التسليح الأمريكي لأمن السلطة.. أي دور؟!

التسليح الأمريكي لأمن السلطة.. أي دور؟!

رام الله – الشاهد| كتب سليم يونس الزريعي.. اكتفت السلطة في رام الله بأن أعلنت وزارة صحتها أن عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص جيش الاحتلال الصهيوني منذ بداية عام 2023. في الصفة الغربية بلغ حتى 10 سبتمبر 235، منهم 47 طفلاً، و6 سيدات. إضافة إلى مئات الجرحى والمعتقلين. فيما يشن الكيان الصهيوني حربا مفتوحة تستهدف الإنسان الفلسطيني من قبل جيش الاحتلال.

ومن مشاهد الفنتازيا الفلسطينية، أنه في الوقت الذي يمكن فيه توصيف ما يجري في الضفة ، بأنها حرب عدوانية مفتوحة بين جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية المختلفة في مواجهة الشعب الفلسطيني في كل مساحة الضفة، التي يقف فيها وحده قي الميدان بجرأة وشجاعة مع الفارق الشاسع جدا في ميزان القوى المادي، فإن سلطة رام الله لم تكتفي بالتخلي عن دورها باعتبارها صاحبة الولاية القانونية على الشعب في الضفة بحمايته والدفاع عنه، وإنما ساوت بالمعني السياسي والفكري بين عدوانية الكيان وقطعان مستوطنيه على مواطني الضفة وبين حق الشعب الفلسطيني في مدن الضفة المختلفة بالدفاع عن نفسه وعن وطنه ومقدرات شعبه وكرامة الشعب الفلسطيني أينما كان.باعتباره عنفا متبادلا.!!

ووفقا لهذا التوصيف المبتذل سياسيا وفكريا قامت أجهزة أمن سلطة رام الله بالتوازي مع حرب جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني في جنين ونابلس وطولكرم وغيرها من المدن، بتنفيذ اعتقالات للمقاومين للاحتلال ممن يدافعون عن مدنهم من عدوانية جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه. وهي سياسة اتسعت مؤخرا لتطال الناشطين من طلاب الجامعات في الضفة في تناغم وضمن إيقاع واحد مع حملات الدهم والاعتقال التي يقوم بها جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية.

ويبدو أن الاستخبارات الإسرائيلية: لا تتجنى عندما نقول إن السلطة في رام الله موجودة للقيام بالأعمال القذرة نيابةً عن الاحتلال ومنفصلة عن الواقع، ولذلك فنحن لا نتصور والحال هذه أن موافقة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على استلام السلطة عبر الأردن مجموعة من المصفحات والأسلحة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وخاصة أجهزة “الأمن الوقائي”، و”الأمن الوطني”، وكذلك الشرطة، من أجل الدفاع عن الشعب في مواجهة جيش الاحتلال، وإنما جاء هذا الدعم الأمريكي لقوات أمن السلطة وبموافقة الكيان لتعزيز دور السلطة القذر.

والمفارقة أن سلطة رام الله، لا تداري أو تخجل بالمعني الوطني من التأكيد على أن هذه المصفحات والأسلحة ستستخدم فيما قالت عنه “تطبيق القانون والنظام” في المناطق الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية. وتطبيق القانون والنظام في مفهوم سلطة أوسلو، هو قمع كل أشكال الرد على عنف وجرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية.

يل إن هذه الأسلحة جاءت نتيجة تحريض من قبل مسؤول التنسيق الأمني، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، الذي اشتكى خلال اجتماعات عقدها مع الجانب الأميركي أكثر من مرة، أن السلطة غير قادرة على مواجهة الخلايا المنتشرة بكثافة في جنين ونابلس وطولكرم. وبناء على ذلك وكي تقوم السلطة بدورها الوظيفي حسب ملحقات اتفاق أوسلو الأمنية، أعلن الجانب الأميركي عن تفهم مطالب السلطة بهذا الخصوص ولذلك عمل على تزويدها بالعتاد اللازم، سواء المصفحات أو الأسلحة الأوتوماتيكية الحديثة المزودة بالليزر لاستخدامها في عمليات الاقتحام والاشتباك مع الخلايا المسلحة.

ومن ثم فإن هذه الأدوات ستكون أدوات قمع وقهر لا دفاع عن الشعب في مواجهة تغول جيش الاحتلال، وممارسات سلطة الاحتلال في الضفة الغربية، الذي وصفها رئيس الموساد السابق أن ما يمارسه الاحتلال في الضفة هو نظام فصل عنصري.

ونعتقد أن هذا الدعم النوعي لأمن السلطة يشكل تطورا نوعيا، ارتباطا بكمية وكيفية تسليح أجهزة السلطة ، يشير إلى أن هناك دورا جديدا للسلطة يتجاوز التنسيق الأمني إلى مشاركة الاحتلال في قمع مواطني الضفة مستندا إلى دعم أمريكي وصهيوني وأردني، وهو الدور الذي دعا إليه حسب مصادر فلسطينية مطلعة الرئيس عباس أثناء ترأس سلسلة اجتماعات أمنية موسعة في مقر الرئاسة برام الله، خلال الأسبوعين الأخيرين، بأن طلب من تلك الأجهزة الضرب بيد من حديد ضد كل الخلايا المسلحة التي تعمل برأيه على هدم المشروع الوطني وإضعاف السلطة وإظهارها أمام الجانبين الأميركي والأوروبي بأنها عاجزة.

ونعتقد أن توجيه الرئيس عباس لأجهزته “الضرب بيد من حديد” أن السلطة ستلجأ لسياسة كسر عظم مع المقاومين تحت ذريعة “تطبيق القانون والنظام” ، وهي بالتأكيد لم تكن لتجرؤ على ذلك دون دعم أمريكي وصهيوني وأردني، وهذا يعني أن السلطة ذاهبة إلى مواجهة مفتوحة مع خلايا المقاومة في الضفة الغربية بحواضنها السياسية والشعبية، وفق تفسير أمر الرئيس ” الضرب بيد من حديد” ، وهذا مؤشر على أن قواعد اللعبة في الضفة قد تتغير بشكل جذري إن على صعيد الاصطفاف الوطني الفلسطيني، أو على كيفية مواجهة هذا المتغير المتوقع حسب المعطيات في سلوك السلطة، الذي يمكن توصيفه للأسف بأنه سيكون “صهيونيا بامتياز”.

ومع ذلك نأمل أن لا تنزلق السلطة بأجهزتها الأمنية إلى ذلك المستوي، بأن تقبل أن تكون أداة في يد الاحتلال، وأن تقوم حسب الاستخبارات الإسرائيلية بالأعمال القذرة نيابةً عن الاحتلال.

إغلاق