السلطة الفلسطينية ووضع النقاط على الحروف

رام الله – الشاهد| كتب عمر عليمات.. ليس أمراً عادياً ولا رمزياً أن يعترف العالم بأغلبية ساحقة بحق فلسطين بالحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بل هي لحظة تاريخية فارقة، وهذه اللحظة إما أن يُبنى عليها وإما أن تضاف إلى سلسلة الفرص الضائعة التي خسرها الشعب الفلسطيني نتيجة استغلال دولة الاحتلال لنقاط الضعف التي تعاني منها السلطة الفلسطينية.
العالم اليوم شبه متحد، وحل الدولتين أصبح خياراً دولياً، وليس مجرد أحاديث مؤتمرات صحفية بل تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشكل وضع الكرة في الملعب الإسرائيلي، ليزيد من حجم الضغط المتزايد على إسرائيل التي أصبحت على حد وصف صحيفة إسرائيلية بأنها منبوذة عالمياً.
ورغم أن القرار الأممي وضع تل أبيب في الزاوية إلا أنه في ذات الوقت وضع ضغطاً حقيقياً على السلطة الفلسطينية، التي لم يعد مقبولاً أن يكون ضعفها وعدم مؤامتها لحجم القضية التي تمثلها عنصراً يتكئ عليه الاحتلال بحجة أن السلطة غير قادرة على القيام بمسؤولية بناء دولة قابلة للحياة.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مر بمراحل عديدة، ورغم أن بعض المراحل فتحت أبواباً كبيرة أمام حلم قيام دولة فلسطينية، إلا أن هذه الفرص أهدرت وضاعت نتيجة إخفاق أو تخبط أو سميه ما شئت في هيكلية السلطة الفلسطينية التي لم تُكن في لحظات مفصلية على مستوى الحدث، وهنا لا نقول إن إسرائيل كانت منفتحة على قيام دولة فلسطينية بل استغلت نقاط ضعف السلطة لتمرر أجندتها الرافضة لأي كيان فلسطيني مهما كان نوعه وحجمه.
إسرائيل تعزف دائماً على وتر إصلاح السلطة وأن ذلك يجب أن يسبق أي ترتيبات تؤدي إلى حل الدولتين، وهذه كلمة حق أريد بها باطل، فإسرائيل هي من عملت على إضعاف السلطة وتحويلها إلى سلطة بلدية، وتل أبيب تدرك تماماً أن العالم وواشنطن والدول الكبرى لن تراهن على السلطة بوضعها الحالي، لذلك فهي تدفع بهذا الاتجاه بكل قوتها.
ولكن السؤال الأهم والمحوري، لماذا تستمر السلطة ذاتها بإعطاء إسرائيل فرصة النيل منها، ولماذا يبقى ترهل وعدم شفافية السلطة الشماعة التي يعلق عليها كيان الاحتلال تهربه من أي حلول دولية؟ ولماذا لا نرى موقفاً فلسطينياً يفوت الفرصة على إسرائيل ويكون على قدر المرحلة بإعلان برنامج إصلاحي متكامل.
وضع الحروف على النقاط ضرورة، والحديث المبهم على مبدأ «المعنى في قلب الشاعر» لم يعُد خياراً ودبلوماسية، بل إهداراً للفرص وتضييعاً للحقوق، ولا بُد من القول بكل صراحة أن عنوان المرحلة هو إصلاح السلطة الفلسطينية لتفويت الفرصة على إسرائيل ومنعها من التملص مجدداً من الضغط الدولي.
إصلاح السلطة الفلسطينية يتطلب جهوداً شاملة ومتواصلة من جميع الأطراف، وتقديم برنامج واضح المعالم يتمتع بالمصداقية والموثوقية، وطرحه امام العالم اجمع، بحيث يقتنع المجتمع الدولي أن السلطة قادرة فعلياً على إدارة دولة مستقلة، وعكس ذلك يعني مزيداً من الفرص الضائعة، فما يحدث اليوم في غزة لم يحدث منذ 1948، والكل يشهد أن ما جرى قلب المفاهيم وغير الكثير من التوجهات والاتجاهات، وخلق رأياً شعبياً عالمياً مناهضاً للسردية الإسرائيلية، وإن ضاعت هذه الفرصة لن يرحم التاريخ مَن أضاعها، فربما تكون هذه الفرصة الأخيرة.
بالمحصلة، وقوف العالم مع الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم ليس آخر المطاف بل أول الطريق، فإما أن تقوم السلطة بواجبها وإما أن تكون كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=70389