التنسيق الأمني .. وظيفة السلطة المقدسة للاحتلال ومستوطنيه

التنسيق الأمني .. وظيفة السلطة المقدسة للاحتلال ومستوطنيه

رام الله – الشاهد| التنسيق الامني، قد يبدو هذا المصطلح للوهلة الاولى مرتبط بتحقيق إنجاز أمني عند أي دولة من دول العالم، وقد لا يبدو للمواطن الفلسطيني سوى مزيد من الخيانة والعمالة والارتهان للاحتلال، والتي تتستر خلف هاتين الكلمتين القصيرتين.

 

فمنذ أن وقعت السلطة اتفاق أوسلو مع الاحتلال، كان للجانب الأمني حصة الأسد في الالتزامات الواجبة على السلطة كطرف موقع على الاتفاقية، وقامت السلطة على إثر ذلك بتنفيذ كافة الواجبات الامنية وبأكثر مما يطلبه الاحتلال.

 

هذه الالتزامات أوجبت على السلطة أن تعمل كوكيل أمني يحفظ امن الاحتلال، ويمنع أي محاولة لاستنهاض المقاومة في الضفة، سواء كانت من حركة فتح أو أي فصيل آخر، وهو ما تبدي جليا في سلوك السلطة باعتقال المقاومين وتسليمهم للاحتلال، وبعضهم من فتح، وإرجاع المستوطنين والجنود الذين يدخلون الى مدن الضفة.

 

 

بودي جارد للمستوطنين

وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء الماضي، مقطعاً مصوراً لسيارات أمنية فلسطينية تقوم بتأمين خروج مستوطن إسرائيلي دخل مدينة الخليل بطريق الخطأ.

 

ودأبت أجهزة السلطة على تأمين وتسليم المستوطنين الذين يدخلون المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وذلك على الرغم من الاعتداءات اليومية لأولئك المستوطنين وبحماية من جيش الاحتلال لهم.

 

 

 

وكانت صحيفة "اندبدنت" البريطانية سخرت قبل أيام، من سوك السلطة المتماهي تماما مع متطلبات أمن الاحتلال، قائلة في تقرير موسع نشرته إن "العقيدة الأمنية الجديدة للسلطة أصبح مركزها داخلياً وليس خارجياً (إسرائيل) على عكس حركات التحرر الوطني".

 

عقيدة أمنية فاسدة

وذكرت أن "المؤسسة الأمنية تحوّلت إلى "حامية لمشروع سياسي يقوم على التسوية السياسية مع (إسرائيل) على الرغم من فشل ذلك المشروع"، إضافة إلى أن رجال الأمن "أصبح همهم حماية النظام كما تفعل الأنظمة السلطوية، لكن في ظل دولة تحت الاحتلال".

 

ونتيجة لطبيعة المجتمع الفلسطيني الذي يضع هذا السلوك في خانة الخيانة والانقياد للاحتلال، دأبت السلطة على الادعاء بان التنسيق الامين ما هو الا محاولة لتذليل العقبات التي تواجه المواطنين والتي ترتبط في بعض جوانبها بموافقات من الاحتلال.

 

ووصلت عبثية المشهد الامني الفلسطينية الى درجة ان تخدع السلطة الشعب الفلسطيني بادعاء وقف التنسيق الامني مع الاحتلال خلال أزمة احتجاز الاحتلال لأموال المقاصة نهاية العام الفائت، لكنها هذا الادعاء لم يصمد أمام تجليات الواقع الذي يشير ال أنه العمل الامني المشترك مع الاحتلال كان مستمرا.

 

مواقف من ورق

هذا التلاعب بالمواقف الذي تمارسه السلطة كشفت عنه صحيفة "هارتس" الإسرائيلية، التي أكدت أن السلطة عادت للتنسيق الأمني مع جيش الاحتلال بدون أي تحفظات أو شروط، وبمجرد أن شعرت أن وقف التنسيق الأمني أو تخفيف حدته قد يؤدي لاندلاع انتفاضة تطيح ببقايا جيفة مشروع السلطة القائم على حفظ امن المحتل.

 

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، قد أعلن في حينه، عن عودة العلاقات مع الاحتلال بما فيها التنسيق الأمني، واصفا ذلك بأنه انتصار كبير للرئيس محمود عباس.

 

عراب التنسيق المقدس

عباس الذي ينظر إلى التنسيق الأمني على أنه أمر مقدس، وهو لا يخجل من ذلك، بل صرح بذلك في اكثر من مرة، وكان يكرر دائما أنه لن يتورع عن سجن وملاحقة بل وقتل كل من يفكر في مقاومة الاحتلال.

 

 

ولم يقتصر التنسيق الامي على ممارسة دور كلب الأثر للاحتلال ضد النشطاء الفلسطينيين، بل تعداه ممارسة دور حقيقي في ملاحقة وتسليم المقاومين للاحتلال من خلال سياسة الباب الدوار، إذ اعتقل الاحتلال اثنين من قادة كتائب شهداء الأقصى في مدينة نابلس، مطلع هذا العام، بعد أيام قليلة من خروجهما من سجون السلطة الفلسطينية إثر اعتقال استمر نحو عشرة أعوام.

 

والمعتقلان هما مؤيد الالفي "أبو وائل" وعماد الشامي "ابو اسلام"، وكلاهما من نابلس  ويتهمهما الاحتلال بممارسة أنشطة مقاومة وتنفيذ عمليات أدت لمقتل إسرائيلي عام 2009، حينما اعتقلتهما السلطة، ومكثا في سجن جهاز الاستخبارات العسكرية بنابلس مدة عشرة أعوام، ثم أفرج عنهما لتسلمهما الاحتلال في بعد.

 

ولا يبدو في الأفق القريب أي بوادر يمكن أن تدفع السلطة للتخلي عن دورها الامني، بل إن الواقع يشير الى أنها سوف تزداد شراسة في قمع أي انتفاضة للشعب الفلسطيني، لكنها بذلك تحرق كل سفنها وهي من حيث تدري أو لا تدري تكتب نهايتها التي لن يرحمها الشعب عندما تحين.

إغلاق