ما بدأ في غزة قد يغير العالم إن استمر وتصاعد
آخر تحديث :

رام الله – الشاهد| لا تزال تداعيات معركة طوفان الأقصى تتفاعل وتلقي بظلالها على العالم، وذلك في ظل التحولات الكبيرة التي أحدثتها، فأظهرت زيف المنظومة الدولية، وكشفت عور الأنظمة الغربية والعربية، فيما حشد شعوب العالم جمعاء تجاه الحق الفلسطيني.
واعتبر العديد من المختصين أن تلك المعركة والتي بدأت في غزة قد تغير العالم إن استمرت في حالة تصاعدية، فقد فهم المسلمون أنهم جزء من كل من ناحية الرغبة -والحاجة- لتغيير هذا العالم. فهمنا أننا بحاجة للتعاون مع آخرين لهزيمة الظلم (تخيل.. اكتشفنا أننا بحاجة لأناس من خارجنا لإقامة الدولة الإسلامية ولتحرير فلسطين !).
ولأول مرة، قضية مسلمة جداً.. بشعارات إسلامية جداً.. كانت هي الراية التي التف حولها وتعاطف معها دول وشعوب وأحزاب ومثقفون هم اصلاً يناضلون ضد الإمبراطورية الأمريكية منذ عقود.. لكنهم هنا وجدوك خير رائد وخير ملهم لهم!!.
والذي يجب أن يستمر: الفكرة ببساطة أن يتحول نضال المسلمين لطليعة مقاومة الامبراطورية الأمريكية الظالمة ومحور تغيير النظام العالمي. هذا معناه أن يكون المسلم في المقدمة، مقدمة العمل ومقدمة التنظير وفي مقدمة التضحيات.
ولكن في نفس الوقت أن يكون واسع الأفق ومتسامح ويتعامل مع الآخرين “رفقاء النضال” بهذه العقلية: عقلية الأخ الأكبر وعقلية “كنتم خير أمة أخرجت للناس”. تخيلوا نموذج حرب غزة ثم المظاهرات في الغرب وتجربة أسطول الحرية.
كلها أشياء بدأت بمسلمين دفعهم دينهم لتقدم صفوف الراغبين في إنهاء الظلم.. ثم انضم إليهم الكثيرون من غير المسلمين من اصحاب الضمائر ممن يدركون أن العالم يحكمه قوى ظالمة شريرة جداً تستعبد الكثرة لصالح القلة ولصالح امتيزاتها الخاصة.
بعكس ما نشأنا عليه.. كثيرين جداً جداً في العالم، خاصة المثقفين والنشطاء، يدركون حقيقة الظلم الذي يحكم العالم اليوم. هناك دول وشعوب كثيرة ما زالت سياط الاستعمار الغربي على أجسادها وما زالت قيوده تمنع تقدمها. وفي الغرب نفسه.. كثير من المثقفين والمتعلمين أصحاب الضمائر يرون الصورة واضحة ومستعدين للعمل من أجل التغيير. بل أزعم أن صورة الاستعمار الغربي وآلياته ونقاط قوته وضعفه أوضح عندهم مما هي عليه عند معظم المسلمين (والإسلاميين).
هم يحتاجون المسلمين، والمسلمين يحتاجونهم.. هم يحتاجوننا لأننا بعكسهم نمتلك الثقة بأن هناك بديل ممكن، كما أننا كمسلمين، بعكسهم.. نملك كثيراً جداً مما يبدو لهم كشيء لا عقلاني: استعداد غير مشروط للتضحية الدنيوية مقابل آخرة نراها ولا يرونها: تضحية مجنونة ضرورية لاختراق حصون هذه الامبراطورية المرعبة.
ومن ناحية ثانية نحن نحتاجهم لأن تكثير سوادنا ضروري. فارق القوة بيننا وبين الغرب -للأسف- أكبر مما يعتقده معظم الناس، ويزداد مع تقدم التكنولوجيا.
ثم أننا لن نستطيع هزيمة الامبراطورية دون مساعدة من داخلها.. المال والتكنولوجيا وحرية الحركة والإعلام موجودة هناك بأضعاف ما هي موجودة في أي مكان آخر.. أقل شيء يمكنهم أن يقدموه لنا من داخل الامبراطورية: هو أن يضغطوا عليها لتكف أذاها عنا.. أن تتركنا لنعيش ولا تجعلنا محور هواجسها المستخرجة من كتب التاريخ وقصص الصليبيين.
لم تكن فلسطين لتتحرر.. ولن تتحرر، ولن تتمكن شعوبنا من التحرر التام من الدكتاتوريات المدعومة من أمريكا.. بدون أن يحدث تغير كبير في النظام العالمي، نظام الامبراطورية الامريكية، أقوى امبراطورية ظهرت في تاريخ البشرية.
أجيال من الإسلاميين نشأت وهي تظن أن التغيير ممكن بالانعزال ومواجهة الجميع. نقيم دولتنا في زاوية من العالم ثم نتمدد ونقوى وهكذا…
لم ندرك من قبل شيئين مهمين:
1- الامبراطورية تحلم بك ليل نهار، ولن تغفل عن نهوضك المنعزل. فعداؤك كمسلم جزء من هويتها. ثم جاء الصهاينة واستخدموا الامبراطوية مطية لتعميق هذا العداء والتوجس.
فكرة مغافلة دولة كهذه لن تمر.. لن يسمحوا لك بالاستقرار والنهوض ثم التحرير.
2- لست وحدك من ظلمته هذه الامبراطورية ولست وحدك في العالم من يريد العمل للتغيير. حتى كثير من سكانها ملوا وأبغضوا نهجها.. هذا غير أنهم شعروا أنهم أيضاً تحت الاحتلال والتلاعب من قبل النخب المنتفعة.. هذا العداء من قبل امبراطوريتهم تجاهنا يضرهم أو على الأقل.. لا يرضيهم.
باختصار
معركة غزة (بغير اختيار من أهلها المساكين).. كانت جزء من شيء كبير.. شيء قد يغير العالم إن استمر.
الرابط المختصر https://shahed.cc/?p=95424