غول الغلاء.. وحش يتغذى على فساد السلطة وإهمالها لمصالح المواطنين

غول الغلاء.. وحش يتغذى على فساد السلطة وإهمالها لمصالح المواطنين

رام الله – الشاهد| تكاد قضة غلاء الأسعار تسيطر على هواجس المواطنين وأحاديثهم في السر والعلن، إذ أصابت هذه الأزمة عصب الحياة اليومية للمواطنين، وبخاصة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة واللتين تمثلان غالبية المجتمع الفلسطيني.

 

وينظر المواطنون بغضب الى غياب الدور الحكومي لضبط الاسعار، حيث يتلاعب بعض التجار الكبار بالقوت اليومي للمواطنين، مستندين الى شبكة علاقات منسوجة مع مستويات سياسية وأمنية عليا تحميهم من الملاحقة والمحاسبة.

 

وتفنيدا لمزاعم الحكومة بعجزها عن ضبط الاسعار، أكد الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، عدم جدية حكومة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية في ضبط الأسعار ووقف موجة الغلاء التي تلهب ظهور المواطنين في الفترة الحالية.

 

وكشف أنه بمقدور الحكومة التدخل بالرقابة على الأسواق بشكل فعال عبر تفعيل الرقابة الحكومية، مشيرا الى أنه ليس مطلوبا مراقبة كافة المحلات التجارية أو وضع رجل أمن على باب كل محل، بل بالتعاون بين وزارتي المالية والاقتصاد.

 

وقال إن "هناك بيانات مقاصة وبيانات جمركية لكبار التجار الذين يستوردون السلع، إذ تعرف المالية حركة التجارة وكميتها ومتى تم الاستيراد والمخزون الكافي، وبالتالي يتم محاسبة التجار على الأسعار التي صرحوا عنها ودفعوا عليها جمارك، وتقديم نموذج بعقاب أحد التجار معاقبة شديدة".

 

وأوضح الخبير الاقتصادي انه يمكن ضبط سلوك التجار عبر تفعيل المحاسبة ضد المتورطين منهم في رفع الاسعار بحيث يكونوا عبرة للباقي، مؤكدا أن القانون يعتبر أي تلاعب بالأسعار بمثابة جريمة اقتصادية كبيرة.

 

وتجدر الإشارة إلى أن حكومة اشتية تدخلت وأبقت على أسعار المحروقات كما هي، "في حين أبقت الارتفاعات والضرائب على السلع الأساسية تحت تصرف حيتان الأسواق، لترتفع الأسعار لمستويات غير مسبوقة".

 

تسمين لكبار المتنفذين

وكانت وزارة الاقتصاد في حكومة اشتية سمحت لشركات الاستيراد والتي يسيطر على أغلبها أبناء المسؤولين وأصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين، باستيراد السلع الأساسية بشكل كبير بدل أن تقوم بتخفيض الأسعار التي شهدت خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً جنونياً.

 

وقال وزير الاقتصاد خالد العسيلي الاربعاء الماضي، "سمحنا لمستوري السلع الأساسية برفع وتيرة عمليات توريد السلع الأساسية خاصة الدقيق والأرز والزيوت النباتية".

 

وجاءت عمليات رفع وتيرة الاستيراد على الرغم من إقرار الوزير العسيلي بأن المخزون الحالي يكفي احتياجات السوق، وذلك في خطوة تهدف لملء جيوب أبناء المسؤولين من خلال امتصاص أموال المواطنين الذين يشترون السلع بأسعار مضاعفة.

 

وبرر العسيلي تلك الخطوة بأن حكومته تسعى للحفاظ على توفير سلعة آمنة ونظيفة وبأسعار عادلة، وذلك على الرغم من قناعته بأن الأسعار وارتفاعها يعود لجشع أبناء المسؤولين ومن ضمنهم نجله في كسب الأموال على حساب المواطنين.

 

ارتفاع جنوني للأسعار

الارتفاع الكبير في الأسعار جاء على الرغم من الأوضاع الصعبة التي يعاني منها المواطنين، وذلك في ظل تأثيرات جائحة كورونا، وتضرر قطاعات واسعة من الإغلاقات وحالة الطوارئ، وكذلك تسريح عشرات الآلاف من أعمالهم.

 

وشمل الارتفاع في الأسعار السلع الأساسية التالية: "السكر، الطحين، المكسرات، الخضراوات، اللحوم، والزيوت بمختلف أنواعها"، فيما اشتكى بعض المواطنين من تلاعب بعض التجار بالأسعار وسط غياب الرقابة من قبل الجهات المختصة في مؤسسات السلطة.

 

وتبرر وزارة الاقتصاد في رام الله الارتفاع في الأسعار إلى زيادة أسعار الشحن عالمياً، وهو الأمر الذي أثار السخرية بين المواطنين الذين اعتبروا أن الفساد الذي ينخر مؤسسات السلطة وتحديداً وزارة الاقتصاد والمعابر والتي يتم من خلالها وضع الأسعار والتلاعب بها هي السبب في الارتفاع الجنوني.

 

تحكم في الأسعار

ولكن هل تساءلت من يتحكم في الأسعار في الضفة الغربية؟.. إنها شركة ايبك التي تورد السلع الغذائية والاستهلاكية للسوق الفلسطيني من خلال شركة يونيبال التابعة لها، وهي الشركة التي يمتلكها طارق نجل الرئيس محمود عباس، فيما يضم مجلس إدارة الشركة زهير العسيلي ابن وزير الاقتصاد، وغيرهم من أبناء المسؤولين.

وبحسب موقع الشركة، فإن صافي أرباح مجموعة أيبك بعد الضريبة بقيمة 21.22 مليون دولار أمريكي (70 مليون شاقل) في النصف الأول من العام 2021 بنمو نسبته 135.33% على أساس سنوي، مع الإشارة إلى أن حصة مساهمي أيبك من هذه الأرباح وبلغت 19.2 مليون دولار أمريكي (63.36 مليون شاقل) بنمو نسبته 160%.

 

فيما تعتبر شركة دواجن فلسطين (عزيزة) المحتكرة في توزيع الدجاج على كامل مناطق الضفة، والتي تعد من أذرع باديكو القابضة للاستثمار والتي يرأسها رجل الأعمال بشار المصري، بالإضافة إلى امتلاك صندوق الاستثمار الفلسطيني التابعة لمنظمة التحرير حصةً في الشركة.

 

وهو ما يعني أن أسعار السلع لا علاقة لها بارتفاع أسعار الشحن كما تزعم حكومة اشتية، بل هي نتاج حالة الفساد والسيطرة على الاقتصاد من قبل أبناء الرئيس عباس وبعض رجال الأعمال وأبناء الوزراء والمسؤولين.

 

إغلاق