إثارة النعرات الطائفية.. قانون تستخدمه محاكم السلطة لتبرير الاعتقال السياسي

إثارة النعرات الطائفية.. قانون تستخدمه محاكم السلطة لتبرير الاعتقال السياسي

الضفة الغربية – الشاهد| تواصل محاكم السلطة وأجهزتها الأمنية في محاكمة العديد من النشطاء والمواطنين في الضفة الغربية بسبب نشاطهم السياسي أو حرية الرأي والتعبير، وتتخذ تلك المحاكم من قانون "إثارة النعرات الطائفية" مبرراً لمحاكمتهم واستمرار اعتقالهم.

وكان آخر فصول استخدام ذلك القانون لتبرير استمرار الاعتقالات السياسية ما أقدمت عليه نيابة أريحا صباح اليوم الاثنين، من تمديد اعتقال الناشط طارق خضيري على تلك التهمة، كما ووجهت نيابة نابلس صباح اليوم الاثنين، ذات التهمة للمعتقل السياسي عوني الشريف.

وسبق أن اعتقلت وحاكمت أجهزة السلطة آلاف المواطنين والنشطاء والصحفيين والمعارضين السياسيين بتهمة "إثارة النعرات الطائفية"، واستمر بتوجيهها إلى اليوم لمن تقوم باعتقالهم على الرغم من مناشدات مؤسسات حقوق الانسان للسلطة ومحاكمها بالعدول عن استخدامها في ملاحقة المعتقلين السياسيين.

تهمة بلا مواصفات

المختص القانوني ماجد العاروري قال في وقت سابق إنه القانون الذي تستخدمه السلطة ومحاكمها في محاكمة النشطاء والأفراد بتهمة إثارة النعرات الطائفية هو قانون العقوبات الأردني لعام 1960.

وأوضح العاروري نص على أن كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس مدة ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارًا.

وبين أن القانون جاء واضحًا في تحديده لمواصفات هذه الجريمة، وحدد أن الفعل قد يكون مكتوبًا أو خطابًا، وربطه بهدف إثارة النعرات على أساس مذهبي أو عنصري، والمذاهب يمكن تحديدها بوضوح؛ ففي الإسلام على سبيل المثال هناك أربعة مذاهب هي المذهب الحنفي، والحنبلي، والشافعي، والمالكي، ولكل مذهب مواصفاته.

أما العنصرية فتعني جماعة بشرية تعتقد أنها تملك مواصفات جاءت بناءً على أمور مورثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم، وتعتمد في بعض الأحيان على لون البشرة، أو الثقافة، أو مكان السكن، أو العادات، أو اللغة، أو المعتقدات، وبالتالي لا بد أن يؤخذ أي فعل يراد تجريمه على خلفية إثارة النعرات مدى احتوائه لأركان وعناصر الجريمة وفقًا للمواصفات التي يحددها القانون.

وأشار العاروري أن ما يثير الانتباه في السنوات الأخيرة، أن السلطات الرسمية الفلسطينية قد بالغت، بل افترت أحيانًا في توقيف واعتقال صحفيين فلسطينيين أو ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ووجهت لهم تهمة إثارة النعرات الطائفية، على خلفية آراء قاموا بنشرها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد أداء السلطة أو الحكومة أو الأجهزة الأمنية أو حتى انتقاد مسؤولين متنفذين بعينهم.

دوافع سياسية

من جانبه، قال رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان عمار دويك إن السلطة تستخدم تهمة إثارة النعرات الطائفية ضد من يتم محاكمتهم ويكونوا معظمها على دوافع سياسية، وبقانون أردني قديم يجب تعديله في ضوء انضمام فلسطين لمؤسسات حقوقية والتزامها بالاتفاقيات الدولية.

وأوضح دويك أن ذلك القانون يتعارض مع قوانين تلك المؤسسات الدولية بل ويجرم السلطة، مشيراً إلى أن مادة إثارة النعرات الطائفية مادة عامة وفضفاضة وتفتح المجال لتوقيف أي مواطن على أسباب كثيرة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي.

 

مسلسل جرمي متواصل

هذا وشهدت الفترة بين مارس 2018 وحتى مارس 2019، أشرس تلك الاعتقالات والمحاكمات على تهمة إثارة النعرات الطائفية أو الإساءة لمقامات عليا، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إن جهاز الوقائي احتجزت 1,609 شخصاً على تلك التهمتين في الضفة الغربية خلال الفترة المذكورة.

وأكدت منظمات حقوقية استمرار الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية بعد إصدار الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسياً يؤكد على الحريات العامة ووقف الاعتقالات التعسفية في إطار التحضيرات للانتخابات.

وقال الناشط الحقوقي والمحامي مهند كراجة مدير شبكة محامون من أجل العدالة في تصريحات صحفية إن الملاحقة على خلفية سياسية لم تتوقف بعد مرسوم الحريات.

إغلاق