عساف لـ”أهالي الضفة”: لماذا لا تتحركوا لوقف العدوان عن غزة؟
رام الله – الشاهد| وجه القيادي الفلسطيني عمر عساف سؤالاً مليئاً بالإحباط من حالة اللامبالاة والصمت التي تبديها جماهير الضفة الغربية تجاه حرب الإبادة المتواصلة منذ عام ونصف في قطاع غزة.
وقال عساف في مقال له: “هل شهد التاريخ الحديث ما نشهده اليوم؟ حرب إبادة جماعية تُمارس علنًا، تجويع ممنهج، منع دخول الغذاء والدواء وحاجات الإيواء، إعلان نية التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وتجدد العدوان قبل أيام ليستأنف شلال الدم، مئات الشهداء، تدمير المستشفيات، والتنصل من الاتفاقات الموقعة. ربما يكون هذا العدوان هو الأشد وحشية منذ الحرب العالمية الثانية، إذا ما قيس بعدد الضحايا نسبة إلى عدد السكان”.
وأضاف: “مع كل ذلك، ما زال بعضهم — وأرجو أن يكون قد استفاق — ينتظر سقوط المقاومة خلال أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، ليحل محلها، ويقطف ثمار العدوان على حساب دماء الشهداء، بعد أن راهن على عزلتها وعدم تدخل أحد لنصرتها. وللأسف، لم يكتفِ بالصمت، بل حمل في قلبه شماتة آثمة، بدأت همسًا وسرعان ما اتسعت، لتطال كل فصائل المقاومة الفلسطينية، وكل من ساندها أو تعاطف معها في الإقليم. هؤلاء رأوا أن أي إنجاز تحققه المقاومة هو تهديد لهيمنتهم وسلطتهم ومصالحهم، وكأنها معركة على الحكم وليست معركة وجود”.
وتابع: “من هنا، يصبح السؤال مؤلمًا ومشروعًا: لماذا لم تتحرك الضفة الغربية في وجه العدوان على غزة بمستوى التضحيات والتحديات؟ كيف استحال هذا الغياب إلى استثناء في التاريخ الفلسطيني؟ فقد اعتاد الشعب الفلسطيني أن ينتفض موحدًا حيثما كان العدوان، فما الذي تغيّر؟ وهل لهذا التراخي أثره على فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، وعلى الفلسطينيين في الشتات، خصوصًا في الأردن ودول الجوار؟ وهل أسهم ضعف التفاعل الشعبي في تقليل الضغط على صناع القرار، ومهّد لمشاريع التهجير؟”.
واستطرد: “هذه ليست حكاية ثور أبيض وثور أسود… بل قصة شعب، يُراد تفكيكه، وتفريغه من روحه، وتدجين وعيه، وتحويله إلى أفراد منشغلين بأنفسهم، عاجزين عن الإحساس بالجسد إذا اشتكى منه عضو”.
وبين أن المعطى الثابت الذي لا جدال فيه أن المشروع الصهيوني لا يستثني فلسطينيًا واحدًا، ولا موقعًا جغرافيًا من فلسطين التاريخية. في الداخل المحتل عام 1948، هناك “قانون القومية” العنصري، وفي غزة هناك حرب إبادة وتهجير وتدمير، وفي الضفة الغربية استيطان محموم تجاوزت أعداد مستوطنيه المليون، وتقسيمات عنصرية حولت الضفة إلى معازل (بانتوستونات)، والقدس تُفرّغ من أهلها وتُهوّد معالمها، في محاولة لجعل الفلسطينيين فيها أقل من 12% بينما هم الان حوالي 40%. تدنيس المقدسات وتكثيف الاستيطان والضم الزاحف لأراضي الضفة، خاصة الأغوار والقدس الكبرى، كلها ليست أحداثاً عشوائية، بل ترجمة لخطط صهيونية معلنة على لسان سموترتش وبن غفير ونتنياهو.
وشدد على أن الهدف واضح وهو تصفية القضية وإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني، عبر فرض أمر واقع على الأرض وتقسيم الضفة إلى “إمارات” محلية منفصلة، تمهيدًا لإنهاء السلطة كجسم مركزي، وإحياء شعارات هرتزل وجابوتنسكي التي لم تتغير: “إما أن يصبح الفلسطيني عبدًا، أو يُقتل، أو يُطرد من أرضه”.
وأوضح أنه مع هذه الوقائع، يصر البعض على دفن رأسه في رمال الوهم، ورفض رؤية المشهد كما هو. البعض يتذرع بالانقسام لتبرير العجز، متناسيًا أن هذا الانقسام ما هو إلا نصف المسافة بيننا وبين أوسلو. فهل كان حال القضية قبل عام 2007 أفضل؟ لقد تم تأبيد الحكم الذاتي المؤقت بدل إنهائه عام 1999، واليوم نجد أنفسنا أمام لحظة مصيرية حقيقية.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=86089