التلاعب بالقوانين.. أداة عباس لانتهاك الحرية الشخصية عبر المحاكم

التلاعب بالقوانين.. أداة عباس لانتهاك الحرية الشخصية عبر المحاكم

الضفة الغربية – الشاهد| اعتبر الخبير القانوني فاتح حمارشة أن سلسلة قرارات بقوانين التي أصدرها رئيس السلطة زعيم حركة فتح محمود عباس وتناولت تعديل القوانين الإجرائية تمثل انتهاكاً صارخاً للحرية الشخصية وقرينة البراءة للأفراد أمام المحاكم.

وأوضح حمارشة في منشور له على فيسبوك: أن الفقرة ٤ من المادة ١٢٠ من الإجراءات الجزائية تنص على أنه (لا يجوز بأي حال أن تزيد مدد التوقيف المشار إليها في الفقرات الثلاث أعلاه على ستة أشهر وإلا يفرج فوراً عن المتهم ما لم تتم إحالته إلى المحكمة المختصة لمحاكمته).

وأضاف: "تلتها الفقرة ٥ من ذات المادة بنصها على أنه (لا يجوز أن يستمر توقيف المتهم المقبوض عليه في جميع الأحوال أكثر من مدة العقوبة المقررة للجريمة الموقوف بسببها).

واعتبر حمارشة أن الهدف من الفقرة ٥ هو تقييد مدة الستة أشهر باعتبارها المدة القصوى للابقاء على المتهم موقفا على ذمة التحقيق قبل احالته للمحكمة، بحيث ان كانت عقوبة الجريمة الموجهة للمتهم تقل عن ستة أشهر فلا يجوز توقيف المتهم مدة ستة اشهر على ذمة التحقيق متى كانت مدة العقوبة أقل من ستة أشهر، اذ تتقيد مدة التوقيف القصوى بمدة العقوبة.

وحذر من أن التعديل الذي جرى على الفقرة ٥ السابقة يعطي الصلاحية للابقاء على المتهم موقفا طوال مدة المحاكمة في الجرائم التي تضمنتها المادة ٦ من القرار بقانون المعدل للاجراءات الجزائية المعدلة للفقرة ٥ السابقة، بحيث قد تصل مدة التوقيف قبل صدور حكم الى مدة تصل الى ٢٥ سنة.

وأشار إلى أن التعديل خرج عن غاية النص الأصلية المتمثلة بحماية الحرية الشخصية عند الحبس الاحتياطي ليصبح النص جواز توقيف المتهمين الى ما شاء الله سواء عند الحبس الاحتياطي او بعد الاحالة للمحكمة.

وختم بالقول: "الجميع يدرك أن الهدف من التعديل هو أن تقوم المحكمة بتوقيف الأشخاص الموجهة لهم التهم التي تضمنتها المادة ٦ من التعديل طالما بقيت المحاكمة مستمرة، وأن يتم فهم النص على هذا النحو فقط".

وكان التعديلات التي أصدرها عباس بشأن القوانين الإجرائية أمام القضاء الفلسطيني، قد شملت تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وقانون الإجراءات الجزائية، وقانون البينات في المواد المدنية والتجارية، وقرار بقانون تشكيل المحاكم النظامية.

دولة بوليسية

واتهم "ائتلاف النقابة للجميع" رئيس السلطة محمود عباس بغصب السلطات العامة، وتكريس الدولة البوليسية، والتنكر للمعايير الوطنية والدولية التي أرست مبادئ وضمانات المحاكمة العادلة، محذرا من خطورة القرارات بقوانين التي أصدرها عباس والمعدلة لقوانين الإجراءات الجزائية وأصول المحاكمات المدنية والبينات وتشكيل المحاكم.

وشدد في بيان صحفي، على أن هذه القرارات لها آثار خطيرة على الحريات العامة وعلى وجه الخصوص الحرية الشخصية وقرينة البراءة وحق المتهمين بمحاكمة عادلة وحق الخصوم بعدالة ناجزة يتساوون فيها أمام القانون والقضاء.

وأشار الى أن من سيدفع ثمن هذا التغول والانتهاكات الجسيمة هو المواطن الفلسطيني المكبل بصلف وتفرد السلطة التنفيذية وغياب المؤسسات الرقابية الأصيلة وعلى رأسها المجلس التشريعي المنتخب.

تغول على القانون

وجدد تأكيد موقفه المبدئي والراسخ لنقابة المحامين بمعارضة استخدام نص المادة 43 من القانون الأساسي في التغول على الصلاحيات الأصيلة للمجلس التشريعي وغياب حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير في إصدار قرارات بقانون تقوض سيادة القانون وتكبل المجتمع وتعزز من سطوة السلطة التنفيذية وتفردها في إدارة الشأن العام دون رقيب أو محاسب".

وقال: "تطل علينا من جديد السلطة التنفيذية وأعوانها في مجلس القضاء الذي تم تنصيبه على ركام استقلال السلطة القضائية، بسيل من القرارات بقانون المعدلة لقوانين الإجراءات الجزائية وأصول المحاكمات المدنية والبينات وتشكيل المحاكم تحت ذريعة تسريع الفصل في القضايا ومواجهة الاختناق القضائي".

وأضاف: "في حقيقتها تكشف عورة النظام القائم وعجزه عن توفير مقومات الإصلاح القضائي وغياب الإرادة السياسية لتوفير هذه المقومات من موازنات وتعيينات قضائية ووظيفية والحاجة إلى تعزيز الشرطة القضائية وتوفير لوجستيات العمل على أرض الواقع، في ظل تضخم موازنة الأمن وتغولها على حساب موازنات باقي القطاعات الحيوية التي تدير مرافقا عامة".

وشدد الائتلاف على انه في ضوء ما تسرب من وثائق بهذه القرارات بقانون، فإنها تضمنت مخالفات جسيمة لمعايير المحاكمة العادلة، تقوض الرقابة القضائية على مشروعية التوقيف، وتنتقص من حق الدفاع، وتخل بمبدأ المساواة في التقاضي، وتعتدي على دور المحامين في الدعوى الجزائية والمدنية.

وحذر من أنها تجعل من هذا الدور دورا هامشيا وغير فاعل بتغييب دور المحامي في المرافعات الشفوية في الطعون القضائية أو بفرض جزاءات متعسفة على المحامين، وتفتح الباب على مصراعيه لتعسف القضاة في إدارة هذه الدعاوى".

إصلاح القضاء

وطالب بألا تكون العدالة الناجزة على حساب ضمانات المحاكمة العادلة وإنما يتوجب أن تكون ضمن سياقها ووفقا لما استقر في وجدان الشعوب المتحضرة من معايير رسختها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وتضمنتها نصوص القانون الأساسي.

وأكد أن إصلاح القضاء لن يتأتى إلا في سياق عملية شاملة تبدأ بتعزيز احترام سيادة القانون واستقلال القضاء وإعادة الحياة لمبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق اقتراع، ومن خلال عملية تشاركية تحترم أدوار ومكانة مكونات العدالة.

ودعا الى ان تكون هذه العملية عبر تشخيص موضوعي لمعوقات العدالة الناجزة وتشخص متطلبات الإصلاح الشامل للتغلب على الاختناق القضائي دون الانتقاص أو الاعتداء على معايير وضمانات المحاكمة العادلة وتحميل الخصوم والمحامين عبء فشل السلطة التنفيذية في توفير متطلبات إصلاح القضاء والعدالة الناجزة.

ودعا مجلس نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني والقوى والأحزاب الفلسطينية لمواجهة هذا التغول على الحقوق والحريات العامة، بدءا بفتح حوار مجتمعي لثني السلطة التنفيذية عن نشر هذه القرارات بقانون ووضعها موضع التنفيذ، وانتهاء بمواجهتها على المستوى النقابي والشعبي في سياق ممارسة المجتمع لحقه في التعبير والتجمع والدفاع عن حرياته العامة غير القابلة للتصرف والانتقاص منها.

إغلاق