التغير المناخي وفساد السلطة الفلسطينية يحرمان الضفة من الماء

التغير المناخي وفساد السلطة الفلسطينية يحرمان الضفة من الماء

الضفة الغربية – الشاهد| تواجه الضفة الغربية خطرا العطش الذي يتزايد مع مرور الوقت بسبب التغير المناخي، وتكبيل السلطة للمواطنين باتفاقيات بالية مع الاحتلال الإسرائيلي.

 

ويعد التغير المناخي أحد أكبر التهديدات التي تواجه حياة البشرية في الوقت الحالي، نظرًا لآثاره العالمية واسعة النطاق الموزعة على نحو غير متكافئ. فالمواطنين سيعانون بشدة بينما يتنعم المستوطنين بالمياه.

 

ويمثل عجز السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عن تبني سياسات للتكيف مع تغير المناخ خطرا يهدد بتداعيات إنسانية وبيئية وخيمة على المواطنين.

 

وتقع فلسطين في واحدة من أكثر مناطق العالم شحًا في المياه، كما يتوقع الخبراء أن يؤدي تغير المناخ إلى تراجع في معدل هطول الأمطار وارتفاع في درجات الحرارة، الأمر الذي يضع قطاعي المياه والزراعة في مواجهة خطر جسيم، وبخاصة في الأرض الفلسطينية المحتلة حيث معدل حصة الفرد من المياه المتاحة يُعد من بين أقل المعدلات على مستوى العالم.

 

 

ويعتمد الفلسطينيون على المياه الجوفية كمصدر رئيسي لمياه الشرب، بينما تستهلك الزراعة قرابة نصف المياه المستخرجة من هذه الآبار الجوفية.

 

لقد هندست إسرائيل نظامًا بيروقراطيًا معقدًا للتحكم في وصول الفلسطينيين إلى المياه الجوفية وتقييده بذريعة تنفيذ بنود اتفاق أوسلو المؤقت الثاني لسنة 1995، الذي خصص بصفة مؤقتة موارد مائية للحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية. ومنح الاتفاق الذي هندسه الرئيس محمود عباس، الاحتلال السيطرة على قرابة 80% من الاحتياطيات المائية في الضفة الغربية لفترة أولية تمتد لخمس سنوات.

 

ولم يراع هذا الاتفاق، الساري حتى يومنا هذا، التغيرات بعيدة الأجل في توزيع المياه والنمو السكاني.

 

وتمنع لجنة المياه المشتركة، المنبثقة عن اتفاقات أوسلو، الفلسطينيين من صنع القرارات المتعلقة بالمياه دون موافقة إسرائيل، ما يعوق قدرتهم على الوصول إلى نهر الأردن ويحرمهم تصاريح الاستفادة من الفوائض المائية المصرفة من السدود.

 

وهكذا تضع السياسات الإسرائيلية صعوبات جمة أمام الفلسطينيين لتطوير بنية تحتية جديدة للحصول على المياه أو ترميم القائم منها؛ وهو ما يُفضي في كثير من الأحيان إلى هدم المنشآت والآبار الضرورية لاستمرار الحياة تحت ذريعة بناء تلك المنشآت دون تصريح إسرائيلي.

 

وفي الوقت ذاته، هناك 600,000 مستوطن غير شرعي يستخدمون ستة أضعاف ما يستخدمه ثلاثة ملايين فلسطيني من المياه في الضفة الغربية. ويتسبب عنف المستوطنين تجاه البنية التحتية الفلسطينية في تعريض النُظم المائية الهشة هناك للخطر.

 

 

تفتقر السلطة الفلسطينية إلى الولاية السيادية على أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، ولا تملك جهاز سياسي مستقل لإدارة المخاطر المناخية. وبسبب سوء الإدارة تتفاقم المخاطر المحدقة بالسكان الفلسطينيين المهددين بالفعل.

 

وبوجه خاص، لا تملك السلطة الفلسطينية التجهيزات اللازمة لدعم التكيف مع تغير المناخ على المدى البعيد، وهو التحدي الذي يتطلب دعمًا سياسيًا خارجيًا، وتعاونًا حثيثًا بين الوزارات، وموارد ماليةً تفوق المتاح في الوقت الحالي، إضافة لصرف جزء كبير من الموارد الحالية في دهاليز الفساد والمنافع الشخصية.

 

 

وعلى سبيل المثال، قامت سلطة جودة البيئة التابعة للسلطة الفلسطينية بوضع “الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ” في عام 2011 بدعم من خبراء ومانحين خارجيين.

 

وتُبرز هذه الخطة الحاجةَ للتكيف مع تغير المناخ، وتورِد التكلفة التقديرية للتكيف المائي والتكيف والزراعي بمبلغ 1 مليار دولار و369.3 مليون دولار على التوالي، لكن السلطة وفرت جزء بسيط جدا من هذا المبلغ فقط.

 

 

وفيما يتعلق بالدعم الدولي، أصبحت فلسطين طرفًا في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في آذار/مارس 2016 وصادقت بعدها بشهر على اتفاق باريس. ثم تقدمت في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بخطة التكيف الوطنية لفلسطين كجزءٍ من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وبالرغم من الحاجة الماسة لهذه الجهود، إلا أنها ليست سريعة ولا شاملة بالقدر الكافي لتحييد آثار تغير المناخ الذي يزداد سوءًا بسبب الاحتلال الإسرائيلي الدائم التوسع.

 

 

ويوصي الخبراء بضرورة الاقرار بتقادم الترتيبات البيئية لاتفاقات أوسلو الثانية وانتهاء صلاحيتها، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق المياه، ويجب على الفلسطينيين استرداد قدرتهم الكاملة وغير المنقوصة على الوصول إلى طبقات المياه الجوفية ونهر الأردن.

 

ويطالب الخبراء السلطة بضرورة الإسراع في تنفيذ خطوات عاجلة لتلافي ضرر أكبر بخصوص حاجة شعبنا للمياه، فيما فيها جمع البيانات الدقيق وايلاء المشكلة أهمية أكبر بكثير مما هي عليه الآن.

 

ونبه الخبر إلى خطر الفساد المستشري في السلطة على صرف الموارد باتجاه القضايا والمشاكل الكبرى ومن بينها مشكلة شح المياه، وسيطرة الاحتلال والمستوطنين على الجزء الأكبر منه.

 

إغلاق