هكذا فرشت السلطة البساط الأحمر لمستوطني الضفة.. عددهم الأعلى منذ “أوسلو”

هكذا فرشت السلطة البساط الأحمر لمستوطني الضفة.. عددهم الأعلى منذ “أوسلو”

رام الله – الشاهد| لم يكن الدور الوظيفي الذي رسمه اتفاق أوسلو للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية قبل 30 عامًا مجرد حبر على ورق، بل أنتج دورًا قذرًا في عمليات تأمين حماية للمستوطنين ما ضاعف أعدادهم في الضفة الغربية المحتلة.

أدوار السلطة تعددت على مدار عقود سواء بتوفير الأمن تارة وتارة بملاحقة المقاومين وتسليم معلومات عنهم حتى وصلت إلى تسريب العقارات للمستوطنين، في شراكة واضحة ببسط سلطات الاحتلال نفوذها الاستيطاني.

قوات الاحتلال بدورها أحكمت قبضتها على الضفة الغربية عبر 4 موجات في المنطقة المسماة (ج) ليشهد عدد المستوطنين تضاعفًا لأكثر من سبع مرات منذ توقيع اتفاق “أوسلو” عام 1993.

المحلل السياسي راسم عبيدات يقول إن الاحتلال مستمر ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية دوريًا في مستوطنات الضفة الغربية ويريد تدمير ومسح وجود غالبية القرى الفلسطينية وتهجير سكانها.

ويقول عبيدات إن الإدارة الأمريكية “الأم الحنون” لدول النظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن بما يشمل السلطة، ومعها دول الأتحاد الأوروبي يبيعوننا نفس الأكاذيب والأوهام والشعارات الخادعة والمضللة.

ويضيف: “منذ أعوام طويلة ونحن نعارض بناء المستوطنات والإستيطان لكن دون أي ترجمة لمثل هذه الشعارات الزائفة، بفرض أي عقوبة عملية على الإحتلال تلزمه بوقف بناء المستوطنات واحترام قرارات الشرعية الدولية”.

قيادة مدمنة على شراء الأوهام

ويكمل عبيدات: “قيادة السلطة تصرخ ليل نهار بقرارات الشرعية الدولية دون جدوى حتى أنها تشترط إنهاء الإنقسام وإقامة حكومة وحدة وطنية بالموافقة على قرارات الشرعية الدولية.. الاحتلال ماض بمشاريعه ومخططاته بتهويد الأرض وطرد وتهجير أبناء شعبنا”.

ويؤكد أنها “باتت قيادة مدمنة على شراء الأوهام والأكاذيب الأمريكية والأوروبية الغربية.. منذ أعوام يقولون إنهم سيعيدون فتح قنصليتنا بشرقي المدينة، لكن لا تتوفر الظروف المناسبة لذلك وإسرائيل تعارض ذلك”.

ويشير إلى أن “السلطة غائبة عن الوعي ومنفصلة عن الواقع.. وتتحدث عن “نصر عظيم” مؤزر لمجرد خطاب أو زيارة..ألم تشبعوا من شراء الأوهام والأكاذيب الأمريكية والأوروبية؟”.

المحلل السياسي عمر عساف يذكر بتراجع السلطة عن إدانة طرح قرار لإدانة الاستيطان في مجلس الأمن، مؤكدًا أنه عار ومقايضة للحقوق الوطنية مقابل رشاوى مالية أو سياسية.

رشاوى مالية

ويقول عساف إن مبررات السلطة في كل مرة بأنها نتيجة وعود أمريكية بتجميد الاستيطان لفترة زمنية “إسطوانة مشروخة”، متهمًا السلطة بـ”اللهو واللعب بالقضايا الوطنية”، خطورتها تتمثل بمضيها على ذات النهج.

ويضيف: “عودتنا السلطة ألا نثق بمواقفها، ودائما تتراجع أمام أي ضغط أمريكي أو إسرائيلي”، مؤكدًا أن السلطة “لا تريد الاستفادة من أخطائها وهي ماضية في سياسة التجاوب مع الاحتلال وأمريكا، ولا تريد التراجع عن نهج جلب الويلات للشعب”.

ويشدد عساف على أن السلطة تتلقى رشوة مالية عن مواقفها في كل مرة، فحصلت على 200 مليون شيقل حصيلة تعديلات الاحتلال على ضريبة الجسور “المعابر” مقابل عدم إدانة الاستيطان في الأمم المتحدة.

ويصف ذلك بـ”عار تقوم فيه بمقايضة الحقوق الوطنية مقابل رشوة مالية”.

ويستوطن الآن أكثر من 500 الف مستوطن بالضفة الغربية و250 ألف بالقدس، بمجموع تجاوز 750 ألف مستوطن، ما يشكل 7 أضعاف العدد الذي كان عليه الحال عام 1993.

موجات الاستيطان

المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان كشف عن أن منطقة “ج” كانت مستهدفة بالاستيطان منذ البداية، ومرّ ذلك بموجات ثلاث، ويبدو أننا على موعد مع مرحلتها الرابعة والأخيرة.

ويوضح المكتب ان الأولى هي فترة حكم حزب العمل بين 1967 – 1977، بإقامة 31 مستوطنة أهمها في منطقة “القدس الكبرى”، و”غوش عتصيون” ببيت لحم، وغور الأردن، فضلًا عن مستوطنة على أراضي القرى المدمرة (يالو، بيت نوبا، واللطرون).

وأما عدد المستوطنين، فقد ارتفع إلى 2876 مستوطنًا، كان التركيز على “غوش عتصيون” وغور الأردن ومنطقة “القدس الكبرى”، وبقية أنحاء الضفة أقامت “إسرائيل” مستوطنة واحدة فيها فقط.

أمّا الثانية فجاءت مع التحول الكبير في سياسة الاحتلال الاستيطانية بعد صعود اليمين المتطرف بقيادة مناحيم بيغن إلى السلطة وبعد التوقيع على اتفاق السلام مع مصر، بإقامتها نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات 35 مستوطنة تلاها 43 مستوطنة جديدة حتى نهاية الثمانينيات.

وأوضح أن الاعتداءات الاستيطانية تصاعدت في الفترة التي رافقت مفاوضات مدريد وواشنطن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يعد حرب الخليج الأولى عام 1991.

وبين أن حكومة اسحق شامير أقامت 7 مستوطنات جديدة، وارتفع عدد المستوطنين إلى 107 آلاف، لترتفع نسبتهم لـ 5,3% من المجموع العام لسكان الضفة وقطاع غزة.

وأما الموجة الثالثة، فكانت بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو فتواصلت الاعتداءات الاستيطانية، وجرى التوسع في الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية، وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية.

جاء ذلك خلافًا لما تضمنته الاتفاقية التي نصت على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وغزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي، وفق التقرير.

وتابع أن حكومات الاحتلال استخدمت الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني (منظمة التحرير) غطاءً سياسيًا لاعتداءاتها الاستيطانية حتى وصلنا إلى قبيل الانتخابات الأخيرة للكنيست عام 2022 إلى 158 مستوطنة في أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس يسكنها نحو 700 – 750 ألف مستوطن.

إلى جانب 15- 20 ألف يستوطنون في 200 بؤرة استيطانية أخذت تتحول مع مرور الوقت إلى حاضنة للمنظمات الإرهابية اليهودية، كمنظمات “شبيبة التلال” و”دفع الثمن”، وأخرى تطلق على نفسها اسم “تمرد”.

ووفق التقرير؛ فإنه ومع هذا التوسع والتمدد الاستيطاني لم يعد يجري الحديث عن مستوطنات سياسية (يمكن تفكيكها)، وأخرى أمنية حسب تعبير اسحق رابين، بل عن بنية استعمارية استيطانية على مساحة 600 ألف دونم، تشكل نحو 12% من مساحة الضفة، يضاف إليها نحو مليوني دونم.

وأما الرابعة (الحالية) من الاعتداءات الاستيطانية غير المسبوقة والمخططات الإسرائيلية الهدامة، فقد بدأت مع صعود اليمين الفاشي إلى الحكم في “إسرائيل” بعد الانتخابات الأخيرة للكنيست، التي جرت العام الماضي، وتستهدف رفع عدد المستوطنين في الضفة والقدس إلى نحو مليون مستوطن خلال العامين المقبلين.

يذكر أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية دون القدس كان عند التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى عام 1993 نحو 115000 ليرتفع عام 1999 إلى نحو 177411، وفي عام 2005 إلى 249901، وفي عام 2010 إلى 313,928، وفي عام 2015 إلى 388,285.

كما ارتفع في عام 2018 إلى 430,147 ليصل نهاية العام 2022 إلى أكثر من 500000 مستوطن، يسكنون في 158 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك 24 بالقدس.

بالإضافة لما يقارب 200 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية إسرائيلية غير قانونية يسكنها نحو 25 ألف مستوطن أغلبيتهم الساحقة من زعران “شبيبة التلال” و”تدفيع الثمن” الارهابيتين.

ويؤكد المكتب أن الأجندة اليومية للحكومة الفاشية والنازية الجديدة في “إسرائيل” تزدحم بالمشاريع والمخططات الاستيطانية الهدامة في إطار سياسة الحسم والضم، التي تعمل عليها بوتائر مرتفعة.

إغلاق