كتب عقل أبو قرع: دوامة ارتفاع الأسعار.. والحاجة الى التدخل

كتب عقل أبو قرع: دوامة ارتفاع الأسعار.. والحاجة الى التدخل

رام الله – الشاهد| كتب عقل أبو قرع: مرة أخرى، تعود وتضرب دوامة ارتفاع الأسعار وبقوة، وبالأخص اسعار الخضروات والفواكه، حيث تتراوح اسعار الكيلو غرام الواحد من البندورة أو الزهرة أو الخيار حول ال 10 شواكل، أي حوالي 3 دولار أمريكي.

وارتفاع الأسعار الحاد هذا والذي يتكرر بين الفينة والاخرى ربما لم يشعر به الجميع بعد، ولكن هناك عائلات فلسطينية كثيره، ربما قد خفضت استهلاكها اليومي من سلع أساسيه، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، والتي أسعار بعضها تضاعف أو يكاد في الايام الأخيرة في بلادنا.

ورغم الحجج التي تبرر ارتفاع الاسعار، والتي اعتدنا عليها في الماضي، وهي ارتفاع الاسعار في الاسواق العالمية واقتصاد السوق وارتفاع درجات الحرارة، الا أن الجشع والطمع والاستغلال هي من الأسباب الاخرى لهذه الاسعار، حيث تفوق الاسعار عندنا تلك التي في دول غنية أو متقدمة عديدة.

وهذا الواضع يستدعي تدخل الجهات الرسمية وعلى أعلى المستويات، وكذلك منظمات المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك، من خلال برامج وحملات عملية وبمخرجات واضحة، والجهات الرسمية وبالأخص وزارة الاقتصاد الوطني التي تتعامل مع هذا الامر.

وعليها التدخل وبشكل طارئ وعملي ويومي من أجل كبح الأسعار وإعادتها بشكل عقلاني موضوعي لتناسب سعر السوق أو التكلفة، وفي نفس الوقت محاسبة وبشده وبشكل علني من يتلاعب في حياة الناس، من التجار الجشعين، وبالتحديد التجار الكبار أو تجار الجملة الذين يستوردون ويحتكرون السلع.

وفي ظل هكذا وضع، نلحظ ان هناك نوعا من عدم اللامبالاة، عند التجار او عند الموردين او عند البائعين، سواء فيما يتعلق بنوعية القوانين الموجودة، او بإمكانية تطبيقها، او حتى بفعالية آليات المتابعة والرقابة والتفتيش من قبل الجهات الرسمية، او حتى بجدوى الالتزام ب لوائح الاسعار الاسترشادية او غيرها.

ان التاجر الذي يرفع سعر المنتج او الكيلو غرام بحوالي 5 شيكل، يعرف ان هناك احتمال قليل للمساءلة، وحتى وان تم إحالته الى القضاء او ان تم تقديم شكوى بحقة، فأن الحكم او الغرامة او العقاب، يمكن ان لا يتجاوز الـ 100 او الـ 200 دينار اردني، وفي ظل هذا التخبط، فأن من يدفع الثمن مرة اخرى، هو المستهلك وافراد عائلته، وبالأخص أن ارتفاع الأسعار يطال سلع أساسية للجميع.

وبالإضافة الى نوعية وفعالية القوانين، والى ضعف الرقابة والمتابعة، فأن المستهلك نفسه هو كذلك مسؤول ولو بشكل غير مباشر عن ارتفاع الاسعار، لان المستهلك يستطيع ان يلعب دورا هاما وبشكل عفوي وغير مباشر في التحكم بالأسعار.

وهذه نقطة مهمة لتبيان لماذا ترتفع الأسعار وبشكل كبير في اوقات معينة، وفي هذه الايام مثلا، وبالتالي فان اقبال المستهلك بشكل غير عقلاني على الشراء بسبب الخوف من مواصلة ارتفاع الاسعار، هذا الإقبال يفتح شهية التاجر، سواء أكان تاجر الجملة اي المزود او صاحب المحل على رفع الأسعار بشكل كبير وغير مبرر وغير مسؤول.

وفي ظل هذه الدوامة من الارتفاع المتكرر للأسعار، فإننا بحاجة الى مراجعة معمقة للقوانين التي تتعامل مع الأسعار وجودة المنتجات، وإننا بحاجة الى مراجعة آليات المراقبة والتفتيش والمتابعة وكيفية تحديد الأسعار الاسترشادية، وكذلك الى مراجعة لماذا لا يردع الواقع الحالي التجار من التلاعب بالأسعار ولماذا ما زال البعض يتصرف حسب المزاج والاهواء.

وكذلك اليس من الضروري اعادة دراسة آليات التواصل مع المستهلك، وفي أساليب متابعة شكواه، وكذلك في الاليات المتبعة، للإثبات له ان هناك جهات، سواء اكانت رسمية او غير رسمية تهتم به، وباحتياجاته وبشكواه، والذي يبدو انه حتى الآن غير مقتنع أو على الأقل لا يثق بجدوى وجود هذه الجهات.

وفي خضم هذا الوضع غير المطاف وبل المحزن للكثير، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي نحيا فيها، وفي ظل التداعي بأنواعه من السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وان تواصل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار وتوسع أو أصبح ظاهرة كما يعتقد البعض، وبدون تدخل فاعل وحازم من الجهات ذات العلاقة، بدعوى الحفاظ على مبادئ اقتصاد السوق، أو تماشيا مع تداعيات التغيرات المناخية الحالية، فأن هذا الوضع يتجه نحو تعميق وربما نحو الانفجار المجتمعي وبالأخص عند عائلات لا تستطيع الاستغناء عن سلع أو منتجات أساسية، وما لذلك من تداعيات وامتدادات.

إغلاق