فورين بوليسي: الاحتجاجات ضد السلطة متصاعدة والشارع الفسطيني سئم عباس

فورين بوليسي: الاحتجاجات ضد السلطة متصاعدة والشارع الفسطيني سئم عباس

رام الله – الشاهد| قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة تتصاعد بشكل مستمر، رغم أن السلطة تحاول امتصاصه عبر عقد محاكمة تعتريها الكثير من الاشكالات لقتلة الناشط المغدور نزار بنات، مشيرة أن الشارع الفلسطيني سئم رئيس السلطة محمود عباس ويطالبه بالرحيل.

 

وأوردت المجلة تقريرا للصحفية داليا حتوقة، أكدت فيه أنه بعد أن قتلت أجهزة السلطة المعارض نزار بنات في حزيران/ يونيو، هزت الاحتجاجات المناهضة للسلطة أنحاء الضفة، حيث التزمت السلطة الصمت في البداية حول ملابسات وفاة بنات، وبعد ثلاثة أشهر، بدأت جلسات الاستماع في محاكمة المتهمين بقتله.

 

وأكدت أنه من غير المرجح أن تؤدي الإجراءات إلى التخفيف من الغضب الشعبي ضد الحكم الاستبدادي المتزايد للسلطة الفلسطينية، بل شجعت الشعب الفلسطيني الذي يختلفون إلى حد كبير مع قيادته.

 

وأفادت أنه في 14 أيلول/ سبتمبر، عقدت محكمة تابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله جلسة الاستماع الأولى لأفراد الأمن الأربعة عشر المتهمين بالتورط في مقتل بنات، وجميعهم أعضاء في جهاز الأمن الوقائي، وكالة المخابرات الداخلية، المسؤولة عن معالجة المعارضة السياسية المحلية والتي نمت لتصبح واحدة من أقوى أذرع قوات الأمن التابعة للسلطة والمعروفة باحتجازها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان للمعارضين الفلسطينيين.

 

محاكمة غير مُقنِعة

وقالت إنه لم يسبق جلسة الاستماع الكثير من التفاؤل، خاصة من عائلة بنات.. في الواقع، لم تُقرأ التهم ضد المتهمين لأن محاميهم كان غائبا، وفي وقت لاحق، قال إنه مصاب بكوفيد- 19 ولم يعلم بموعد الجلسة فتم تأجيلها أولا إلى 21 أيلول/ سبتمبر، ثم 27 أيلول/ سبتمبر.

وتنقل المجلة عن غاندي الربعي، محامي عائلة بنات، إن غياب الدفاع "لا يبشر بالخير". وأضاف: "أن تبدأ (المحكمة) هكذا لا يبشر بخير.. هدفنا هو العدالة السريعة، وإذا تكرر هذا الأسبوع المقبل، فسيتعين علينا اتخاذ إجراءات. إن عدم حضور المحامي حتى تُقرأ لائحة الاتهام ضد المتهمين أمر مثير للدهشة، لا سيما في قضية أثارت مشاعر الرأي العام".

 

قاطعت عائلة بنات الجلسة، ووصفت الإجراءات بأنها تمثيلية لأن النيابة العسكرية لم تقدم أي اتهامات ضد كبار الضباط أو السياسيين.

 

وتنقل عن عمار دويك، المدير العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، قوله إن "المحاكمة خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كافية ويجب أن تشمل المشرفين على المتهمين، علاوة على ذلك، يجب إصلاح قوات الأمن لضمان المساءلة وعدم ممارسة العنف ضد المواطنين، ما لم يحدث هذا، لا يمكنني ضمان عدم تكرار مثل هذا الحدث ".

 

وحث متحدث باسم الأسرة الفلسطينيين على القيام بوقفة احتجاجية لبنات في تشرين الأول/ أكتوبر ودعا إلى تشكيل لجنة مستقلة بقيادة جماعات حقوق الإنسان بشكل أساسي للنظر في وفاته.

 

وقال عمر عساف، أحد الشخصيات المعارضة والناشط البارز في التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني: "نُحمل المستوى السياسي والأمني بالدرجة الأولى مسؤولية اغتيال نزار بنات ونعتبر محاكمة الضباط ذوي الرتب الدنيا محاولة للتحايل على الحقيقة، وهو أمر غير مقبول".

 

قمع وحشي

واكدت المجلة ان السلطة استخدمت القوة الوحشية لقمع مظاهرات حزيران/ يونيو التي أعقبت مقتل بنات، واعتقلت العشرات من المتظاهرين، واعتُقل العديد من نفس الأشخاص مرة أخرى في آب/ أغسطس في مظاهرات متجددة لمدة يومين، في 21 و 22 آب/ أغسطس، شارك فلسطينيون في احتجاج في ساحة المنارة، نقطة التجمع الرئيسية في رام الله.

 

وأشارت المجلة الى ان المتظاهرين قد تجمعوا للمطالبة بالعدالة لأسرة بنات، الذين قالوا إنهم لن يرتاحوا حتى محاسبة المسؤولين عن وفاته، وفقا لما يقتضيه القانون، تم إبلاغ الشرطة بالوقفة الاحتجاجية يوم 21 آب/ أغسطس قبل الموعد المحدد، لكن تم اعتقال العديد من المتظاهرين قبل أن يبدأ الاحتجاج.

وذكرت ان من بين الذين أتوا إلى الميدان للمطالبة بالمحاسبة على مقتل بنات الشاعر زكريا محمد والمهندس المعماري خلدون بشارة وعالم الفيزياء الفلكية عماد البرغوثي.، وإجمالا تم اعتقال حوالي 30 شخصا، من بينهم ناشطون حقوقيون، بالإضافة إلى رجلين أضربا عن الطعام أثناء الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة في السجون الإسرائيلية.

 

وأضافت: "أثناء الاحتجاز، وصف بشارة، المعروف بمبادراته المحلية الرائدة في مجال الحفاظ على المعمار الفلسطيني، ظروف السجن السيئة "غير الملائمة للماشية" وقد شرح بالتفصيل كيف تعرض الشيخ خضر عدنان – الذي سبق له الإضراب عن الطعام أثناء وجوده في الاعتقال الإداري الإسرائيلي – للاعتداء الجسدي والإهانة من قبل مسؤولي الأمن في السلطة ".

 

وتابعت: "فادي قرعان، ناشط حقوقي بارز اعتقلته قوات الأمن في أماكن أخرى من رام الله، أضرب عن الطعام احتجاجا على اعتقاله وقد تم الآن إطلاق سراح معظم الرجال الذين تم اعتقالهم وينتظرون المحاكمة في تشرين الثاني/ نوفمبر بتهم مثل "توزيع الأعلام الفلسطينية" و "إثارة الانقسامات الطائفية".

 

وأكدت المجلة أن مقتل بنات والقمع اللاحق للمتظاهرين أظهر أدنى المستويات على الإطلاق لنظرة الفلسطينيين للسلطة التي عكرها أصلا تأجيل غير محدد للانتخابات التشريعية والرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في وقت سابق من هذا العام، حيث يطالب العديد من المتظاهرين باستقالة القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية، بدءا من عباس، الذي يتولى السلطة منذ 16 عاما.

 

شعبية متدهورة

وأشارت الى أن استطلاعا حديثا للرأي أظهر أن ما يقرب من 80% من الفلسطينيين يريدون من عباس أن يستقيل، وهو مستوى غير مسبوق، وفقا للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، الذي يتابع هذه القضية منذ سنوات.

وقالت إن استطلاعا آخر، أجرته منظمة العالم العربي للبحث والتطوير، أظهر أن أكثر من نصف الفلسطينيين متشائمون بشأن المستقبل، وقال 70% ممن شملهم الاستطلاع إن السلطة الفلسطينية لم تتعامل بشكل كاف مع التحقيق في مقتل بنات.

 

وتختم المجلة تقريرها بالتأكيد على السلطة الفلسطينية غافلة عن المدى الذي انحدرت إليه في الأشهر الأخيرة، فقد أثبت العنف اللاحق الذي تم استخدامه لتفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية  أنها تفعل ما تتقنه جيدا: قمع المعارضة ومحاولة التملص ريثما ينتهي الغضب الشعبي ومحاولة استرضاء الفلسطينيين بوعود كاذبة وإيماءات فارغة.

 

شرعية مفقودة

وكانت باحثة إسرائيلية، قالت إن السلطة الفلسطينية تفقد شرعيتها العامة في أوساط الجمهور الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورغم محاولات الحكومة الإسرائيلية الجديدة لتركيز العلاقات على تحسين البنية التحتية الاقتصادية، فإن السلطة تحتاج حقًا "نفخة هواء نقي" من خلال أفق سياسي.

وأكدت نوعا شوسترمان منسقة برنامج البحوث الفلسطينية في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، في مقالها على القناة 12، أن السلطة تواجه تحيات كبيرة أهمها تآكل شرعيتها أمام الجمهور الفلسطيني، مشيرة الى أنه بالرغم من أن تأجيل محمود عباس للانتخابات قوبل بسخرية، رغم أنه شكل فقدانًا عميقًا للثقة في عناصر السلطة، واستعدادهم لأن يكونوا ديمقراطيين.

 

 وأشارت الى أن "معضلة السلطة زادت مع مقتل الناشط المعارض نزار بنات، وتفريق الاحتجاجات الشعبية بالعنف، وزيادة فقدان الخوف من السلطة وتحديها، ورغم نجاح أجهزتها الأمنية حتى الآن في التأكد من أن الأحداث لن تخرج عن السيطرة، لكن بشكل رئيسي بسبب قدرتها على بث الخوف، مع وجود عامل آخر يؤثر على فقدان الشرعية العامة، وهو ما تعيشه الضفة الغربية من أزمة اقتصادية".

 

 

إغلاق