطة
رام الله–الشاهد| يُحسب جبريل الرجوب على “تيار الصقور” في حركة فتح إلا أنه من أبرز شخصياتها المركزية التي خرجت خالية الوفاض من توزيع كيكة السلطة الفلسطينية التي نال نصيبها الأكبر تيار حسين الشيخ، ما جعله كغيره ممن لم ينالوا أي منصب يشعر بالغضب مما يجري.
الرجوب المرشح لتولي خلافة عباس في رئاسة السلطة وفتح، لما يتمتع به من نفوذ داخل الحركة في الضفة الغربية، ولجنتها المركزية، لكن درجة قربه من رئيس السلطة لم تكن كافية كقرب حسين الشيخ لنيل أهم منصب حاليا وهو نائب الرئيس.
ولم يفلح الرجوب على مدار سنوات مضت في تسويق نفسه عربياً وإسرائيلياً وشعبياً ليظفر بالمنصب، بعكس الشيخ الذي شكل شبكة علاقات واسعة داخلياً وخارجياً بفعل درجة التصاقه بعباس على مدار اليوم بل والساعة.
من هو جبريل الرجوب؟
يذكر أن جبريل الرجوب يعتبر من الشخصيات التي لا تمتلك مهارة سياسية تؤهله لقيادة السلطة، إذ يفشل بكظم غيظه وغضبه خلال اللقاءات الرسمية والشعبية والإعلامية.
ورغم تقديم الرجوب وصلات تسحيج لرئيس السلطة قبل انعقاد المجلس المركزي لتعيين نائب للرئيس، إلا أنه فشل مجددا بدفع عباس به كشخص لتولي المنصب الجديد.
ففي أبريل الماضي قال: “عباس قد يكون آخر رئيس فلسطيني يؤمن بحل الدولتين ويعارض المقاومة كوسيلة لتحقيقه”.
وأوضح لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية أن عباس “هو آخر أركان الحركة الوطنية الفلسطينية الذي يؤمن بأمرين هما تحقيق مصالحة تاريخية مع إسرائيل وفق حل الدولتين وأن سفك الدماء لا ينبغي أن يكون خيارا لتحقيق هذا الهدف”.
جبريل الرجوب ويكيبيديا
وفشل الرجوب في تسويق نفسه للأنظمة العربية والإدارة الأمريكية والاحتلال عبر مهاجمة المقاومة وآخرها هجومه على حركة حماس وعملية 7 أكتوبر، بقوله: “أدرك أن أبرياء، بمن فيهم نشطاء سلام، نساء وأطفال، قتلوا في ذلك اليوم. لا يمكن لأحد أن يدعم شيئا كهذا”.
ولم يكتف بذلك بل قال: “إن أجهزة السلطة الفلسطينية ليست مهمتها الاشتباك مع الاحتلال ومقاومته”.
في أغسطس 2024، أوقف الاحتلال الرجوب وهو عائد الضفة الغربية عبر معبر الكرامة، بعد تفتيش سيارته وضبط مبالغ مالية كبيرة من فئة الدولار واليورو بداخلها، وهو أمر محظور قانونياً لدى الاحتلال.
حاول بداية الأمر ركوب موجة الوطنية بنشر أمر الاستدعاء على منصات التواصل، للإيحاء بأنه ملاحق من الاحتلال، لكنها تسببت في فضحه، غير تأكيد المصدر الأمني الاسرائيلي أن التحقيق معه كان على خلفية جنائية لتورطه بتهريب الأموال.
وعادة ما يحظى قادة السلطة وحركة فتح بمعاملة تفضيلية عبر معبر الكرامة، إذ لا يضطرون للانتظار مثل باقي المواطنين، ويسمح بمرورهم بسياراتهم، بفضل بطاقات vip التي يمنحهم إياها الاحتلال.
فساد جبريل الرجوب
وثائق رسمية عديدة سربت حول حالة الفساد والسرقة في المجلس الأعلى للشباب والرياضة الذي يترأسه الرجوب، فقد أظهرت بيانات وزارة المالية، المنشورة على موقعها، أن حجم مصروفات المجلس الأعلى للشباب والرياضة منذ بداية العام 2021، بلغت 46.08 مليون شيقل ، والتي لم توضح أوجه صرفها رغم التراجع الكبير بالأداء الرياضي.
هذا إلى جانب التعيينات الوظيفية في المجلس التي يمكن الاستغناء عنها، إلا أن الرجوب وظف فيها المقربين منه وآخرين وضعهم كشراء ذمم، وأظهرت التقسيمات الإدارية في المجلس أن عدد المصنفين على مسمى “مدير عام” بلغ 25 موظفاً، ومدير “A” 59 موظفاً، ومدير “B” يصل إلى 20 موظفاً، ومدير “C” يصل إلى 54 موظفاً، كما يظهر في الموازنة العامة 2018، مع الإشارة إلى أن عامي 2019 و2020 كانت هناك موازنة طوارئ ويفترض أن لا يكون هناك ترقيات أو تعيينات جديدة.
خيانة جبريل الرجوب
صعود الرجوب في المناصب بالسلطة الفلسطينية وحركة فتح التي كان أهمها رئاسة جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية غير واضحة بالنسبة للكثيرين، فالرجل منحه الرئيس الراحل ياسر عرفات رتبة “عقيد” رغم أنه لم يتلق أي تعليم عسكري، ولم يكمل تعليمه الثانوي، وبلا قدرات عسكرية بفلسطين أو خارجها.
وبدأ الرجوب بعد تولي قيادة الجهاز بإثبات نفسه على حساب أبناء شعبه ومقاوميه، فنفذ أخطر عملية تخابر مع الاحتلال عبر تسليم ما تعرف بخلية “صوريف” التي أوجعت الاحتلال بعمليات نوعية.
الخلية التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس نجحت في أواسط التسعينات بتنفيذ عمليات على مدار 4 سنوات، أدت لمقتل 11 إسرائيلياً، وأسر الجندي شارون أدري وقتلته، وأخفت جثته 7 أشهر.
عمل قائد جهاز الأمن الوقائي آنذاك جبريل الرجوب بكل بقوة على البحث والتحري عن الخلية واعتقل بعض أفرادها، ووضعهم بسجون الوقائي سيئة السمعة، وأذاقهم ألوان العذاب، قبل تسليمهم بطريقة قذرة للاحتلال بخيانة يندى لها الجبين.
فيما اعتقل الاحتلال اثنين آخرين من الخلية وهما أيمن قفيشة ورائد حمدية، ولم ينتزع أي اعتراف أو معلومات منهما، بالمقابل وجراء التعذيب القاسي والمجرم من أفراد الوقائي انتزع الرجوب معلومات عن عمل الخلية.
جبريل الرجوب وخلية صوريف
وفي 13 نوفمبر عام 1997، وبعد أشهر من اعتقال بعض أفراد الخلية قرر الأمن الوقائي نقل قائدها عبد الرحمن غنيمات ورفيقه جمال الهور من سجن الخليل إلى سجن جنيد في نابلس، رغم مخاطر اعتراضهما من قوات الاحتلال.
جيش الاحتلال نصب كمينا للسيارة التي نقلتهما قرب قرية حوارة، وطلب بمكبرات الصوت من سائق السيارة التوقف، وقبل أن تتوقف، كان المستعربون يطوقون السيارة ويعتقلون من بداخلها وينقلونهم إلى غرفة قريبة لتشخيصهم، ليعتقل غنيمات والهور، بمشهد من الخيانة لم تعتد عليه فلسطين من قبل.
الكاتب والمحلل السياسي ماجد عزام قال إن الرجوب صعد ووصل لأعلى المناصب في السلطة الفلسطينية من خلال بيئة غير ديموقراطية وهو لا يملك تاريخًا رياضيًا طويلًا.
ويوضح عزام أن الرجوب الذي يعد أبرز قادة حركة فتح ويمني نفسه بشغل متصب رئاسة السلطة بعد عباس، مشيراً إلى أن حالته تجسيد لتمسك الأجبال الهرمة المترهلة بمناصبها رغم الفشل الذريع سياسيًا ومؤسساتيًا من المنظومة كلها التي يعتبر عضوًا أصيلًا فيها.
جبريل الرجوب والجنسية الإسرائيلية
في 29 مايو 2015، وقف الرجوب على منصة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وأعلن سحب الطلب الفلسطيني بتجميد عضوية الاحتلال الإسرائيلي فيه لانتهاكاته المستمرة بشأن الرياضة الفلسطينية.
قرار سحب الطلب الذي جاء مفاجئاً وصادماً للشارع الفلسطيني، برره الرجوب بأنه بعض أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم قالوا له بإنه قاس على “إسرائيل”.
وكان الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اتهم “إسرائيل” بعرقلة أنشطته، والتضييق على حركة لاعبي الضفة الغربية وقطاع غزة، كما اتهم الفلسطينيون الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بغض الطرف عن التمييز ضد اللاعبين العرب في كرة القدم الإسرائيلية، وطالب بمنع 5 فرق إسرائيلية من اللعب لأن ملاعبها بنيت في مستوطنات فوق أراض فلسطينية محتلة.
“إسرائيل” أعربت عن ارتياحها آنذاك لسحب الرجوب طلب تجميد العضوية، فكافأه بتقديم الجنسية الإسرائيلية، التي قال إنها لا تعني عدم حصوله على التنسيقات والأذونات المسبقة بالتنقل بصفته كمسئول فلسطيني عبر المنافذ التابعة لها.
ولم يكن قرار سحب تجميد عضوية الاحتلال في الفيفا السبب الوحيد لمكافئة الرجوب، إذ يطول تاريخ الرجل بخدمات جليلة قدمها للاحتلال وأهمها تسليم عشرات المقاومين بعد اعتقالهم.
وتبوأ الرجوب رئاسة جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية مع بدء تشكيل السلطة الفلسطينية، وأحبط كل عمل مقاوم ضد الاحتلال، وعمل على خط الخطوات الأولى للتنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=88728