التحول الرقمي.. هل هو مصلحة وطنية أم إملاءات خارجية؟

رام الله – الشاهد| كتب الخبير في أنظمة الدفع الالكتروني وأمن المعلومات الدكتور عزالدين زعول: في ظل هذا التطور السريع للتكنولوجيا أصبح التحول الرقمي والأتمتة من المواضيع المهمة والمشتركة بين المنظمات والدول، كما أنه ساهم في تغيير نمط الحياة البشرية وطريقة استهلاك الخدمات.
و نظراً لخصوصية الظروف الاستثنائية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ينبغي توخي الحذر من الاندفاع الأعمى نحو تبني هذا التطور التكنولوجي دون دراسة وافية. فالمخاطر جسيمة، والعواقب قد تكون وخيمة على كافة المستويات: دولةً، أفراداً، ومؤسسات.
من هنا وفي حال نجحت جهود سلطة النقد الفلسطينية في #التحول_الرقمي في #المدفوعات والوصول الى الهدف المنشود من خلال الخدمات والحزم التي لا شك انهم بذولوا جهوداً كبيرة لاطلاقها مثل تطبيق Hukumati والهوية الرقمية .E- SADAD , iBURAQ, iDplus
بالاضافة للتطبيقات البنكية و المحافظ الالكترونية الاخرى.
تثير الجهود المتسارعة وغير المسبوقة التي تبذلها سلطة النقد، مع ما يرافقها من استثمارات مالية كبيرة، لتسريع التحول نحو مجتمع بلا نقد في هذه الظروف الخاصة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، العديد من التساؤلات. كما تُعد هذه السرعة نقطة ضعف جوهرية في هيكل النظام المالي والاقتصاد الوطني، وذلك لأسباب عدة، وهذا يستدعي من سلطة النقد تقديم إجابات واضحة على جملة من التساؤلات، أبرزها:
هل البنية التحتية الفلسطينية مهيئة وجاهزة لمثل هكذا تحول؟ وكيف يمكن التحول الى الرقمنة و البنية التحتية للاتصالات الفلسطينية محتكرة منذ اكثر من 30 عام بيد شركة خاصة ولا تملك الحكومة مفاتيحها؟! وهل تعلم سلطة النقد ان جزء كبير من المناطق خارج تغطية الشبكات الفلسطـينية (أوريدو، جوال) ما يعني أن سكان هذه المناطق لن يكون باستطاعتهم الاستفادة من التحول الرقمي بشكل كامل.
يطرح واقع السيطرة على البنية التحتية للإنترنت تساؤلاً جوهرياً حول حدود سيادة الدولة الفلسطينية. فمصدر الاتصال بالإنترنت في مناطق السلطة الفلسطينية يخضع بالكامل للسيطرة (الإسرائيلية)، مما يمنحه القدرة على قطع الخدمة أو حتى المحتوى في أي لحظة وبأقصى درجات السهولة. وهو ما تم تطبيقه عملياً في مناسبات عدة. في ظل هذا الواقع الهش، يبرز سؤال بالغ الأهمية: ما هي الخطط الاحتياطية والبدائل التشغيلية التي أعدتها سلطة النقد الفلسطينية لضمان استمرارية الخدمات المالية الرقمية في حال انقطاع الإنترنت والمحتوى؟
لا يمكن فصل التحول الى الرقمنة عن أمن الطاقة وهنا تبرز مفارقة خطيرة، وهي أن (إسرائيل) تسيطر أيضاً على مصدر الطاقة ولكم ان تتخيلوا العواقب في حال توقف التيار الكهربائي من الشركة القطرية (الاسرائيلية) فإن مجتمع بأكمله واقتصاده سيصابان بالشلل التام لان شريان الحياة للمعاملات المالية (الرقمنة في المدفوعات) سيتوقف عن النبض فوارًا. مما يعرض الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للخطر.
يشترط التطور التكنولوجي الفعلي وجود بنية تحتية متطورة ومرنة، حيث يستحيل بناء قدرات رقمية متقدمة في غياب السيطرة على الركائز الأساسية كشبكات الكهرباء والاتصالات والإنترنت.
يقصد بالتحول الرقمي في مجال المدفوعات الانتقال إلى نظام مالي لا يعتمد على النقد المادي، حيث تُستبدل النقود الورقية والمعدنية بالمعاملات الإلكترونية. ويتجلى ذلك من خلال خلو ماكينات الصراف الآلي من الأموال النقدية، والاعتماد الكلي في المعاملات على الإنترنت وتطبيقات المحافظ الرقمية.
يثور تساؤل جوهري حول مدى جاهزية الريف الفلسطيني لاستيعاب هذا التحول الرقمي وإلى أي درجة يمكن اعتماد الريف الفلسطيني شريكاً فعلياً في هذا التحول؟ وهل أعدت سلطة النقد الدراسات الكافية لقياس قدرة هذه المجتمعات على الاندماج في منظومة مالية رقمية بالكامل؟.
يبرز هنا تناقض لافت، ففي غياب عملة وطنية فلسطينية، كان من المتوقع أن تسارع سلطة النقد إلى استغلال فرصة العملات الرقمية لإصدار جنيه فلسطيني رقمي بديل مستقل عن الشيكل. إلا أن سياساتها تتجه في الاتجاه المعاكس، حيث تسن قوانين تحظر التعامل بهذه العملات، مما يثير تساؤلات حول مدى ثقتها الحقيقية بهذا التحول المالي.”
ختاماً: يريد المواطن الفلسطيني معرفة حقيقة الهدف من هذا التحول هل هو تطوير النظام المالي الفلسطيني فعلاً؟ أم هو وضع قيود على حرية المواطنين المالية ونحن فقط نطبق أجندات خارجية وخطط وضعتها الانظمة المالية العالمية الكبرى؟! وهل هو حكمة ام حرمة وطنية …؟!.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=96783





