عباس يتجاهل الجميع ويواصل تدمير القضاء

عباس يتجاهل الجميع ويواصل تدمير القضاء

تجاهل رئيس السلطة الفلسطينية كل دعوات الحفاظ على ما تبقى من استقلالية القضاء وفق القانون الأساسي وعدم التدخل في شؤونه، بعد أن أصدر قانونين واصدر قرارات اقالة وتعيين لمجلس القضاء الأعلى.

وأصدر عباس اليوم الثلاثاء قرارات بترقية 34 قاضيًا، بزعم أنه تم تنسيبهم من مجلس القضاء الأعلى الانتقالي الذي عينه عباس نفسه قبل أيام، ووضعه على رأسه المستشار عيسى أبو شرار.

وقال المستشار القانوني للرئيس علي مهنّا إن القرارات الرئاسية تقضي بترقية 13 قاضيًا من قاضي صلح إلى قاضي بداية، وترقية 13 قاضيًا من قاضي محكمة بداية إلى قاضي محكمة استئناف، وترقية 7 قضاة من محكمة استئناف إلى قضاة محكمة عليا.

وأضاف مهنا أن هذه القرارات تأتي في سياق “رؤية الرئيس لإصلاح القضاء”.

في المقابل، قال نائب رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامي جميل سرحان إن  أبو شرار كان قد تولى ذات المهمة “تعيين قضاة جدد” قبل ١٥ عام، وبدأ بتعيين قضاة جدد، لكنه مارس أثنائها التمييز في التعيين ضد قطاع غزة، ورفض تعيين قضاة نجحوا في مسابقات نزيهة.
وأضاف سرحان، وهو مدير الهيئة في قطاع غزة “ليس بمثله يتم الإصلاح، ومن مارس التمييز على أساس سياسي أو جغرافي لن يستطيع بناء جهاز قضائي سليم”

وكانت سبعة منظمات حقوقية فلسطينية رئيسية رفضت قرارات عباس وتدخلاته في سلطة القضاء، وأكدت أنها تنظر بخطورة بالغة إلى ما وصلت إليه أنماط التدخل في القضاء وشؤون العدالة، والمساس بالمبادئ الدستورية الراسخة في القانون الأساسي المعدل، في ضوء إصدار الرئيس عباس قرار بقانون رقم (16) لسنة 2019 بتعديل قانون السلطة القضائية وقرار بقانون رقم (17) لسنة 2019 بتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي بتاريخ 15/7/2019 ونشرهما في الجريدة الرسمية، لما يشكلانه من انزلاق خطير يمس بالشرعية الدستورية ولاسيما مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية، ومرتكزات الحكم الصالح، الأمر الذي يُفقد الحقوق والحريات العامة أوجه الحماية القضائية، التي تتطلب سلطة قضائية مستقلة تحتكم في تشكيلها ووظائفها إلى القانون ومبدأ المشروعية دون سواه.

وينحو الفقه والتشريع الدستوري الحديث إلى اعتبار مبدأ استقلال السلطة القضائية من أهم شروط الدساتير الديمقراطية، ومنحها ذات المكانة التي تتمتع السلطتان التنفيذية والتشريعية، بوصفها الذراع الحامية للحقوق والحريات العامة، ومبدأ سيادة القانون، الأمر الذي يتطلب تضمين الدساتير والقوانين القواعد التي تكفل الاستقلال ومتطلباته، من خلال إرساء دعائم تنظيم دستوري وقانوني خاص يضمن حماية استقلال السلطة القضائية من الناحية الإجرائية المُتصلة بتشكيلها، ومن الناحية الموضوعية المُتعلقة بوظيفتها. وهو الأمر الذي استجاب له القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور المؤقت) من خلال المواد الدستورية (97، 98، 99، 100).

ويتطلب مبدأ سمو الدستور التزام التشريعات العادية بأحكام ومقاصد التشريع الدستوري وعدم مخالفته، الأمر الذي يفرض على المشرّع العادي (السلطة التشريعية) توخي أقصى درجات الحيطة لدى قيامه بسَّن التشريعات، وينسحب الأمر أيضاً، من باب أولى، على التشريعات الاستثنائية (القرارات بقانون) التي تصدر في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، وفي حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، على اعتبار أنها تتمتع بذات القوة القانونية التي تحملها القوانين العادية، لكنها ليست قوانين، وإنما قرارات من السلطة التنفيذية لها قوة القوانين، ويصبح الأمر مدعاة لمزيد من الحيطة حين تتعلق المسألة؛ بالسلطة القضائية، التي اعتبرها القانون الأساسي الفلسطيني من المسائل الدستورية التي أفرد لها تنظيماً خاصاً ومُغايراً عن المسائل الأخرى.

وقالت المنظمات الحقوقية إنه تابعت قيام السلطة التنفيذية بتعديل قانون السلطة القضائية وحل مجلس القضاء الأعلى وكافة هيئات المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، وتشكيل مجلس انتقالي بصلاحيات واسعة ومفتوحة ودون معايير أو ضوابط.

وأكدت المنظمات أن التدهور المستمر في أوضاع السلطة القضائية، كما السلطة التنفيذية وحل السلطة التشريعية، يكمن في استمرار الانقسام السياسي الفلسطيني وتداعياته، وعدم الالتزام بأحكام قانون السلطة القضائية، وليس في قانون السلطة القضائية ذاته، بل في للهيمنة سعي السلطة التنفيذية برئاسة محمود عباس على القضاء وشؤون العدالة، ومخالفات السلطة التنفيذية المتكررة للقانون الأساسي والمبادئ الدستورية.

إغلاق