هكذا تآمرت السلطة وفتح على أحمد سعدات وسلموه للاحتلال

هكذا تآمرت السلطة وفتح على أحمد سعدات وسلموه للاحتلال

رام الله – الشاهد| لم يكن يوم الرابع عشر من مارس للعام 2006، سوى حلقة جديدة من حلقات تآمر السلطة وقادتها على الشعب الفلسطيني، فقفي ذلك اليوم المشئوم توجت السلطة خنوعها وتعاونها مع المحتلة بتسليم الامين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات للاحتلال.

 

تسليم سعدات كان تتويجا لعملية تضييق قادتها السلطة ضد قائد الجبهة الذي يتهمه لاحتلال بالمسؤولية عن عملية اغتيال الوزير زئيفي، بـ 17 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2001، في فندق حياة ريجنسي شرقي القدس، على يد مجموعة خاصة من مقاتلي الجبهة الشعبية ردًا على اغتيال الاحتلال لأمينها العام أبو علي مصطفى عام 2001.

 

وعقب عملية الاغتيال، نفذ جيش الاحتلال عملية اقتحام واسعة في مدن الضفة الغربية لملاحقة المنفذين ولكنه فشل في ذلك، وفي مطلع عام 2002 تمكنت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة من اعتقال منفذي العملية.

 

وفي مارس 2002 حاصر الاحتلال مقر المقاطعة وسط مدينة رام الله، الذي كان يحتجز فيه قتلة زئيفي، حتى جرى اتفاق بين السلطة والاحتلال يقضي بنقل سعدات ورفاقه الأربعة إلى جانب الأسير اللواء فؤاد الشوبكي من سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية بحراسة من قبل قوات خاصة أمريكية وبريطانية.

 

اتفاق مخزٍ

وبعد ذلك الاتفاق بقرابة أربعة أعوام اقتحمت قوات الاحتلال سجن أريحا مدججة بالدبابات والآليات المدرعة وطائرات مروحية ضمن عملية أطلق عليها اسم "جلب البضائع" وجرى اعتقال الستة.

 

وفي صبيحة ذلك اليوم، انسحب المراقبون الأمريكيون من السجن على مرمى ومسمع أجهزة أمن السلطة، لتباشر قوات الاحتلال بعد بضع دقائق عملية اقتحام السجن وهدم جدرانه الخارجية دون أي مقاومة من أفراد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

 

وبعد حصار السجن لأكثر من 12 ساعة متواصلة، تمكن الاحتلال من اعتقال سعدات ورفاقه مجدي الريماوي وحمدي القرعان وباسل الأسمر وعاهد أبو غلمة، والمتهمين باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي السابق، رحبعام زئيفي، إلى جانب اعتقال اللواء فؤاد الشوبكي المستشار المالي للرئيس الراحل ياسر عرفات.

 واعتبرت الجبهة هذه الحادثة طعنة غادرة من قبل قيادة السلطة لقيادة المقاومة بحق قائد فصيل رئيس وأساسي فلسطيني أحمد سعدات، إذ هذا الاقتحام للسجن ثمرة من ثمرات التنسيق الأمني".

اختطفت القوات الصهيونية القائد سعدات والرفاق الأربعة، وأخضعتهم للتعذيب في أقبية تحقيقها،

 

رواية سعدات

هذه المؤامرة المخزية، التي بدأتها السلطة بملاحقة المجموعة التي وزير السياحة الصهيوني العنصري المتطرف رحبعام زئيفي الذي كان يدعو للتهجير القسري لكل الفلسطينيين.

 

وحاصرت قوات الاحتلال مقر المقاطعة التي يقيم فيها الرئيس ياسر عرفات، وحيث كان سعدات ورفاقه محتجزين، حيث تم عقد صفقة جديدة في ظل الصفقات التي كانت تديرها الولايات المتحدة وبريطانيا مع  عرفات وطاقمه الأمني، الذي اعتقل سعدات ورفاقه، وأجرى لهم محاكمة في مقر إقامته.

 

وتلخيصا لسياق الحدث عرض أحد المحامين الرواية بشكل تفصيلي عن سير الأحداث نقلاً عن القائد أحمد سعدات، وهي كالتالي:

 

طلب توفيق الطيراوي المدير العام لجهاز المخابرات الفلسطينية آنذاك الاجتماع مع سعدات للتباحث في بعض المسائل التي تخص الشأن الوطني.

 

 جرى اللقاء في أحد فنادق رام الله يوم 15 كانون الثاني/يناير 2002. وقبل بدء اللقاء استدعي توفيق الطيراوي إلى مكتب عرفات، وحين عاد كان يحمل معه أمر اعتقال أحمد سعدات بتوقيع ياسر عرفات، واقتيد سعدات إلى مبنى المقاطعة حيث جرى احتجازه في مكتب اللواء نصر يوسف.

 

وبعد أيام تم نقل سعدات إلى مقر قوات الفرقة السابعة، التي تعرف بحرس الرئيس، حيث أبقي عليه محجوزا هناك، ووأصدر النائب العام خالد القدرة قرار إدانة باعتقال سعدات وطالب بالإفراج الفوري عنه، إلا أن الأمر لم ينفذ.

 

وفي ذلك الوقت اجتاحت قوات الاحتلال يوم 29 مارس 2002 مقر المقاطعة وحاصرت مكتب عرفات، ونقل سعدات للحجز في مكتب عرفات، ووطلبت قوات الاحتلال تسليم سعدات ورفاقه المحتجزين في مقر المقاطعة، والمناضلين الذين التجأوا إلى كنيسة المهد في بيت لحم مقابل الانسحاب من حول المقاطعة.

 

وجرت المفاوضات بتوسط الأشخاص التالية أسماؤهم: أبو مازن، محمد دحلان، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، محمد رشيد، الأمير عبد الله ، عمري شارون، توني بلير.

 

وحاولت السلطة الفلسطينية، خوفاً من الشارع الفلسطيني، أن تتفق على تسليم الآخرين باستثناء القائد أحمد سعدات واللواء فؤاد الشوبكي، إلا أن سلطات الاحتلال، التي تعرف ما تريد، رفضت.

 

رضوخ السلطة للاحتلال

رضخت السلطة الفلسطينية للقبول بمقترح الاحتلال الذي تقدمت به بريطانيا والولايات المتحدة لحجز المناضلين بشكل دائم نيابة عن الاحتلال، وتم الاتفاق على ما يلي: (حجز المناضلين في سجن أريحا، يكون الحجز بشكل دائم، يشرف على الحجز سجّانون أميركيون وبريطانيون، مقابل تحرير حركة عرفات وإنهاء حصار المقاطعة).

 

تلاه عرضٌ قدمه محمد دحلان على القائد سعدات احتوى تفاصيل الاتفاق سائلاً رأيه فيه، فرد سعدات بأنه ما دام يعترض على حجزه غير القانوني في الأساس، فكيف سيوافق على استمرار الحجز بموجب الصفقة الجديدة.

 

نقل سعدات ورفاقه يوم 1 أيار 2002 بواسطة سيارات تابعة للسفارة الأميركية تحت حراسة بريطانية وأميركية إلى سجن أريحا المركزي حيث وضع في قسم منفصل من السجن تحت إشراف وحراسة بريطانية.

 

ورفع محامو سعدات دعوى أمام محكمة العدل العليا الفلسطينية، والتي أصدرت قراراً في 3 يونيو 2002 يقضي بالإفراج عنه، إلا أنه لم ينفذ كما حدث في قرار النائب العام قبله.

 

وتبع قرار المحكمة الفلسطينية بالإفراج عن أحمد سعدات تحذير من السجان البريطاني بعدم ترك السجن لأن الاتفاق الموقع بين الأطراف الأربعة لا يجيز ذلك.

 

وكان القنصل البريطاني العام في القـدس قد زار السجن وأبلغ أحمد سعدات رسالة مشابهة.

 

تورط عباس

وبرر عباس لاحقاً، في حديث لإحدى الصحف، قرار حجز أحمد سعدات غير القانوني بقوله إنهم كانوا أمام خيارين إما اقتحام المقاطعة بكل ما ينجم عنه من خسائر، أو توقيع اتفاق الحجز الدائم، واعتبر أبو مازن تلك مساومة مشروعة وناجحة.

 

ظل سعدات ورفاقه في سجن أريحا أسرى السلطة الفلسطينية والاحتلال والطرفين الأمريكي والبريطانية منذ 1 آذار/مارس 2002.

 

وسارع الاحتلال بالاتفاق مع الأميركيين والبريطانيين على سحب سجانيهم قبل اقتحامهم السجن، وما حدث بعد ذلك يعرفه الجميع.

 

وقد تساءل المحامي، وبحث بإلحاح شديد عن سبب أوامر ياسر عرفات يوم 15 يناير 2002 باعتقال أحمد سعدات؟ وهل أن واجب السلطة مساعدة الاحتلال في تحقيق مشاريعه في استئصال المناضلين الحقيقيين؟.

 

ثم تساءل عن سبب استنكار عباس ما قامت به الصهيونية من اقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات ورفاقه؟ في الوقت الذي ساهم هو في اعتقال سعدات دون وجه حق وحجزه لأربع سنوات؟ ألم يقم هو بتسليمه لسلطات العدو الصهيوني من خلال حجزه غير القانوني؟".

 

وتساءل: "لماذا لم يفرج أبو مازن عنه منذ تسلمه الرئاسة، ترى أكان عباس يريد للمناضل سعدات أن يموت في السجن مادام قرار الحجز نص على ديمومته؟".

 

وخلال اعتقاله لدى السلطة تقدم محامون بدعوى إلى محكمة العدل العليا في السلطة الفلسطينية للإفراج عنه طبقاً للقانون الفلسطيني الذي يجعل النظر في أمره من صلاحيات القضاء الفلسطيني، وبتاريخ 3 حزيران من العام 2002 صدر حكم بالإفراج عنه، إلاّ أن السلطة الفلسطينية رفضت تنفيذ حكم المحكمة العليا.

 

وقد استمر سعدات بالالتقاء مع جميع من تقلدوا وظيفة وزير الداخلية في السلطة بعد إقرار هذا الموقع، وطالبهم بتحديد الوصف القانوني لوضعه وخطواتهم لتصحيحه، ولكن دون جدوى.

 

وفي معرض ردّه على لائحة الاتهام في إحدى جلسات المحكمة العسكرية للسلطة، قال الأمين العام موجهًا كلامه للقضاة: "هذه محكمتكم وتملكون القوة لعقدها وإدانتي على أساس لائحة اتهامكم العلنية والسرّية، والنطق بالحكم الذي حددته الجهة السياسية والأمنية التي تقف خلف هذه المحكمة".

إغلاق