ماذا يعني القبض على متسللين إلى غزة يتبعون لماجد فرج؟

ماذا يعني القبض على متسللين إلى غزة يتبعون لماجد فرج؟

رام الله – الشاهد| كتب بكر السباتين.. وزارة الداخلية في غزة تعتقل مجموعة من “المتسللين” الذين أرسلهم (مدير جهاز المخابرات العامة في رام الله اللواء) ماجد فرج إلى غزة عبر مصر بالعشرات؛ لتنفيذ الأجندة الإسرائيلية في القطاع، بمباغتة المقاومة من الخاصرة وإثارة البلبلة والفوضى الهدامة، توطئة لحرب أهلية يصبو نتنياهو إلى تحقيقها.

وجاء في بيان الداخلية المنشور على “قناة الأقصى” على تطبيق تلغرام : “تسلل إلى منطقة شمال غزة عدة ضباط وجنود يتبعون لجهاز المخابرات العامة بمهمة رسمية بأوامر مباشرة من فرج، بهدف إحداث حالة من البلبلة والفوضى في صفوف الجبهة الداخلية، وبتأمين من جهاز الشاباك الإسرائيلي وجيش العدو بعد اتفاق تم بين الطرفين في اجتماع لهم بعاصمة عربية الأسبوع الماضي.

وأضافت أن الأجهزة الأمنية في غزة اعتقلت عشرة منهم، وتم إفشال المخطط الذي جاءوا من أجله، متوعدة في أنها “ستضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه أن يلعب في مربع لا يخدم سوى الاحتلال”.

ومن الطبيعي أن يدرجَ البيانُ تلك المجموعات في خانة الأعداء، مذكراً أن رجال الأمن ومقاتلي الفصائل المسلحة تلقوا تعليمات بمعاملة أي قوات تدخل قطاع غزة دون تنسيق معهم على أنها “قوات احتلال”

وهذا تحذير مبطن لكل دولة عربية قد تنخرط أمنياً في الأجندة الإسرائيلية لما بعد الحرب على غزة.

وترجح الشواهد على الأرض ما جاء في بيان الداخلية بناءً على موقف السلطة المتناقض مع نفسه رغم إصرارها على الإنكار.

فرغم تأكيد قيادة السلطة الفلسطينية يوم 18 أكتوبر الماضي على استمرار وقف التنسيق الأمني بسبب الحرب على غزة، إلا أن الجانب الإسرائيلي أكد أن التنسيق لم يتوقف أصلاً، بل تعزز منذ معركة “طوفان الأقصى” في وقت تعالت الأصوات حتى في حركة فتح للمطالبة بإعادة النظر في فكرة التنسيق الأمني، حيث أن استمراره قد يشير-في نظر الفلسطينيين-إلى أن أجهزة أمن السلطة تعتبرُ جزءاً من الشاباك ضمن استراتيجية “إسرائيل” في مواجهة حماس، سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو في قطاع غزة ما بعد الحرب.

وفي سياق متصل يقول الباحث رام كوهين رئيس قسم بحث العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في “معهد أبحاث الأمن القومي” التابع لجامعة تل أبيب: “حينما يكون الهدف هو القضاء على وجود حماس في قطاع غزة، يتعين على إسرائيل أن تعمل من أجل إنشاء سلطة فلسطينية فاعلة مدنياً وأمنياً، تكون قادرة على التعامل مع غزة على غرار نموذج الضفة، وهو مصلحة إسرائيلية قبل أن تكون فلسطينية”.

وهذا يفسر ما يقوم به مدير المخابرات ماجد فرج في غزة من محاولات وصفها مؤيدو المقاومة بالتخريبية؛ لضبط ساعة غزة على الإيقاع الإسرائيلي.

أي أن ما عجز الاحتلال عن تحقيقه عن طريق عدوانه على غزة، يسعى جاهداُ إلى تحقيقه عن طريق السلطة الفلسطينية، وتحديداً اللواء ماجد فرج من خلال إشعال حرب أهلية، يكون من شأنها أن تقوضَ سلطة حماس، وعزلها عن حاضنتها الشعبية، وتأليب الراي العالمي عليها بعد أن حظيت بتعاطفه، وتفكيك كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، وتهيئة الظروف لتقطيع أوصال القطاع والتحكم به وفق ما يحدث في الضفة الغربية، وبالتالي يعلن نتنياهو بأن الحرب حققت أهدافها المعلنة.
ويتوافق ذلك مع ما قالته هيئة البث الإسرائيلية (كان) في أن وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة مؤقتاً بعد انتهاء الحرب، وأن رئيس مجلس الأمن تساحي هنغبي التقى مؤخراً ماجد فرج بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

من جهتها أماطت القناة الـ14 الإسرائيلية اللثام عن وقائع الخطة على أرض غزة قائلة بأن “مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بدأ العمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة”.

وهذا يفسر علاقة روابط القرى بهذا المشروع الذي لم يخرج عن دائرة الرصد الاستخباري من قبل أجهزة حماس الأمنية، حيث سعت لجمع الأدلة التي تثبت تورط السلطة في هذه المؤامرة المخيفة.

وتجدر الإشارة إلى أن خطة ماجد فرج في غزة جاءت ترجمة لأهداف قمة النقب التي عقدت في مارس 2022، وتحولت إلى منتدى سنوي بمشاركة إسرائيلية عربية أمريكية، بهدف التصدي لما قيل بأنه تمدد إيراني في الشرق الأوسط وكون طهران تقدم الدعم المالي والعسكري والتقني لحركة حماس، وتقرر حينها تعزيز أجهزة أمن السلطة، من خلال رفدها بكوادر جديدة تتلقى تدريباتها في بريطانيا وأمريكا.

ووفق ما قالته هيئة البث الإسرائيلية (كان) فإن الطرف الإسرائيلي اقترح “أن يتولى ماجد فرج إدارة غزة بمساعدة شخصيات ليس بينها عضو في حركة حماس”. أي قدوم رجال السلطة بأجهزتها الأمنية على ظهور الدبابات رغم استحالة ذلك.

وهذا يؤكد نية “إسرائيل” التي كانت مبيتة في ضرب حماس إن عاجلاً أو آجلا، لولا مبادرة كتائب القسام بتوجيه ضربة إستباقية في السابع من أكتوبر الماضي، التي خلطت كل أوراق “إسرائيل” السياسية والأمنية والاقتصادية، بل وعزلت الكيان الإسرائيي العنصري عالماً، وعرّضت جيشه لهزيمة نكراء، اعترف بها جنرالات إسرائيليون، وأكد عليها رئيس وزراء “إسرائيل” الأسبق أيهود باراك.

وهذا يُذَكِّرُ بتقريرٍ لصحيفة وول ستريت جورنال، ديسمبر 2023، في أن مسؤولين أميركيين وفلسطينيين قالوا بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان طلب من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، توفير أفراد أمن يمكنهم تشكيل نواة للقيام بدوريات في غزة.
ونقلت الصحيفة عن هؤلاء المسؤولين أنه تمت مناقشة الخطة لإعادة تدريب 1000 ضابط سابق من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة، وما بين 3000 إلى 5000 آخرين في الضفة الغربية الذين سيعملون في غزة بعد الحرب.

ويبدو أن رهانات الإسرائيليين وسلطة أوسلو على نجاح ماجد فرج في غزة، تعتمد على قدرة الإعلام المتصهين على تسويق خطته، من خلال شيطنة المقاومة وعلى رأسها حماس، وتحميلها مسؤولية دمار غزة كونها لم تشاور بقية الفصائل في الأمر، ومن ثم تكرار هذه الأضاليل، حتى يتبرمج العقل العربي الباطني على أنها حقائق!
بعد ذلك يمكن الترويج لحق السلطة في إدارة غزة وإخراج حماس من المشهد وفق الرؤية الإسرائيلية اليائسة.

فحماس التي تتحكم بالوقائع على الأرض تحظى بتأييد جماهيري كاسح، حيث أظهر استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للدراسات المسحية في الخامس من مارس الجاري، أن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية سيحصل على 70% من الأصوات إذا ترشح ضد الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، الذي سيحصد 22% من الأصوات فقط.

فالوقائع على الأرض أصدق أنباءً من الجعجعة بلا طحن.س

إغلاق