هل تُعيد واشنطن هيكلة السلطة بمقاسات تناسب هيمنة “إسرائيل”؟

هل تُعيد واشنطن هيكلة السلطة بمقاسات تناسب هيمنة “إسرائيل”؟

رام الله – الشاهد| قالت الكاتبة السياسية لميس أندوني إن لهث محمود عباس وراء سلطة وهمية ومهادنة المطالب الأميركية اعتقادًا منه بأن ذلك ينقذ السلطة والشعب الفلسطيني هو إغراقٌ في خداع النفس.

ورأت أندوني في مقال أن الأولوية هي توحيد الشعب الفلسطيني وليس تفريقه، وليس استبعاد من لا يعجب عباس من الشخصيات من المجلس المركزي أو أي مؤسّسة فلسطينية، فهي ليست ملكيته الخاصة، ولا مسجلة باسمه أو باسم عائلته.

لكن الهدف لم يكن فتح حوار وطني، وإنما استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمّة التحرير، وهو ليس موقعاً مستحدثاً تماماً، بل شغله فترة وجيزة أحد أهم رجالات القانون، إبراهيم بكر، بين 1969-1971 وكان إشغاله في حينه قراراً فلسطينياً لا علاقة له بتدخل وشروط أميركية. وفق الكاتبة.

وذكرت أنه يبدو أن واشنطن تعد أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، حسين الشيخ، مقبولاً لديها، لأنها تريد إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية على مقاسات جديدة تناسب مرحلة فرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.

وبينت أن عباس ومن حوله يخطئون في الظن أن ما تنادي به واشنطن سيوصِل السلطة إلى غزّة، فالرؤية الأميركية لغزّة، وهناك أكثر من مقترح، أن تكون السيطرة التامة لإسرائيل فيما تقوم إدارة فلسطينية أو عربية لتسيير الأمور بدون معارضة لما تريده إسرائيل أو لخطط الرئيس دونالد ترامب بجعل القطاع مشروعاً عقارياً رابحاً ومربحاً لشلته من أثرياء العالم.

لكن والحديث لأندوني قِصر الرؤية التي جعلت السلطة تهدم منظمة التحرير، وتعود لإحياء مؤسّساتها لساعات كل فترة، لتحقيق أهداف ومصالح ضيقة، لا تجعلها قادرةً على تقديم نموذج يوحد الشعب الفلسطيني ويتحدّى المحاولات الأميركية الإقليمية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وقالت الكاتبة: “هنا لا بد من الاعتراف بأنه ليس لدى أهل غزّة ترف التفكير في سلطة وطنية حقيقية على أرضها أو أي نموذج، لأنهم، وهم محقّون، يريدون نهاية للعذاب المستمر، فإذا كانت بعودة السلطة فلا يهمهم سوى وقف الكابوس الذي لا ينتهي، وليس لديهم ترف التفكير بمن أفضل أو لديه رؤية. لذا، سمعنا وقرأنا لأصوات من غزّة وصل بها الأمر أن تؤيد شتيمة عباس لـ“حماس”، التي أتبعها بما يشبه الممر بإطلاق “الرهائن” لدى المقاومة في غزّة، خاصة الأميركي الإسرائيلي، فوراً لوقف شلال الدم، وهم معذورون، ولا يحقّ لنا مجرّد التعليق على كلامهم.

لكن لا يحق لسياسي ورئيس الاعتقاد أن الشتيمة هي التي ستنقذ غزّة، وهو يعرف أنه حتى إطلاق الرهائن وتسليم حركة حماس سلاحها لا يضمن وقف الحرب.

وبينت أن من يتواطأ مع الإدارة الأميركية لا يفرّق بين أسرى حركتي حماس وفتح في السجون الإسرائيلية، فجميعهم إرهابيون، والقضية ما هي إلا عثرة يجب التخلص منها، فما يحدُث على الساحة الفلسطينية من توسيع الشق الداخلي وتفتيت الفلسطينيين لا يسهم إلا بتسهيل عملية إنهاء الحقوق الفلسطينية. وما شهدناه من مهزلة في المجلس المركزي لا يشي بالخير، لذا لم تفهم قيادة السلطة معنى مقاطعة تنظيمات فلسطينية عدة أو انسحابها، مع أنّ رسالتها كانت واضحة؛ أنها ترفض أن تكون شاهد زور لجلسة هدفها تدميري.

وأكدت أن محمود عبّاس يريد من اختيار نائب له أن يثبت لواشنطن أن السلطة تقوم “بالإصلاحات” المطلوبة منها. لكن ما يعنيه الأميركيون بالإصلاح تأمين خلافة سلسة وسلمية لعبّاس تشترط تعيين وجوه “مقبولة أميركيا”، وسبقها تهميش وتكبيل لكل المنافسين المغضوب عليهم إسرائيلياً وأميركياً.

وبينت أندوني لات المطلوب تنفيذه في يونيو المقبل ترتيب بموجبه يستلم أهالي الأسرى رواتب وفقاً لحاجتهم وتقاس بعدد سنوات الأسر في المعتقلات الإسرائيلية، بعدما مهّدت السلطة لذلك بتحويل رواتب عائلات الأسرى والشهداء إلى دائرة تُعنى بالشؤون الاجتماعية بعيداً عن دائرة الأسرى.

وأوضحت أن المقصود سلب الصفة النضالية الوطنية من الشهداء والأسرى، لأن أميركا وإسرائيل تعتبران النضال “إجراماً محظور مكافأته”، أي استئصال ثقافة المقاومة وفكرتها من عقول الفلسطينيين وقلوبهم.

ونوهت إلى إذا استماتت السلطة بتحقيق المطالب الأميركية تحت بند “إصلاح”، فستفهم شتيمة عباس بأنها التبرؤ ليس من “حماس” فحسب، إنما من كل عمل مقاوم أيضا.

وشددت على أنه لا يتمّ إصلاح الوضع الفلسطيني بتعميق الشرخ والمهاترات، ولا يحتمل أيضاً أي حسابات لقيادة “حماس” غير مصلحة الشعب الفلسطيني، فلا إنكار لشجاعة المقاومة وأدائها فيما وقف العرب متفرجين، وهناك قسوة من أيدوا المقاومة في أوجها وذمّوها في ضعفها، ولا أقصد هنا أهل غزّة. … و”حماس” لا تملك رفاهية التفكير بها، إنما بأهل غزّة أولاً، لكن، يجب دعم أي قرار صعب بدل محاولة رميها، فالمستهدف ليس “حماس” فحسب، إنما الشعب الفلسطيني كله، وهذا ما يجب أن يتذكّره عباس، فليس هناك فلسطيني مقبول لإسرائيل.

إغلاق